تنطلق بالجزائر غدا الثلاثاء، جولة حوار بين فرقاء الأزمة الليبية يعد أيام من طي ملف الأزمة في الجارة الجنوبية مالي بتوقيع اتفاق سلام تحفظت عليه ثلاث حركات أزوادية عقب مفاوضات دامت ثمانية أشهر ضمن تحركات دبلوماسية جزائرية لتفكيك أزمات أمنية وسياسية في دول الجوار التي جعلت حدود البلاد تحت ضغط كبير. وأعلن رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري الأحد أن 15 شخصية سياسية بارزة ورؤساء أحزاب ومناضلين كبار في ليبيا أكدوا مشاركتهم في اجتماع للحوار بعد غد الثلاثاء بالجزائر. وقال لعمامرة، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، "ما يقارب 15 قائدا سياسيا بارزا ورؤساء أحزاب ومناضلين كبار معروفين على الساحة الليبية سيشاركون في اجتماع الجزائر الثلاثاء المقبل وسيتم تحديد المراحل المقبلة بالنظر إلى نتائج هذا اللقاء". وجاء إعلان عقد هذه الجولة من الحوار بين الفرقاء الليبيين بعد أشهر من تحركات سرية ومعلنة قامت بها الدبلوماسية الجزائرية للتقريب بين مواقف أطراف الأزمة بالتنسيق مع البعثة الأممية إلى جانب مشاورات مع عدة دول مؤثرة في الساحة الليبية أين استقبلت الجزائر عددا كبيرا من قادة الدول ورؤساء الحكومات والدبلوماسيين الأجانب لبحث الأزمة. وكشف رمطان لعمامرة، في تصريحاته، أن "الجزائر وبطلب من الليبيين أنفسهم استقبلت في سرية في الجزائر العاصمة طوال الأشهر الأخيرة ما لا يقل عن 200 فاعلا ليبيا". من جانبه أكد عبد القادر مساهل نائب وزير الخارجية الجزائري ومهندس هذه التحركات الجزائرية، في تصريح للإذاعة الحكومية الأسبوع الماضي، أن "هذا الوضع في ليبيا فرض علينا وعام 2011 تدخل الناتو والجزائر حذرت كل الشركاء من النتائج السلبية لهذه الخطوة على ليبيا وكذا على المنطقة ولكن لم يسمع أحد لنا". وشدد "لدينا حدود برية مع ليبيا بأكثر من 900 كلم وبالنظر للتعقيد التي تعرفه الأزمة فالأمر يرتبط أيضا بالأمن القومي للجزائر". وجاء فتح الدبلوماسية الجزائرية للملف الليببي بصفة رسمية بعد أيام من إعلان اتفاق سلام بين فرقاء الأزمة المالية بعد مفاوضات شاقة انطلقت شهر يوليو/ تموز الماضي بين حكومة باماكو والحركات السياسية والعسكرية في الشمال بوساطة دولية قادتها الجزائر. وكانت الحكومة المالية وحركات سياسية وعسكرية متمردة في الشمال وقعت يوم 28 فبراير/ شباط بالعاصمة الجزائرية بالأحرف الأولى على اتفاق سلام بين الجانبين في مفاوضات انطلقت شهر يوليو الماضي بوساطة دولية تقودها الجزائر وسط تحفظ من 3 حركات. وأصدرت تنسيقية الحركات أزوادية التي تضم ثلاث حركات مسلحة هي الحركة العربية الأزوادية والمجلس الأعلى لوحدة أزواد والحركة الوطنية لتحرير أزواد بيانا قالت فيه إنها "تطلب من الوساطة الدولية منحها الوقت والدعم اللازم قبل أي توقيع بالأحرف الأولى على هذا المشروع بهدف مشاركته مع شعب أزواد في غضون فترة زمنية معقولة". وينتظر أن يحدد لاحقا موعد بالتوافق بين الأطراف المالية للتوقيع النهائي على الإتفاق بالعاصمة باماكو حسب تصريح سابق لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة. وقال الخبير الأمني الجزائري أحمد ميزاب لوكالة الاناضول إن "التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام بين الأطراف المالية بوساطة جزائرية ليس حلا للأزمة في مالي ولكنه خطوة هامة نحو الأمام وبداية مشجعة لحل سياسي للأزمة". وتابع "هذه خطوة إيجابية لأنها رسمت الحل السلمي كمخرج للأزمة بدل المواجهة فضلا عن أنها لاقت إشادة من كافة الأطراف الدولية والمالية بما فيها تلك التي تحفظت على مضمون الإتفاق خاصة في ظل الوضع الأمني الصعب في منطقة الساحل التي تشهد تمددا لنشاط الجهاديين وفي مقدمتهم تنظيم بوكو حرام". وعن انعكاس هذا الاتفاق على التحركات التي تقوم بها الجزائر في الملف الليبي يقول ميزاب وهو رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة (غير حكومية) "بالتأكيد الاتفاق له انعكاس إيجابي كونه اظهر قدرة الدبلوماسية الجزائرية على الخوض في ملفات شائكة على غرار ملفي مالي وليبيا". وتابع "الجانب الإيجابي أيضا هو ان الطرح الجزائري حول ضرورة الذهاب لحل سياسي للأزمة الليبية دون تدخل خارجي يحظى بدعم داخل ليبيا وحتى من الدول المؤثرة في هذه الأزمة وهي نقطة إيجابية في حد ذاتها للخوض في هذا الملف المعقد". من جهته قال عمار جفال مدير مركز البحوث والدراسات في العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر لوكالة الأناضول ان "الجزائر مجبرة على التعامل مع هذه الأزمات في دول الجوار فهذه الأزمات إما أن نذهب إليها ونؤثر فيها وتجد الحلول وإما أن تأتي هي إلينا في شكل نازحين وتهريب السلاح والمشاكل الأمنية الأخرى". وأوضح "بالنسبة لازمة مالي التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق ليس حلا للأزمة يجب أن ننتظر ميدانية كيف تتصرف الأطراف المعنية به لنحكم عليه لذلك فنحن في بدابة الحل". وبالنسبة للازمة الليبية يقول جفال "يجب أن نكون واقعيين هذه الأزمة جد معقدة وتتداخل فيها عدة أطراف داخلية وإقليمية ودولية والوساطة لكي تنجح يجب أن يتوفر الوسيط على الحد الأدنى من الأوراق الضاغطة". وأوضح "فعلى المستوى الشخصي رئيس الجمهورية الذي يقود السياسة الخارجية للدولة مريض والكل يعلم ذلك وبالتالي فهو غير قادر على تقديم الكثير للملف كما أن حياد الجزائر في هذه الأزمة لا يكفي لكي تحقق وساطتها نجاحا فيها وبالتالي هنا نتساءل ما هي الأوراق التي يمكن من خلالها للجزائر التاثير في الأزمة؟". ويجيب ذات المتحدث "الأطراف المعنية بالأزمة لكي تساهم في تقدم المفاوضات يجب أن يتوفر الحد الأدنى من الضغط عليها وبالتالي هنا يجب معرفة حجم الدعم الذي تحظى به الوساطة الجزائرية من أطراف إقليمية مؤثرة في ليبيا لضمان تقدم الأمور وكمثال واقعي على ذلك فإن نجاح الأخضر الإبراهيمي في هندسة اتفاق الطائف عام 1989 لم يكن ليحدث لولا الدعم الذي تلقاه من المملكة العربية السعودية كطرف مؤثر في لبنان".