تل أبيب : تصاعدت الدعوات داخل إسرائيل لاستقالة وزير الداخلية إلياهو يشاي من حزب شاس في أعقاب الإخفاق في إخماد الحريق الهائل الذي شب في جبل الكرمل . وذكرت صحيفة "هآرتس" الأحد أن أعضاء كنيست من حزب العمل الشريك في التحالف الحكومي ومن حزبي كديما وميرتس المعارضين طالبوا يشاي بالاستقالة في أعقاب الإخفاق في إخماد النيران في الكرمل. ونقلت الصحيفة عن أعضاء الكنيست قولهم إن يشاي عرف كيف يطرح مواقف متشددة والحصول على ميزانيات لصالح شؤون قريبة منه ومن حزب شاس مثل ميزانيات لطلاب المعاهد الدينية والمباني الدينية لكنه لم يعمل بشكل مشابه لصالح قوات الإطفاء والإنقاذ. وأضافت هآرتس أن الحكومة الإسرائيلية صادقت في تموز/ يوليو الماضي على منح ميزانية بمبلغ 27 مليون دولار تقريبا لقوات الإطفاء رغم أن يشاي طالب بخمسة أضعاف هذا المبلغ ورغم ذلك فإن يشاي لم يعمل على تحويل هذا المبلغ إلى خدمات الإطفاء والإنقاذ. ونقلت الصحيفة عن قياديين في حزب العمل قولهم إن الخلل في أداء يشاي في مجال إخماد الحرائق ينضم إلى سلسلة من الخلل والتصريحات الظلامية التي أطلقها والاستنتاج الحتمي هو أن على يشاي تحمل المسؤولية والاستقالة من منصبه. وقال عضو الكنيست ايتان كابل من العمل إن القيمة الأخلاقية المناسبة هي أن يعود إيلي يشاي إلى بيته حتى لو لم يكن مذنبا في كل شيء لكن لا يوجد في إسرائيل اليوم مفهوم تحمل المسؤولية. ولفتت هآرتس أيضا إلى أن الإخفاق في إخماد الحريق الناجم عن النقص في وسائل إطفاء الحرائق لا يتحمله يشاي وحده لكون ذلك ناجم عن سلسلة من التقصير متراكمة منذ سنوات طويلة. وكتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سيما كدمون مقالا تحت عنوان "أيها الوزير يشاي، إذهب إلى بيتك". وأضافت "في دولة طبيعية كان أحد ما سينتحر أو يستقيل، وفي دولة طبيعية لكانت انطلقت دعوة شعبية منذ يومين تطالب بإقالة المسؤولين عن الإخفاق ، والبدء في تحقيق نظام في دولة العالم الثالث هذه المسماة إسرائيل". وتابعت كدمون "لكننا لسنا دولة طبيعية ولذلك فإن وزير الداخلية والوزير المسؤول عن خدمات الإطفاء والرجل المسؤول بفعل منصبه الوزاري عن هذا الإخفاق المخيف، يدعو بدون نقطة خجل إلى تشكيل لجنة تحقيق في الإخفاق بإخماد الحرائق". وفي المقابل ، دعا محللون إسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تحقيق السلام مع العرب لأن الحريق أثبت أن إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة الكوارث. وطالب كاتبان في "يديعوت أحرونوت" نتنياهو بالسعي للتوصل إلى سلام مع العرب، وكتب الصحفي أوري مسغاف أن الاستنتاج المحترق من الحريق المشتعل في الكرمل هو أنه من الأجدى لإسرائيل أن تسارع إلى صنع السلام فهي ببساطة ليست جاهزة لمواجهة كارثة. وأضاف "أمر مخيف التفكير في ما الذي سيحدث هنا في حال التعرض لهجمة صاروخية شاملة، ففي الماضي كانوا يهدئون من روع الجمهور عندما سقطت الصواريخ في منطقة مفتوحة، لكن في أعقاب فشل جهود إخماد الحريق يبدو أن إخضاع إسرائيل بواسطة إمطار رؤوس متفجرة على مناطق مزروعة بالغابات سيتبين أنه تكتيك فعال". وتابع مسغاف " رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش والمفتش العام للشرطة قادوا عملية إخماد الحريق دون فائدة فتخيلوا لو أنه تعين عليهم مواجهة خمسة أو عشرة مواقع مشتعلة في أنحاء البلاد وفي موازاة ذلك كان على قادة الدولة الانشغال بأمور أخرى غير الجباية المهينة لطائرات إخماد الحرائق من جهات الدنيا الأربع". وخلص إلى القول :" العزاء الوحيد في كارثة الحريق هي بالمساعدات السخية للدول العربية والأوروبية وبهذا يتضح أنه ليس العالم كله يكرهنا ويريد القضاء علينا ولذلك على إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة وصنع السلام والقيام بثورة في سلم أولوياتها وأولا طائرات إخماد حرائق ومعامل تحلية مياه وبعد ذلك طائرات قاصفة وشبح اف-35 وغواصات نووية". وفي السياق ذاته ، كتب المحلل السياسي في يديعوت أحرونوت شمعون شيفر "عندما يحلق الصاروخ الأول فوق رؤوس مواطني إسرائيل من جهة الشمال أو الجنوب ومن بعيد أو قريب فإن القيادة السياسية لن تستطيع الاعتماد على زعماء اليونان وقبرص وروسيا وهي بعض الدول التي قدمت مساعدات في إخماد حريق الكرمل". وأضاف " في حال نشوب حرب فإنه سيتعين على إسرائيل مواجهة الكوارث المتوقع حدوثها بوسائلها الخاصة وبالوسائل التي ستصل من أمريكا، والعبرة المقترحة أمام صناع القرار هي أنه من الأجدى البحث عن طرق لتحقيق اختراق سياسي مع الفلسطينيين وسورية والدولة العربية المعتدلة، وهكذا فقط سنتمكن من إخماد الحريق الذي قد يصيب مواطني إسرائيل". وتابع شيفر "إذا كان نتنياهو يرغب في تفكيك العبوات الناسفة والصواريخ الطويلة المدى الموجهة نحو أهداف في وسط البلاد من جانب حزب الله في لبنان ووقف الأسلحة المتطورة التي تزودها سورية لحزب الله عليه أن يقوم بعمل ما". ونقلت صحيفة "القدس العربى" عن شيفر القول أيضا :"على رئيس الحكومة دراسة احتمالات الحوار مع سورية بهدف التوصل إلى سلام معها، وإلا فإنهم لم يخترعوا بعد عصا الإطفاء التي تخمد النيران التي تنتشر في المستقبل في مدن إسرائيل". وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو واجه في وقت سابق دعوات بتحمل المسئولية عن حريق الغابات الهائل الذي أتى على 12 ألف فدان من الغابات والتهم ملايين الاشجار ودمر عشرات المنازل واسفر عن مقتل 41 شخصا فيما وصف بأنه الاسوأ في تاريخ اسرائيل. وطالب ساسة ومنتقدون باستقالة بعض المسئولين لفشلهم في السيطرة على الحريق كما خرجت انتقادات أيضا من داخل ائتلاف نتنياهو، حيث قال اسحق هرتزوج وزير الرفاه من حزب العمل الذي يمثل يسار الوسط لراديو جيش الاحتلال الاسرائيلي :"ينبغي ان نمعن التفكير على المستوى الوطني لنعرف كيف تمنى دولة متقدمة ومتطورة مثلنا بهذا الفشل الذريع". وفي حين بذل نتنياهو جهودا كبيرة لحشد مساعدات دولية ومتابعة جهود مكافحة الحريق ، استهدفت معظم الانتقادات وزير الداخلية ايلي يشاي الذي تتبعه مهمة الاشراف على قوات اطفاء الحرائق. وطالب كثيرون باستقالة يشاي من حزب شاس المتطرف وهو شريك رئيسي في الائتلاف الحاكم بسبب سوء اعداد جهاز الاطفاء الذي فشل في السيطرة على الحريق. وقال يارون ديكيل مقدم برنامج حواري شهير في راديو اسرائيل :"في بلد محترم يجب أن تعود الى منزلك بكل بساطة بعد هذا الفشل الذريع"، وذكر تحديدا اسمي يشاي ورئيس فرق مكافحة الحريق في اسرائيل. وعقد نتنياهو اجتماعا لحكومته الاحد في طيرة الكرمل وهي البلدة المنكوبة وتعهد باعادة بناء المنطقة باسرع ما يمكن . واستأجرت اسرائيل طائرة اطفاء عملاقة طراز بوينج 747 وصلت من الولاياتالمتحدة الاحد وعليها 21 الف جالون من الماء ومواد لاخماد اللهب. ودافع نتنياهو عن طلب اسرائيل مساعدة خارجية لمكافحة الحريق وقال:" كلنا نحصل على مساعدات من الاخرين. انه جزء من وجودنا كقرية عالمية". وجاءت المساعدة أيضا من مكان غير متوقع من الضفة الغربيةالمحتلة حيث ارسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثلاث سيارات اطفاء وطاقم اطفاء الى منطقة حيفا بعد محادثة هاتفية مع نتنياهو السبت. وذكر بيان اسرائيلي ان عباس عبر عن تعازيه لاسرائيل في القتلى الذين لقوا حتفهم في الحريق الخميس وكان اغلبهم من الضباط المتدربين من مصلحة السجون وكانوا في طريقهم للمشاركة في اجلاء 500 نزيل من سجن. وعلى النقيض من ذلك، نقل التليفزيون المصري عن اسماعيل هنية القيادي في حركة حماس القول إن الحريق عقاب من الله لاسرائيل .