ظهرت فى الفترة الأخيرة كتابة إن صح أن نطلق عليها كتابة أدبية جديدة لها جمهورها ودور نشر روجت لها بعد حصولها على أعلى أرقام توزيع بغض النظر عن المضمون ساهم فى قفزتها فى عالم المبيعات عوامل كثيرة منها طرق الاعلان عن هذه الكتب على شبكة الانترنت والتى تجتذب قطاع عريض من الشباب فى مراحل عمرية مختلفة . اختار أصحاب هذه الكتب هذه الوسيلة للتواص فيما يخص ابداعهم مع الأصدقاء بجوار العلاقة العادية وهم واثقون أن خطة التواصل هذه تحقق للبعض منهم آلاف المتابعين الذين لو حضر منهم نسبة ضئلة ربما تكون زخما جماهيريا فى حفلات التوقيع وهو ما اعتد به بعض دور النشر كنجاح الكتاب تجاريا وتحقيق أرقام توزيعية وهى مايترجم لمكاسب بيعية بالنسبة لهم . حول هذا النوع من الكتابة وتحديد هوية دور النشر فيها أقيمت ندوة فى ملتقى الشباب بعنوان " الكتابة الجديدة ودور النشر .. صياد أم فريسة " وأدارتها الدكتورة سهير المصادفة . الكاتب هانى الصاوى قال إن انتشار هذا النوع من الكتابة كان له أثر فى حراك أرقام المبيعات لبعضهم وهو ماساهم فى تسليط الضوءعلى مؤلفين دون النظر إلى محتوى مايكتبون ، لأن العملية مرحلية وتجارية خضعت للعرض والطلب خاصة أن صاحب دور النشر أهم مايصبو إليه هو الربح . وأضاف الصاوى : لكن فى النهاية يبقى الأدب الحقيقى هو الذى يفرض وجوده بل ويبقى مهما فات عليه الزمن وكثيرا سمعنا عن كتاب ممن يحسبون على الوسط الثقافى استمروا فترة زهو "مؤقت" فى أعمالهم الأولى وقرأ لهم المتلق الذى يعد هو المعيار الوحيد لنجاح العمل بشرط أن العمل منتج على الأقل جيد من الناحية الابداعية ولا يشوبه أى خلل لا يتفق مع الأدب الحقيقى وسيماته المتعارف عليها عالميا وعربيا . وكان هؤلاء الكتاب أكثر ذكاء فى تسويق أنفسهم باستخدام وسائل الاتصال المتاحة حاليا من مواقع التواصل الاجتماعى كفيس بوك وتويتر وانجسترام ولو بتغريدة أو بوست قصير على فيس بوك ينوه فيه عن العمل ولو بمقطع صغير فيتفاعل معه أصدقاءه ويروجوه ويكون خلال دقائق ملئ السمع والبصر ، وبعدها يلفت انتباه متابعية بحفل التوقيع وميعاده حتى يحضروا له . وبالفعل يكون حفل التوقيع على غير المتوقع فى كثرة عدد الحضور نتيجة الأسلوب الدعائى الجيد الذى قام به وتكون هناك أرقام كبيرة تترجم هذه الجماهيرة التى جاءت فى الأصل لمؤازرة صديقهم إلى أرقام مبيعات تقفز بالكتاب لآلاف النسخ المباعة فى حفل التوقيع وحدها .. وهو مايعنى تحقيق المكاسسب التى يبحث عنها صاحب دور النشر الذى ربما لايكون عنده لجنه لفحص المنتج الأدبى بشكل فنى وتقييمه على أساس موضوعى يتم بعده تحديد مدى صلاحية العمل للنشر أم لا . وعن دور النشر ومساهمتها فى تسويق الكاتب قال إنها تبحث عن المكسب المادى بالدرجة الأولى وتستشعر أن الكاتب سيحقق مبيعات أم لا بأدوات قياس جديدة تناسب المرحلة وأهمها صفحته التى يتفاعل بها مع أصدقاؤه على مواقع التواصل الاجتماعى وتأخذ من رقم المتابعين له مؤشرا تتوقع منه عدد الحضور المنتظر فى حفل التوقيع خاصة عندما يكون العمل الأول للكاتب . وهى مرحلة مهمة ومربحة جدا للدار كلما كان عدد متابعية على الصفحة التواصلية كبير فهو يعنى تحقيق أكبر قدر من المكاسب الممكنة وبأقل تكلفة فى ظل وجود شروط مجحفة من بعض دور النشر خاصة مع مؤلف الكتاب الأول . وهنا تكون مهمة دور النشر فى تحقيق مكاسب سهلة جدا ومضمونة تقريبا ولو باعت لمتابعى المؤلف فقط خاصة وأن أغلبها يشترط على صاحب المؤلف ألا يتقاضى أى أجر عن الكتاب وذلك كله مقابل النشر . ورأى الصاوى أن الكتابة الجيدة تفرض وجودها فى أى وقت وهى يتمتع بها أصحاب النفس الطويل وتدل على أن ممارسيها هم أصحاب موهبة حقيقية فى المجال الابداعى الخاص بالكتابة ، وهم القادرون على صنع الفارق بمنتجهم الأدبى المتميز والذى يظل عالقا فى ذهن قراءه دوما . وأوضح الصاى بأن أصحاب الكتابات الجديدة ربما يكون منهم جيدين واستحبوا تسويق أنفسهم لدور النشر بأى طريقة طالما فى النهاية مطبوعهم سيرى النور وهى اللحظة التى يحلم بها أى صاحب عمل أدبى أن يكون ما أنتج بين يدى قارئ ، لكن بعض منهم لا يعلم أن هذا القارئ ربما يقرأ له وربما تكون الأولى والأخيرة . وأشار الصاوى إلى أن هذا النوع من الكتابة فى حد ذاته بعيدا عن مضمونة يعتبر حراك ثقافى يتم تحديد كونه محمودا أم لا بعد وصول أهداف المحتوى للمتلق الذى يحكم بشكل نهائى على المنتج الأدبى وذلك بعيدا عن صديق للمؤلف جاء حفل التوقيع فقط ليجامله ويشترى نسخة من الكتاب وربما لايقرأه من الأساس . فالكتابة الأدبية صعب أن تجد من يجامل فيها طول الوقت حتى وإن كان على علاقة قوية بالمؤلف وإذا كان قارئا جيد حتما سيميز المنتج الجيد من الردئ وينحاز للعمل الأفضل بعيدا عن أى تعاطف مع صاحبة ليبقى الأدب الجيد فى النهاية هو من يصنع المتلقى ويجبره على الهرولة خلفة ليس من أى وجه سوى أنه منتج كتابى جيد يستحق البحث عنه واقتناءه ايمانا منه بارضاء رغبته فى العثور على عمل يضيف إليه كقارئ وليس مجرد كتاب اقتناه مجاملة لصديق . وأكد الصاوى أن الابداع الحقيقى هو مايبقى مهما كثرت ظاهرة الكتابة الجديدة ومهما بهرت طقوسها الوسط المهتم بها وتلعب دور النشر هنا دورا كبيرا فى تشجيعهم على الطباعة خاصة وأنها لاتخسر شئ إن لم تربح أموالا كبيرة جراء رعاية هؤلاء الكتاب وعدم الالتزام تجاههم بأى بنود مالية .