كشف تقرير أصدرته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، أمس، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أيه" استعانت بتجربة إسرائيلية للتهرب من المسؤولية عن تعذيب مشتبه في علاقاتهم بالإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على مدن أمريكية. ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء ففي عام 1987 شكلت الحكومة الإسرائيلية لجنة ثلاثية، برئاسة القاضي موشيه لاندو، للبحث في الأساليب التي تستخدمها أجهزة الأمن الإسرائيلية في استجواب معتقلين فلسطينيين مشتبه في علاقتهم بما تعتبره إسرائيل "إرهابا"، وذلك إثر انتقادات تم توجيهها إلى هذه الأجهزة. وخلصت "لجنة لاندو" إلى حظر استخدام التعذيب خلال الاستجواب، "باستثناء استخدام درجة معتدلة من الضغوط الجسدية" في حالات توصف بأنها أشبه ب "قنبلة توشك على الانفجار"، في إشارة إلى ضرورة الحصول على معلومات من المشتبه بهم لمنع اعتداء مدبر. وهو "الاستثناء" الذي استعان به مسؤولو وكالة الاستخبارات الأمريكية نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2001، في مواجهة استفسارات بدأ يطرحها آنذاك أعضاء في الكونجرس الأمريكي بشأن أساليب استجواب تعتبرها حكومات غربية ومنظمات غير حكومية "أساليب تعذيب"، وفقا لتقرير مجلس الشيوخ الأمريكي. وضمن المحامون في وكالة الاستخبارات الأمريكية "الاستثناء الإسرائيلي" في مسودة قانونية جرى تعميمها على محققي الوكالة، تشمل أساليب استجواب المعتقلين، وكيف يمكنهم الدفاع عن استعانتهم بتلك الأساليب خلال عمليات الاستجواب. وبحسب المسودة القانونية، التي كشف عنها تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي، فإن "مسؤولي سي آي أيه يمكنهم القول إن أسلوب (الاستجواب موضع المساءلة) كان ضروريا لمنع أذي محق وكبير وجسدي على أشخاص آخرين، حيث لا يوجد وسائل أخرى متاحة لمنع الضرر". وتابعت المسودة، المعنونة ب"استجوابات السجناء العدائيين: الاعتبارات القانونية لمسؤولي سي آي أيه، أن "الدول قد تكون غير مستعدة لمطالبة الولاياتالمتحدة بتوقيف التعذيب عندما يتعلق الأمر بإنقاذ أرواح الآلاف"، بحسب تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي. وأدان هذا التقرير، أمس، الوسائل التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في استجواب عدد من المشتبه بهم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ آيلول 2001، التي تبناها تنظيم القاعدة. واتهم التقرير، المؤلف من 499 صفحة وهو ملخص لستة آلاف صفحة، الوكالة بالكذب على البيت الأبيض، وقال إنها "قدمت معلومات ناقصة وغير دقيقة فيما يتعلق بفعالية برنامج الاستجواب الذي اتبعته مع المشتبه بهم". ومعلقا على نشر الملخص، الذي لم يكشف عن كافة وقائع التقرير الكامل، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في بيان صحفي، إن "صدور التقرير يؤكد مجدداً أن أحد نقاط القوة لدى أمريكا هو قدرة نظامنا الديمقراطي على الاعتراف بالخطأ وتصحيح المسار". ومضى كيري قائلا إن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما طوى صفحة هذه السياسات عندما تولى منصبه عام 2009 وفي الأسبوع الأول منع استخدام التعذيب وأغلق برنامج الاعتقال والاستجواب". ودعت الأممالمتحدة ومنظمات حقوقية دولية، بينها "العفو الدولية" و"هيومان رايتس ووتش"، الولاياتالمتحدة إلى ملاحقة قضائية للمسؤولين عن تعذيب المعتقلين.