قدم خالد علي، المحامي الحقوقي، إلى المحكمة الدستورية العليا، أمس السبت، طعن على قانون التظاهر الصادر من الرئيس السابق عدلي منصور، بعدما سمحت المحكمة في يوليو الماضي بتقديم الطعون إلى هيئة المفوضين لإبداء الرأي الدستوري بشأن القانون. ونشرت صحيفة «الوطن»، في عددها الصادر، اليوم الأحد، نص مذكرة الطعن، الذي استند إلى عدة نقاط، أولاها بعنوان «تطور الحق في التظاهر والتجمع في ظل الدساتير المصرية المتعاقبة»، بدءاً من دستور 1923 الذي لم تنص أي من مواده صراحة على الحق في التظاهر أو التجمع، ولكنه اعتمد على الحريات الأساسية الفردية، التي تمكنه من التظاهر، في الوقت الذي تضمن فيه دستور 1930 ذات المواد التي تضمنها دستور 1923 والمتعلقة بالحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير والحق في التجمع، في الوقت الذي نص فيه دستور 1956 صراحة للمرة الأولى، على «الحق في تنظيم المواكب والتجمعات» ونص في المادة 46 على أن «للمصريين حق الاجتماع في هدوء غير حاملين سلاحاً ودون حاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز للبوليس أن يحضر اجتماعاتهم، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون». وتطرق الطعن إلى ما نص عليه الإعلان الدستوري الصادر فى 8 يوليو 2013 فى أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ونصت المادة 10 من الإعلان على أن «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية غير حاملين سلاحاً، بناءً على إخطار ينظمه القانون»، في الوقت الذي شمل فيه دستور 2014 في المادة 73 التأكيد على حرية المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحاً من أي نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وجاءت النقطة الثانية فى مذكرة الطعن، مقارنة بين القانون رقم 114 لسنة 1923 الخاص بتنظيم التظاهر الذى صدر إبّان الاحتلال الإنجليزى وبين القانون الحالى للتظاهر، من حيث تقديم الإخطار وأسلوبه وموعده والمعلومات المتضمنة داخله. وتطرق الطعن إلى فترة رئاسة المستشار عدلى منصور -الرئيس الحالى للمحكمة الدستورية- للبلاد وظروف إصداره للقانون فى ظل امتلاكه السلطة التشريعية مؤقتاً فى غياب برلمان منتخب بعد حل مجلس الشورى وفقاً للإعلان الدستورى الصادر فى يوليو 2013، مشيراً إلى أن سماح المحكمة الدستورية بتقديم الطعن على قانون التظاهر، يعد ثانى قانون يُطعن عليه صدر فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور بعد قانون «الاستثمار». وطالب الطعن في مادته الثالثة بعدم صلاحية نظر المستشار عدلي منصور للقضية لأنه هو من أصدر القانون أثناء توليه شئون البلاد، وبالتالي ينطبق عليه نص البندين الرابع والخامس من المادة 146 من قانون المرافعات، فالبند (4) يجعل القاضى غير صالح لنظر الدعوى القائمة إن كان له مصلحة فيها، والبند (5) يجعله غير صالح لنظر الدعوى إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً، أو كان قد أدى شهادة فيها. وقالت المذكرة: «للمستشار عدلى منصور مصلحة فى أن تقضى المحكمة بدستورية تلك النصوص، والمصلحة هنا ليست مادية لكنها معنوية ومهنية، فكيف له وهو رئيس للمحكمة الدستورية العليا، أعلى هيئة قضائية بالبلاد، أن يصدر تشريعاً يتضمن نصوصاً غير دستورية. وتطرقت المذكرة فى نقطتها الرابعة للدفع بعدم ارتكان القانون على سبب صحيح لإصداره، ولم يمنح دستور 2014 فى مادته 156 السلطة التشريعية لرئيس الجمهورية إلا فى حالة عدم انعقاد المجلس إلا لو كان سبب عدم انعقاده هو انقضاء الدورة البرلمانية، أو حل البرلمان وليس نهاية دور الانعقاد، وهو ما يوضح أن الدستور الجديد رفع يد السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية وبالتالى عن السلطة القضائية ولم يمنح السلطة التنفيذية حق التشريع إلا فى حالة واحدة هى انقضاء الدورة البرلمانية أو حل البرلمان وبشروط حدوث ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، مؤكدين أن الإعلان الدستورى الصادر فى يوليو 2013 حين تطرق لمنح رئيس الجمهورية سلطة التشريع بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، فهو قول مردود عليه بأن رئيس الجمهورية المؤقت هو الذى أصدر الإعلان الدستورى المشار إليه، ويستمد منه صلاحياته، وهو الذى منح نفسه سلطة التشريع فكان الأولى به أن يكون شديد الحرص فيما يصدره من تشريعات، وألا يستخدم هذه الصلاحية إلا فى أضيق نطاق، ووفقاً لحالات الضرورة، وبما يتناسب مع كونه يدير شئون البلاد بشكل مؤقت فى مرحلة انتقالية شديدة الحساسية، وألا يجاوز ذلك بإصدار تشريعات تفتقد لركن السبب أو يتجاهل طبيعتها الجدلية التى تحتاج لبرلمان منتخب لحسمها وترجيح الرأى بشأنها. وفى النقطة الخامسة، قالت المذكرة إن المشرع حين وضع القانون وقع فى حومة الغلط البيّن فى التقدير، ومن ثم فإن الغلط البين فى التقدير يؤدى إلى بطلان التشريع وإن لم يتعلق الأمر بالانحراف فى استعمال السلطة التشريعية، ووقع المشرع فى تلك الحومة من خلال مادتى 8 و10 من قانون التظاهر، حيث نصت المادة الثامنة «على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تسيير موكب أو تظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة على أن يتم الإخطار قبل بدء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة بثلاثة أيام عمل على الأقل وبحد أقصى 15 يوماً»، وهو ما نراه يتنافى مع طبيعة الدعوة لتظاهرة، خصوصاً أن القانون لم يقصر حق التظاهر على الحقوق والحريات المتعلقة بالحقوق السياسية فقط كما كان فى القانون السابق رقم 114 لسنة 1923، بل تركها دون تحديد لتكفل للمواطنين حق تنظيم اجتماع عام أو تسيير موكب أو تظاهرة بخصوص بعض حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، فى الوقت الذى نصت فيه المادة العاشرة «لكل من وزير الداخلية أو مدير الأمن منع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها، على أن يبلغ مقدمو الإخطار بذلك القرار قبل الميعاد المحدد بأربع وعشرين ساعة على الأقل، إذا حصلوا على معلومات جدية أو دلائل عن وجود ما يهدد الأمن والسلم». وأوضح الطعن أن القانون أعطى السلطة الكاملة لوزير الداخلية أو مدير الأمن برفض أى تظاهرة بداعى ما يسمى تهديد الأمن والسلم، وهو تعبير فضفاض غير محدد يترتب عليه إهدار الحق فى التجمع والتظاهر. وجاءت النقطة السادسة بإهدار قانون التظاهر لمبدأ سيادة القانون، ونجد أن المشرع بإقراره للقرار بالقانون الطعين قد اعتدى على مبدأ المشروعية اعتداءً صارخاً، حيث اعتدى على حق المواطنين فى تنظيم تجمعاتهم وتظاهراتهم من خلال الإخطار كما نص الدستور على ذلك وغالى مغالاةً شديدة فى اشتراطات هذا الإخطار.