ما من شيء تُشير إليه الصغيرة "سارة عليان"، إلا ويكون حاضرا بين يديها، فالحقيبة المنقوشة عليها "سندريلا" باتت ملكا لها، وتلك المرسومة عليها "دورا" والثالثة "فلة"، أيضا من نصيبها. فما تُريده صاحبة العينين الخضرواتيّن، يتحول إلى "أوامر"، كما تقول أمها "دعاء" لوكالة الأناضول، فطفلتها ابنة الستة أعوام، والتي تستعد لدخول حياتها المدرسية، نجت من موت محقق بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. وأضافت الأم وهي تُلبسها الزي الخاص بالصف الأول الابتدائي، أنّ سارة أصيبت خلال الحرب، بكسر في يدها، وجروح في صدرها، وكادت تكون رقما في عداد قتلى العدوان الإسرائيلي. و تابعت "أصيبت ابنتي، في أول أسبوع من الحرب، جراء قصف مصنع بجوار منزلنا، وبقيت في المستشفى لأسبوعين متواصلين، الحمد لله أنها الآن بخير، أكاد أجن كلما أتذكر، كنت على وشك فقدها، العام الدراسي سيبدأ بعد أيام، وكل ما تطلبه من حقائب، وقرطاسية سيكون من نصيبها". وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن العام الدراسي الجديد في قطاع غزة سيبدأ في 14 سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد تعطله بفعل الحرب الإسرائيلية التي استمرت ل"51" يوما. وقالت الوزارة في بيانٍ تلقت وكالة الأناضول، إنها اتفقت مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، على بدء العام الدراسي الجديد في 14 من سبتمبر/ أيلول المقبل. وفي أسواق قطاع غزة، التي بدأت تستعيد عافيتها بعد الحرب الإسرائيلية، فتحت المحال التجارية، الخاصة ببيع "الزي المدرسي" أبوابها أمام الطلبة، وذويهم. وقال محمد أبو شمالة، لوكالة الأناضول وهو يفاضل بين زيين مدرسين، ليختار أحدهما لطفلته "هبة الله"، التي تستعد لدخول الصف الأول الإبتدائي، إنها عاشت 3 حروب. وتابع:" (هبة الله) في الحرب الأولى (2009) كانت عبارة عن جنين، وفي الثانية (2012) كان عمرها 4 سنوات، أي قسوة وعنف طالت أطفالنا، الآن مهمتنا أن نشتري لهم الزي المدرسة، ومستلزمات العام الدراسي، وإخراجهم قليلا من أجواء الحرب والقتل". وقال "وفا صقر"، صاحب متجر "المُنى" وهو من أكبر وأشهر المحلات المخصصة لبيع "الزي المدرسي" لوكالة الأناضول، إن حركة الشراء لا تزال خجولة. وأضاف:"نتحدث عن أقسى حرب، مرت على قطاع غزة، هذا الموسم هو الأصعب علينا كتجار للمدارس، هناك عائلات فقدت كل أبنائها، وهناك من يشعر بألم يمنعه من التسوق، في الأسابيع الماضية، كان من المفترض كما هو الحال في كل عام، أن تنتعش الحركة الشرائية، ويُسارع الأهالي برفقة أطفالهم وأبنائهم لانتقاء الزي المدرسي، لكن للأسف الحرب الإسرائيلية غيبت كل هذه التفاصيل". ويحاول "علاء بعلوشة" صاحب مكتبة "الطارق" لبيع القرطاسية ومستلزمات المدارس، أن ينسق أدوات مكتبته بطريقة فنية لاستقطاب الطلبة وذويهم. غير أن بعلوشة قال لوكالة الأناضول، إن العام الدراسي يمر قاسيا هذه المرة، ومؤلما، ويستدرك بالقول:"أذكر في شهر أغسطس، (آب الماضي)، كيف كانت الحركة، والمكتبة لم تكن تهدأ، اليوم الركود هو سيد الموقف، الحرب لم تعطل العام الدراسي، وحسب، بل عطلت كافة أجواءه". ومع انطلاق أجراس العام الدراسي الجديد، الأحد الماضي، في فلسطين، لم يتمكن طلبة قطاع غزة من البدء في دراستهم، نتيجة لتحول معظم مدارس مدينتهم، إلى مراكز إيواء، بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع. وكان من المقرر أن تفتتح وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، العام الدراسي الجديد (2014-2015) في الضفة الغربية وقطاع غزة، في ال 24 أغسطس/آب، إلا أنها أعلنت تعليق الدراسة في القطاع، بسبب الحرب الإسرائيلية وافتتحته في الضفة الغربية فقط. وحُرم نصف مليون طالب وطالبة في قطاع غزة، (من أصل مليون، ومائتي ألف طالب فلسطيني) من حقهم في التعليم، وبدلا من أن يتواجدوا في فصولهم الدراسية لتلقي العلم، كانوا فيها برفقة عائلاتهم نازحين. ووفق إحصائيات فلسطينية وأممية، فإن الحرب الإسرائيلية خلفت نحو 500 ألف نازح، من بينهم 300 ألف شخص يمكثون الآن في 85 مدرسة في غزة. وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، وهي الهدنة التي اعتبرتها فصائل المقاومة الفلسطينية في بيانات منفصلة "انتصار"، وأنها "حققت معظم مطالب المعركة مع إسرائيل"، ورحبت بها أطراف دولية وإقليمية. وتتضمن الهدنة، حسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، وقف إطلاق نار شامل ومتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات الإعمار. كذلك تشمل توسيع مساحة الصيد البحري إلى 6 أميال، واستمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى (الأسرى والميناء والمطار)، خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار. وجاءت هذه الهدنة، بعد حرب شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، واستمرت 51 يوماً، أسفرت عن مقتل 2145 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن تدمير الآلاف من المنازل، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية. في المقابل، قتل في هذه الحرب 66 جندياً، و4 مدنيين من الإسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، حسب بيانات إسرائيلية رسمية، فيما يقول مركزا "سوروكا" و"برزلاي" الطبيان (غير حكوميين) إن 2522 إسرائيلياً بينهم 740 جندياً تلقوا العلاج فيهما خلال فترة الحرب.