بعد نجاح ثورة 30 يونيو، وعزل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للرئيس السابق محمد مرسي, توافد المؤيدون والمتمسكون ببقاء الرئيس المعزول على ميدان رابعة العدوية واتخذوه مقرا لاعتصامهم حتى عودة شرعية الصناديق التي أتت بمرسي رئيسا للجمهورية. أثناء الاعتصام تكون تحالف من القوى السياسية المؤيدة لعودة الرئيس حمل اسم "التحالف الوطني لدعم الشرعية" واستمر المعتصمون حتى يوم الرابع عشر من أغسطس من العام الماضي. الاعتصام استمر لقرابة خمس وأربعون يوماً إلى أن قامت قوات الجيش والشرطة بفض الاعتصام بالذخيرة الحية, وراح الكثيرون من الأبرياء ضحايا لهذا الفض، وهو ما دعانا للتساؤل ماذا جنى الإخوان بعد عام من الفض؟، ومن كانت له الغلبة في النهاية؟، وما حجم المكاسب التي حازتها الجماعة إن كانت هناك مكاسب؟ عداء الشعب في البداية يقول القيادي الإخواني السابق الدكتور كمال الهلباوي إن الإخوان المسلمين لم يجنوا غير عداء الشعب لهم فخسروا حبه وتعاطفه بحساباتهم الخاطئة, ودخلوا في صراعات مع أجهزة الدولة ومؤسساتها وأساءوا إلى الجماعة بعدما اقترن اسم الإخوان بالإرهاب, هذا إلى جانب حل التنظيم وحزب الحرية والعدالة وانتهاء وجود الكيان السياسي الذي كان رمزاً لهم. يوضح أن الإخوان انصرفوا وراء ما أسموه بدعم الشرعية المنادي بعودة "مُرسي للكرسي" ولم يتبرأ الإخوان من تحالف دعم الشرعية الذي يضم السلفيين التكفيريين والجماعة الإسلامية المنتمي لها عاصم عبد الماجد الذي كان يقول "قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار" وها هو رجل منهم مستعد للقتل والاحتراب, وبالنسبة للمجتمع الدولي فقد استفاد الإخوان من نظام الحرية في بلاد الغرب لكسب تعاطف دولي معهم وأيضاً حاولوا الاستفادة من الأخطاء التي تقع من أي جهاز داخل مصر لتشويه صورة الدولة المصرية في الخارج. لم يتعلموا من الماضي الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، يرى أن الإخوان لا يتعلمون ولا ينسون شيئاً مما يحدث لهم، فلم يتعلموا شيئاً بعد مرور عام على حكمهم ولم يتعلموا شيئا بعد مرور عام على إقصائهم عن الحكم، وهذه هي مأساة الجماعة في عدم نسيان الماضي وعدم الفهم الصحيح لما يحدث. وقد فكرت الجماعة وخططت بحسابات خاطئة أن اعتصام رابعة سوف يعيدها إلى الحكم ثانيةً ولكن هيهات، فقد لفظهم الشعب نفسه وليس الجيش أو الشرطة وهذا هو ما لا يريد الإخوان أن يتقبلوه ولا يريدون أن يعلموا يقيناً أنهم قد خسروا شعبيتهم التي كانت قوية ومؤثرة وكل ما يريد أن يفهمه الإخوان ويودون أن يقتنع به الناس هو أن العداء مع الجيش والسيسي فقط، وهذه قراءة مغلوطة لمعطيات الواقع المعيش. يؤكد أن ابرز دليل على ذلك هو أن المجتمع الدولي يبحث عن مصالحه الخاصة ويتعامل مع أي نظام سياسي يحقق له هذه المطالب، فلا يوجد هناك ود أو تعاطف في حسابات السياسة, ولكن المصلحة تقابلها المصلحة. التعاطف الدولي كان هدفهم ويضيف المحلل السياسي الدكتور عمرو هاشم ربيع أن جماعة الإخوان كان هدفها من اعتصام رابعة كسب تعاطف الآخرين معهم في الداخل والخارج بحجة اضطهاد الدولة لهم من خلال قيامهم بعمل نوع من أنواع "البروباجاندا" والترويج لأنفسهم، وتقديم حالتهم للمجتمع الدولي على أنهم الضحايا والأبرياء. ويوضح أنهم استهدفوا بشكل واضح تشويه المناخ الموجود بعد الثلاثين من يونيو والتشكيك في النظام السياسي حينها, ولا ننسى بطبيعة الحال هذا التعاطف والتعاون الواضحين من جهة الجماعات التكفيرية والإرهابية معهم وقيامهم بعمليات تخريبية واستهداف أفراد القوات المسلحة والشرطة المدنية وإشاعة حالة من الفوضى في أرجاء البلاد, وأرى أنهم قد نجحوا في تحقيق بعض هذه الأهداف وليس جميعها وبصفة عامة لم يتمكنوا من العودة مرة أخرى إلى السلطة كما كانوا يحلمون. نافعة: ناشدت المرشد بفض الاعتصام أما الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يقول إن الإخوان قد خسروا كثيراً بعد استئصالهم من الحكم، وأهم ما خسروه هو الحاضنة الشعبية التي كانوا ينعمون داخلها بثقة كبيرة من جانب الشعب. يشير إلى أن الإخوان انتهجوا العنف واتبعوا سياسة الاستنزاف التي كانت خاطئة في مقابل سياسة الاستئصال التي أدارتها الدولة تجاههم، وهذا خطأ أيضاً من أخطاء النظام الحاكم بعد الثلاثين من يونيو حيث جعل الإخوان يتجهون إلى العنف كوسيلة للرد على أفعال النظام الذي عمد إلى الإقصاء الكامل لهم واستئصال التنظيم, وبعد الابتعاد عن الحل السياسي أو الفض السلمي للاعتصام وعدم قبول الجماعة بالأمر الواقع حدث ما حدث ولم يستفد الإخوان شيئاً ولم تحصد الجماعة مكاسب تذكر على أرض الواقع. يضيف انه ناشد في مقال له قبل الفض الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة بضرورة قيامه باتخاذ القرار الشجاع وفض الاعتصام بطريقة سلمية كي لا يخسر الحرب بأكملها, لأن الإصرار على مواجهة الدولة لن يؤدي إلا إلى الخسارة والخسارة الفادحة للجماعة لأنها لا تقوى على مواجهة الدولة. اقرأ فى الملف " ذكرى فض رابعة .. من سيدفع الثمن ؟" * مفاوضات ما قبل فض الاعتصام تكشف صدمة الإخوان وانفصامهم عن الواقع * عام على فض اعتصامي رابعة والنهضة .. والموقف الدولي لم يتغير * شهود عيان يكشفون ل«محيط» عن أسرار جديدة لفض الاعتصام * سياسيون : فض الاعتصام حقق هدفه.. وآخرون: قضا على المعارضة * خبراء : فض رابعة لم يحقق أهدافه والذكرى تزيد المشهد تعقيدا * تقارير "تقصي الحقائق" وثيقة إدانة للنظام أم شهادة حق لصالحه * قصة اعتصام ميدان رابعة وشهادة حية من قلب الميدان ** بداية الملف