قال محللون سياسيون فلسطينيون إنّ أسر كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لجندي إسرائيلي في قطاع غزة، والتطورات الميدانية المتلاحقة لفصائل المقاومة، هي من سترسم "سيناريو" التهدئة التي تدعو إليه حاليا العديد من الأطراف الإقليمية والدولية. ويقول طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية الصادرة من مدينة رام الله بالضفة الغربية، في حديث لوكالة الأناضول إنّ تكتيكات المقاومة شهدت تطورا لافتا في المواجهة الحالية مع إسرائيل، تختلف عن المواجهات السابقة. وتابع:" هذا التطور، الذي كان آخره أسر المقاومة لجندي إسرائيلي، يترك أثره العميق والمباشر على المستوى السياسي، ومن الطبيعي أن تترك نتائج المواجهة الدائرة، آثارها العميقة على السيناريوهات السياسية القادمة". وأكد عوكل، أن كل الحراك الذي يجري في الوقت الراهن لتثبيت اتفاق تهدئة، ووقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل، لن يكتمل دون أن تفرض معادلات الميدان، شروطها على المعادلة السياسية. واستدرك بالقول:" الآن اتفاق التهدئة ينبغي أن يكون مغايرا لما كان يجب أن يكون عليه في السابق، فإنجازات المقاومة ترسم المشهد السياسي، حتى وإن رفض كثيرون هذا المبدأ". وأقر الجيش الإسرائيلي رسميا بأن الجندي الذي لم يتمكن حتى الآن من تحديد مصيره هو أورون شاؤول، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أسر جندي إسرائيلي بنفس الاسم في غزة. وسيفرض الميدان الذي تقوده حركة حماس، والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة سيناريو التهدئة القادم كما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة "ناجي شراب". وأضاف شراب في حديث لوكالة الأناضول، أنّ المقاومة وبفضل ما أنجزته، على مدار الأيام الماضية، هي من تغير كل المعادلة السياسية. وتابع:" الآن هناك جندي أسير لدى المقاومة، ولا يمكن أن توقف إسرائيل إطلاق النار دون استعادته، وهذا لن يكون إلا بشروط المقاومة، ومن الممكن أن نرى تغييرا في بنود المبادرة المصرية لاتفاق التهدئة، بما يرضي المقاومة". وأكد شراب، أن المقاومة هي من تملك الورقة الرابحة، التي تجعلها قادرة على الخروج باتفاق تهدئة تتكفل برفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة. واستدرك بالقول:" كل المبادرات السياسية، لن يكون لها أي أثر عملي، دون أن يقول الميدان، كلمته، المبنيّة على إنجازات المقاومة وتكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة". وغادر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري القاهرة صباح اليوم الأربعاء القاهرة متوجها إلى تل أبيب لبحث وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، بحسب مصادر ملاحية في مطار القاهرة الدولي. وقالت المصادر إن كيري غادر القاهرة متجها إلى تل أبيب بعد زيارة استمرت 3 أيام عقد خلالها سلسلة من اللقاء مع عدد من المسؤولين في إطار جهوده الرامية الى إنهاء الوضع الحالي في غزة والتوصل لوقف لإطلاق النار. وأضافت المصادر أن كيري عقد سلسلة لقاءات مكثفة في القاهرة شملت بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة (الذي كان في القاهرة أول من أمس)، ووزير الخارجية سامح شكري، ونبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، كما استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وشهدت القاهرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من يوليو/تموز الجاري سلسلة من الزيارات لمسؤولين غربيين ودوليين لبحث وقف إطلاق النار في غزة ومتابعة الاتصالات والمشاورات التي تجريها مصر مع الأطراف العربية والدولية بشأن المبادرة المصرية المقترحة للتهدئة. وفي ال14 من الشهر الجاري، طرحت مصر، مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة تنص على وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، وفتح المعابر، وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض. وفي الوقت الذي رحبت فيه أطراف إقليمية ودولية عدة، بالمبادرة المصرية، أعلنت حركة حماس أنها لن تقبل بأية مبادرة لوقف إطلاق النار، "لا تستجيب سلفا للشروط الفلسطينية". ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة "هاني البسوس" إنّ المقاومة في قطاع غزة، استطاعت بفضل إنجازاتها أن تتبنى مطالب أهالي القطاع وفي مقدمتها "رفع الحصار". وتابع البسوس في حديث لوكالة الأناضول:" لا يمكن الآن أمام كل هذه المجازر، والدماء أن تقبل المقاومة الفلسطينية بتهدئة مقابل تهدئة، كما أن إنجازاتها على الأرض تعطيها كامل الحق في أن تكون لها الكلمة في رسم المعادلة السياسية، بالتزامن مع الأداء العسكري الخارق". ولفت البسوس، إلى أن ما تفعله المقاومة في الميدان، يعطي القوة لحركة حماس أن تفاوض سياسيا، وأن تنجح في فرض شروطها للخروج بتهدئة مقابل شروط المقاومة، القائمة على مطلب إنساني يتمثل في رفع الحصار وإنهاء العدوان. وتشن إسرائيل منذ السابع من الشهر الجاري عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" قبل أن تتوسع فيها وتبدأ توغلا بريا محدودا الخميس الماضي. ومنذ بداية العملية وحتى الساعة 8 تغ من اليوم الأربعاء، قتلت إسرائيل 650 فلسطينييا، وأصابت 4090 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي المقابل، أسفرت العملية، وفق الرواية الإسرائيلية، عن مقتل 31 جندياً إسرائيلياً ومدنيان، وإصابة نحو 435 معظمهم ب"الهلع"، فضلا عن إصابة 90 جندياً، فيما تقول كتائب القسام الجناح العسكرية لحركة حماس إنها قتلت 52 جنديا من الجيش الإسرائيلي، وقامت بأسر آخر.