التحرش ليس فقط ظاهرة اجتماعية وإنما هو ظاهرة سياسية، أجمع على ذلك المشاركون فى ندوة "التحرش نفسيا واجتماعيا" التى أقيمت بمعرض فيصل للكتاب الذى تقيمه هيئة الكتاب بفيصل، وشارك فى الندوة د.ثريا عبد الجواد استاذ علم الاجتماع، محمد علام أستاذ الطب الوقائى، د.آمال كمال أستاذ علم النفس، وأدارتها د. أميرة بهى الدين. وتحدثت مديرة الندوة عن الشق القانونى للتحرش، وقالت يجب التفرقة بين الجريمة الفردية والتحرش الجماعى والحقيقة أن القانون به عقوبات رادعة، وتبدأ عقوبات التحرش، من التحرش بالقول، لكن المشكلة الحقيقية أن معظم المجنى عليهن لا يتقدمن ببلاغات. وعن جرائم التحرش الجماعى قالت د.أميرة : هى أخطر لأنها تواجه مسألة شيوع الاتهام ويصعب تحديد الجناة ما لم يتم ضبطهم فى مكان الواقعة مشتركين فى الجريمة. وبدأ يظهر ايضا كمسلك سياسى بعد ثورة يناير لإجبار المرأة على عدم المشاركة سياسيا بتعمد اهانتها. وقالت د.ثريا عبد الجواد : ظاهرة التحرش أخذت أبعادً غير التى عرفناها بعد تضخم الجريمة ، وكنا نسمع عن التحرش فى السبعينات والثمانينات ومنذ بداية التسعينات بدأ يأخذ شكل مختلف ، وهو ليس فقط ظاهرة اجتماعية وانما ظاهرة سياسية فى المقام الأول تقوم به سلطة لقمع شخص اخر واصابة المرأة بالهلع، سواء كانت هذه السلطة هى محتل أجنبى مثل انتهاك الحرمات وقضايا الاعتداء على النساء، أو كانت سلطة تهدف لتحييد المرأة وقمعها فهو موضوع سياسى اجتماعى اقتصادى له أبعاده المتشابكة. وتساءلت د. ثريا لماذا تفشت هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى خاصة بعد الثورة ؟، وأجابت هناك من يرجعه لعدم وجود قانون مفعل يعاقب على التحرش، والبعض يرجعه لغياب الأخلاق والوازع الدينى، أو خلل فى النظام التربوى والتعليمى، ولكن لدينا فترات تاريخية لم ياخذ فيها التحرش هذه الصورة الممنهجة، فمن المظاهر الجديدة ظاهرة التحرش الجماعى . وقد يعود السبب - تواصل - إلى سلوك الشخص المتحرش أو وجود خلل نفسى وقد يرجع إلى تأخر سن الزواج وكل هذه العوامل هى عوامل مساعدة لكنها ليست الأسباب الأساسية . وأضافت د.ثريا : إذا أردنا أن نبحث من الناحية الاجتماعية، يجب دراسة الخطاب الثقافى السائد بصدد المرأة فى المجتمع ثم العنف الموجه ضد المرأة ،ويجب وجود منظومة تحمى المرأة .ففي الثقافة العربية المرأة هي مجرد جسد . وتحدث محمد علام عن التحرش قائلاً: هناك منظوران؛ الأول أسباب التحرش والثانى نتائج التحرش على المجتمع. هناك مفاهيم أن جسد المرأة مباح، بجانب الكبت الجنسى، وعدم وجود قانون رادع، الأفلام التى تشجع على ذلك أو تبرز المشكلة دون الحل، والبعد عن القيم الدينية، الحل يكمن في وجود توعية بهذه المشكلة وتغيير نظرة المجتمع للمرأة، وتأهيل المتحرش ثقافيا ورياضيا وبدنيا. من جانبها قالت د.آمال كمال أن التحرش مشكلة الساعة، ويرجع للتكوين العقلى والفكرى للفرد الذي يترجم إلى لغة منطوقة أو لغة الجسد وعندما تستقيم الأفكار تستقيم اللغة والأفعال، ونحن لدينا مشكلة فى مكون العقل الفكرى للشخص الذى يقوم بهذا السلوك . وأهم قانون رادع يجب ان يأتى من الشخص نفسه وهو ما يسمى بالضمير القيمى. وأضافت د.آمال :يمارس المتحرش هذا السلوك بسبب النظرة للمرأة باعتبارها كائن يحتاج للحماية، وضعيف، وأنها شئ يمتلك، وغير مساوية بالرجل، وهذا هو التشوه الفكرى . فليس هناك متعة يمارسها المتحرش، وانما هى ممارسة للعنف وقد يقوم بها على سبيل الاستعراض أو التعالى على كائن أدنى منه . ولكى يتم التعامل مع المرأة على أنها كائن مكتمل فهذا يستدعى منظومة تعليمية جديدة لتغيير هذه الأفكار الخاطئة. وعلاج حالة من حالات التكوين العكسى والأمر يحتاج للتصدى للمنظومة الفكرية الفاسدة التى جاءت للمجتمع.