استنكر عدد من المثقفين مغادرة "دار ميريت" للنشر، العقار رقم 6 بشارع قصر النيل بعد حوالي 15 عاما من الندوات و المناقشات و الإصدارات و المظاهرات و الاحتفالات، و السبب في ذلك المبلغ الكبير الذي وضعه المستأجر لترك الدار في مكانها و هو مليون و نصف المليون جنيه، و هو ما اضطر محمد هاشم صاحب الدار إلى البحث عن عقار جديد يحتضن دار ميريت. تأسست دار ميريت عام 1998 بمبادرة من صاحبها محمد هاشم و التي كان الهدف منها أن تكون جبهة من المثقفين للدفاع عن الثقافة و حرية التعبير و الرأي، وحصدت إصدارات دار ميريت عدة جوائز كان آخرها خمس جوائز في مسابقة ساويريس الأدبية. و عبر محمد هاشم على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عن حزنه لترك هذا المكان الذي احتضن اجتماعات مع مئات المثقفين و العديد من حفلات التوقيع و المناقشة. وقد كتب عدد من المثقفين عن ذكرياتهم في هذا المكان على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، و عبروا عن مدى ما سيشعرون به من فقدان لهذا المكان الا أنهم في نفس الوقت أجمعوا على أن دارميريت ليست شقة في عقار بل هي روح تسكن كلا منهم، واعتبروا "ميريت" بيت المثقفين المصريين والعرب. فقد كتب الفنان، فيليب فكري الذي رسم صورة لمحمد هاشم يتوسط الكتب، أنه على بعد عدة أمتار من ميدان التحرير، الدور الأول، شقة 14، 6 ب قصر النيل، تقع أغلى دار نشر في مصر.. دار ميريت للنشر.. أسسها محمد هاشم عام 1998، قبل أن يعلم أنها ستصبح قِبلة للثوار، ومنارة للمعارضة النبيلة من خلال إصداراتها التي حرضت على الثورة، وفضحت ألاعيب وفساد العصر المباركي، سرعان ما تحولت ميريت إلى ما يشبه "مجلس قيادة الثورة" بعدما صارت ملجأ لكل ثائر، وملاذ لكل مبدع.. قدم عم هاشم العديد من المبدعين الذين صاروا من ألمع نجوم الأوساط الثقافية، كما قدم العديد والعديد من الكتب التي صارت علامات في ثوب الثقافة المصرية. والآن لم يتسع شارع قصر النيل لدار ميريت، ولم يسع ميدان التحرير لاحتوائها.. سيبحث هاشم عن مقر آخر بعدما أجبره مالك العقار على مغادرة المكان من أجل مليون ونصف مليون من الجنيهات.. هكذا سيلجأ عم هاشم ومحبوه وكل أعضاء نادي ميريت للبحث عن مكان آخر من أجل حفنة من الجنيهات، تاركين رحيق أجمل أيام العمر وبقايا عظماء الثقافة، عم نجم وخير شلبي وسيد حجاب وغيرهم من أعمدة مصر.. كم أتمنى أن أملك هذه الجنيهات حتى أسارع في إبقاء هذه المنارة التنويرية ولكن.. ما باليد حيلة.. "سوف أترك قلبي هنا وأمضي" هكذا قال محمد هاشم كلماته التي سبقتها دموع الرحيل.. سنذهب وراءك يا عم هاشم أينما ذهبت، ونعدك أننا غير مضطرين بعد الآن أن نصل إلى ميدان التحرير عن طريق شارع قصر النيل. ويكتب زين العابدين خيري نجل الكاتب الكبير خيري شلبي، أن رائحة أبي في "الدار" قائلاً: الدار هي بيتي الثاني في وسط البلد، والتي حين أتواجد فيها تذهب كل مخاوفي من ذلك المجتمع الغامض الذي طالما خشيته، ويكفي أن فيها رائحة أبي وأنس أحبابه، وها هي ميريت تتحول من دار للمبدعين إلى دار للثورة، إلى رمز لأيام وذكريات لن تنسى من ذاكرة مصر كلها وليس من ذاكرتي فقط.