د.عبدالله الغنيم شخصية العام التراثية في معهد المخطوطات العربية "عبقرية التأليف العربي" يفوز بجائزة الكتاب التراثية "بردة البوصيري" و"كشاف" الزمخشري كتب لها عائلات هزت العالم! قال د.كمال عرفات نبهان صاحب الكتاب الفائز بكتاب العام التراثي بمعهد المخطوطات العربية، في تصريحت خاصة ل"محيط" أن كتابه يقوم على العلاقات بين النصوص، فهناك نص "إمام" يأتي من بعده نصوص أخرى تحاول شرحه أو تلخيصه أو مهاجمته. وقال نبهان أن من أبرز المعارك بين النصوص ما امتد إلى ستة قرون، فقد ألّف ابن أثير كتاب في البلاغة بعنوان "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، ثم جاء بعده اسمه ابن أبي حديد فوضع كتاب بعنوان " الفلك الدائر على المثل السائر"؛ أي أنه يدور حول الكتاب تحقيراً وتصغيراً وتقريعاً ونقداً. يواصل: جاء بعده كاتب يدافع عن الكتاب الأصلي "المثل السائر" ووضع كتاب بعنوان " طي الفلك الدائر ونشر المثل السائر"، يطوي الهجوم على الكتاب، استمرت هذه المعارك بين عدة أجيال، حتى أن أحد الحكام طلب إلى أحد الكتاب، وضع كتاب جديد يفصل بين هذه الكتب، وبالفعل جاء الكتاب بعنوان "المحاكمة". في العصر الحديث قلت المعارك بين النصوص، بسبب تسطيح الفكر، لكنها موجودة ونذكر من تلك المعارك كتاب "طه حسين في الشعر الجاهلي"، التي ظهرت عنه كتب عدة تهاجمه. ويؤكد الكاتب أن كتابة وكيل النيابة تقريره عن الكتاب يعد من علاقات النصوص، لأنه كتب رأيه في الكتاب وكأنها مقالة، وقال أن الكتاب لا يهدف إلى تضليل الشعب لكنه عللم يجب ان يحترم. ولفت إلى أن الأزمة مفتعلة وتعود إلى أسباب سياسية، فقد طُلب من العمد أن يرسلوا شكاوى للاحتجاج على كتاب طه حسين، وهم لا يعرفون القراءة!. وأكد نبهان أن الكتب بينها علاقات، كما الناس، وإذا رصصناهم حولنا – يقصد الكتب - نجد من يكن للآخر احتراماً، ومن يكمل الآخر، وهكذا. يتابع: من أبرز الكتب التي لها عائلات، كتاب "الكشاف" للزمخشري، له "عائلة مخيفة"، وكذلك "بردة البوصيري" لها عائلة تهز العالم كله على حد وصفه!. وهناك كتاب "كليلة ودمنة" وهناك من ألفها وشرح معناها، وهناك من اتخذها نموذجاً، وألّف مثله. جاء ذلك على هامش افتتاح احتفالية يوم "المخطوط العربي" التي استضافها معهد البحوث والدراسات العربية ظهر اليوم، والتي تستمر حتى يوم 10 إبريل، ويشارك في الاحتفالية جهات عديدة مثل ساقية الصاوي دار الكتب بيت السناري وغيرها من الجهات. وقد كرمت الاحتفالية د.عبدالله يوسف الغنيم رائد الدراسات التراثية الجغرافية، وأهدته درع "شخصية العام التراثية" لعام 2014، من معهد المخطوطات العربية، نظراً لإسهاماته في تحقيق التراث. فقد ارتبط اسمه بالجغرافي واللغوي اعربي الكبير "أبي عبيد البكري" صاحب "المسالك والممالك"، و"معجم ما استعجم" والربان ابن ماجد صاحب "الفوائد". وبحسب وصف مدير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم د.عبدالله حمد المحارب، فهو أستاذ استثنائي في الدرس التراثي الجغرافي، عنى عناية بالمخطوط الجغرافي العربي، فهرسة وتحقيقاً ودرساً، وانشغل انشغالاً بالمصطلحات الجغرافية وتحديداً مصطلحات أشكال سطح الأرض. تميز برحلاته الميدانية منفرداً، او برفقة تلاميذه التي عاين فيها مناطق عديدة في شبه الجزيرة العربية، وعانى التعامل مع التربة والصخور، وتتبع خطوط الرحلات التاريخية. له تراث غزير ومتنوع في حقول معرفية دقيقة تعاني من انصراف الباحثين وزهدهم فيها، مثل الزلازل في المصادر العربية والخرائط الجغرافية العربية، وعلوم البحر العربية. من جانبه قال "الغنيم" أن التراث العربي هو المعبر عن هوية أمتنا العربية، وعنوان أصالتها، والركن الجغرافي يمثل ركناً هاماً من التراث العربي، مؤكداً أنه اهتم بدراسة التراث الجغرافي في الستينيات من القرن الماضي.وقد وضع العرب أسساَ ومناهج جديدة للدراسات الإقليمية فضلاً عن النظريات، مثل فكرة تبادل ليابس والماء، وتوازن الأرض، وغيرها من الإضافات المهمة التي أسهمت في صياغة النظريات الجديدة الآن. وانتقد غنيم إهمال الباحثين دراسة الخرائط العربية التي لم تلق عناية بها، فقد كان موقف الدارسين إما تجاهلها أو ترك مكانها خالياً، ولم يتكلفوا عناء قراءة الخرائط أو التحقق من أسماء البحار والأنهار، لذلك كان هذا جهداً شاقاً يقابل المحقق لهذا التراث. وأعلن مدير معهد المخطوطات العربية د.فيصل الحفيان عن إهداء د.عبدالله يوسف الغنيم مجموعة من المخطوطات بلغ عددها 15 ألف، إلى معهد الدراسات العربية وهي مجموعة مختارة من عدة مكتبات عالمية. وفي سياق متصل، حصل كتاب "عبقرية التأليف العربي" لد.كمال عرفات نبهان على جائزة "كتاب العام التراثي" من معهد المخطوطات العربية، حيث قدم نظرية غيرت في مجال علم الببليوجرافيا والمعلومات والاتصال العلمي والتعليمي. وصفت الجائزة أن الكتاب، قدم استكشافاً لستين نوعاً من التأليف النصي، وخصائص كل نوع وطبيعة الجهد العلمي فيه، ووظائفه الاتصالية العلمية وعلاقاته مع الأنواع الأخرى. وفي كلمته أكد د.كمال نبهان أن الكتاب يرتبط بسياق عمري وحياتي، الكتاب يلخص فكرة "علاقات النصوص"، فهناك نوع من الكتب يقوم بدور الإمام، وحين يغيب النص الأستاذ كان النص يقوم مقامه ومن العناية بهذا النص، جاء شرحه وتحليله، وتلخيصه. يتابع: الفكرة تقوم على أن العلاقات الإنسانية تنبني على العائلة، واكتشفت بالدراسة أن للكتاب عائلة "عائلة النص"، فكثير ممن كتب التراث العربي له أقارب وأجداد وأحفاد، وقد مثلت هذه العلاقات بالرسوم، واستخرجت 64 نوعاً من علاقات النصوص، فالتأليف العربي حظى بعلاقات كثيرة بين النصوص، اسميتها "الببوجرافيا التكوينية"، لأني اتتبع الكتاب كجنين، وأدرس علاقاته بآبائه وأجداد، وحين اسميته "عبقرية التأليف" لم تكن مجاملة للعرب، فقد اجادوا صناعة التأليف بالفعل. واكد ان علاقات النصوص المذكورة، لا توجد في لغات أخرى إلا بشكل بسيط، ففي اللغة الإنجليزية هناك الشرح والتلخيص، لكن الكتاب العربي حظى بأنواع كثيرة في العلاقة بين النصوص، وفت إلى انه خرج بمصطلح "الجغرافيا التكوينية" التي تستخدم الزمن لقياس مدى تأثير النص زمانياً على الكتب الأخرى، قائلاً: هناك كتاب ظهر في القرن الرابع الهجري ولا يزال يؤثر إلى الآن وهو كتاب "ابن سينا" في الطب. وفي الاستراحة تجول "محيط" في معرض المخطوطات العربي، الذي يضم صوراً لصندوق الخطاط والآلات والأدوات المستخدمة في الصناعة والكتابة وذلك في تركيا، إيران، والهند، وتعود إلى القرن ال11 – 14 ه. هناك أيضاً صندوق مصحف على هيئة قبة الصخرة لحفظ نسخة صغيرة من المصحف الشريف داخل غلاف، تعود إلى مصر في العصر العثماني. كذلك يضم المعرض أقدم رسالة في صناعة المخطوط الإسلامي "زينة الكَتَبة" لأبي بكر الرازي. هناك كذلك الصفحة الأولى من مخطوط فريد اكتشف مؤخراً، وفيه ذكر الدواة وغيرها. وفي مخطوط بعنوان "الفلك في خدمة العبادات"، وتم التعليق عليه بأن تحديد القبلة كان احد التحديات الكبيرة التي واجهت المسلمين قديماً، وكانت تستخدم الأسطرلابات في ذلك واستخدمت أيضاً بعض الآلات المتخصصة لهذا الأمر. وفي مخطوط بعنوان "الأسطرلاب: علم وإبداع" نجد أن الاسطرلاب يمثل إبداع المسلمين في علم الفلك وهو عبارة عن آلة محاكية للسماء، وعن طريقها يمكن معرفة الوقت ليلاً ونهاراً ومعرفة اتجاه الشمس وبعض القياسات الفلكية الدقيقة.