شهدت مدينة عدنجنوب اليمن احتجاجات متواصلة في الأيام الماضية إزاء ما يصفه محتجون ب"إهمال" قلعة صيرة، التي تعد من أبرز المعالم التاريخية والأثرية بالمدينة. وشارك في الفعاليات نشطاء في منظمات مجتمع مدني وإعلاميون ومهتمون بالآثار، وشملت فعالياتهم اللقاء بمسئولين في السلطة المحلية بمحافظة عدن، لإطلاعهم على ما تتعرض له القلعة من مخاطر. ويدين النشطاء أعمال حفر تجرى بمحيط قلعة صيرة، المطلة على البحر، من جنوب شرق عدن، ويرون في هذه الأعمال التي يجريها عدد من المواطنين الذين حصلوا على تراخيس لبناء منازل، "تهديدا للقلعة"، ومن شأنها أن تشوه منظرها العام، و تغلق المداخل المؤدية إليها. وقال باسم الشعبي، الناشط الحقوقي والإعلامي ورئيس مركز مسارات الإعلامي بعدن، (غير حكومي) إن المنظمات والنشطاء المهتمين يطالبون الجهات الحكومية المختصة ب"إجراءات حازمة لوقف التخريب الذي تشهده قلعة صيرة". وفي تصريح لوكالة الأناضول، أضاف الشعبي أن "الفعاليات الاحتجاجية ستتواصل لمناهضة التخريب الذي يطال القلعة التاريخية، والاستحداثات العشوائية من أعمال حفر وردم وصلت إلى مداخل القلعة". من جهتها وعدت السلطة المحلية في عدن بالعمل على وقف الأعمال التي تلحق الضرر بالقلعة التاريخية، بحسب تصريحات صحفية لعدد من المسؤولين المحليين. من جانبه قال نايف البكري وكيل محافظة عدن، في تصريحات لوكالة الأناضول، إن "السلطة المحلية بالمحافظة ستوجه مذكرات للجهات المختصة في مكتب الآثار و مديرية صيرة لوقف عملية النحت التي تشهدها مناطق محيطة بقلعة صيرة" لبناء المنازل. و كان الوكيل البكري زار القلعة في اليومين الماضيين ومعه عدد من النشطاء والمهتمين وممثلي جهات حكومية وخاصة، بهدف الاطلاع على ما تتعرض له القلعة. و لدى زيارته للقلعة قال البكري، في تصريحات للصحفيين، إنه "سيتم استدعاء الجهات المعنية بالآثار والمعالم ومحاسبة الجهات التي قامت بإصدار تراخيص للبناء في محيط القلعة". وأشار إلى أن "الترخيص في هذه المواقع جريمة و فساد من شأنه تخريب الآثار والمعالم التاريخية بعدن"، مؤكدا أهمية "الحفاظ على هذه المواقع وعدم المساس بها باعتبارها إرث إنساني وتاريخي يهم الجميع". وتعتبر قلعة صيرة من أبرز المعالم التاريخية في عدن، حيث شيدت عليها أسوار محصنة و نصبت في أطرافها المطلة على البحر عدد من المدافع. و حسب كتب التراث، كان للقلعة وتحصيناتها دور إيجابي في الدفاع عن المدينة إزاء عمليات الغزو التي تعرضت لها اليمن في القرون الماضية. وتحمل القلعة اسم الجزيرة التي توجد بها، وهي جزيرة "صيرة"، التي يحيط بها البحر من جميع الجهات. وعرفت قلعة صيرة كحامية عسكرية استخدمها الجيش اليمني منذ القرن الثاني عشر الميلادي، وفق ما تذهب إليه بعض كتب التراث، قبل أن يقوم الأتراك بتحصين القلعة و تجديد أسوارها إبان تواجدهم الأول في عدن خلال القرن السادس عشر، بهدف التصدي لمحاولات الغزو من قبل البرتغال والدول الغربية الاستعمارية في القرنين السابع عشر و الثامن عشر.