أكدت دار الإفتاء المصرية على أهمية إدراك الواقع كركن أساسي من أركان الإفتاء، بحيث لا تقتصر الفتوى على بيان النص الشرعي الحاكم دون النظر إلى الواقع بعوالمه المختلفة، مشيرة إلى أن ظهور الكثير من الفتاوى التي وصفتها ب «الشاذة والمتطرفة» مردها إلى غياب فقه الواقع وعدم الإلمام الكامل بمقتضياته ومآلاته. وأوضحت الدار في بيان لها صباح اليوم الجمعة أن الفتوى "بيان الحكم الشرعي عن دليل" لمن سأل عنه، تختلف باختلاف الجهات الأربع: الزمان، والمكان، والأشخاص، والأحوال، لأنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير هذه الجهات، مضيفة أن "الاختلاف في هذه الجهات الأربع مع الحرص على تحقيق مقاصد الشريعة، يقتضي تغير الأحكام بناءً على التغير الحادث من ذلك الاختلاف، فيكون الفقيه بذلك قد التزم تحقيق الشريعة ونظر إلى مآلات الأحكام". وبينت الدار أن الواقع يتكون من عالم الأشياء وعالم الأشخاص وعالم الأحداث وعالم الأفكار وعالم النظم، ويتكون أيضًا من العلاقات البينية المتشابكة بين تلك العوالم، ولا بد من مراعاة كل ذلك في إدراك الواقع والتعامل معه، داعية المفتي أثناء فتواه أن يدرس هذه العوالم بمناهجها المختلفة, وعلاقاتها البينية، والمآلات التي يؤول إليها العمل بفتواه في أرض الواقع. واختتمت الدار بيانها بالتأكيد على أن عملية الإفتاء تتطلب إدراك المصادر وفهمها بإتقان بما تقضية أصول اللغة, والبلاغة والنحو والصرف أو ما يسمى عمومًا بعلوم الآلة، وإدراك الواقع بعوالمه المختلفة وجهاته المتنوعة، محذرة من التجرؤ على الفتوى والتقول على الله بغير علم، وتصدر غير المتخصصين لعملية الفتوى وما يجلبه ذلك من خلق فوضى وتضارب في عملية الفتوى، فالإفتاء ليس بالعملية السهلة حتى يتجرأ عليه كل أحد ويتسرع غير المتخصصين في ادِّعاء القدرة عليه، وإنما هو علم يدرس وصناعة تكتسب ومهارة تعتمد على كيفية إنزال الحكم الشرعي على كل واقعة بعينها، ولا يتأتى ذلك إلا بكثرة التدريب على الإفتاء وممارسته عمليًّا على أيد المتخصصين في الفتوى.