روح الدين تبعث النهضة اختلفت نظريات الباحثين حول دخول الإسلام إلى ماليزيا وطريق وصوله إليها، فمنهم من قال إن إسلام هذه المنطقة كان نتيجة العرب، الذين جاءوا من جنوب شبه الجزيرة العربية؛ للدعوة إلى الإسلام من خلال رحلاتهم التجارية، ومنهم من قال: إنه جاء عن طريق الهند؛ إذ إن العلاقة بينها وبين الهند قديمة، ومنهم قال: إنه جاء من الصين عن طريق البرِّ. خريطة ماليزيا محيط - شيماء عيسى ومنها اكتشاف في ولاية "كلنتن" عبارة عن دينار ذهبي مكتوب على أحد وجهيه: "الجلوس كلنتن 577" وعلى الوجه الآخر "المتوكِّل"، وسنة 577 هجرية وافقت 1181م"، ومنها اكتشاف في ولاية "ترنجانو"، وهو عبارة عن حجر كبير منقوش عليه الكتابات بالأحرف العربية تبين أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات كالديون، والجنايات كحدِّ الزنا والقذف، وهذه الكتابات تدل على وجود مجتمع إسلامي و"سلطنة" تطبق الشريعة الإسلامية، وهذا الأثر بتاريخ 702 ه= نحو1303م". وكانت علاقة "أرخبيل الملايو" قويةً مع جنوب الهند، وأطراف شبه جزيرة العرب التي انطلق منها الإسلام حتى وصل إلى جنوب شرق آسيا بطريق سِلمي مع التجار والدُّعاة، إلا أن المكانة الإسلامية أصبحت أقوى في ماليزيا بظهور سلطنة "مالاقا" الإسلامية في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي. عن ماليزيا ماليزيا هي دولة في آسيا، تقع على المحيط الهندي وتجاور تايلندا على شمالها وإندونيسيا على جنوبها وسنغافورة. عاصمتها كوالا لومبور. إسمها الرسمي "إتحاد ماليزيا، وتتكون البلاد من منطقتين يفصل بينهما بحر جنوب الصين بمسافة 750 كيلومترا ويبلغ عدد السكان : 23.27 مليونا ويتألفون من مجموعات متعددة، فالمسلمون يشكِّلون 56% منهم، والصينيون البوذيون 32%، والهندوس10%، والنصارى ومجموعات محلية 2%، وأغلب المسلمين من الملايويين، أما الصينيون فبوذيون والهنود هندوس، وقليل من الصينيين والهنود مسلمون. تبلغ المساحة الإجمالية لماليزيا 733ر329 كيلومترا مربعا ، منها 573ر131 كيلومترا مربعا هي مساحة شبه الجزيرة الماليزية ، و711ر73 كيلومترا مساحة إقليم صباح ، 449ر124 كيلومترا مربعا مساحة إقليم سرواك 0 قوة اقتصادية لقد أثبتت التجربة الماليزية أن الإسلام لم يكن سبباً في تخلف المسلمين، مثلما عبّر عن ذلك الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي السابق بقوله: مهاتير محمد "الإسلام لا يشكل عقبة تحول دون التقدم والتطور والنمو، ولا يعوق اكتساب المهارات الإدارية العالية وتطبيقها في حيز الواقع، ولا يحرم مراكمة الثروة عن طريق القدرات التجارية والصناعية، ولا يمنع إعداد القوة الكفيلة بردع المعتدي، الذي يحاول التقوي على الضعفاء. إن نجاح المسلمين والأمة الإسلامية في مختلف مناحي الحياة كفيل بإقناع غير المسلمين بالوجه الحقيقي للدين الإسلامي، أكثر من المواعظ والخطب، خاصة عندما يكون هناك تناقض بين الأقوال والأفعال". وفعلاً استطاع هذا الرجل أن يترجم كلامه على أرض الواقع، ويشهد بلده تمدناً في قفزة اقتصادية فريدة من نوعها. ويطمح أن تصبح دولته بحلول 2020م ضمن الدول المتقدمة. والنموذج الاقتصادي الماليزي أصبح اليوم معجزة بكل المقاييس، فهو قريب الشبه من المعجزة اليابانية؛ فبالرغم من أن مساحة ماليزيا (330) ألف كم وعدد السكان وأغلبيتهم من المسلمين يصل إلى (22) مليون نسمة، وطبيعة البلاد جبليّة ومعظم أراضيها لا تصلح للزراعة وتساهم السياحة بنسبة 5 % فقط من الدخل القومي، إلا أن ماليزيا والتي كان تبادلها التجاري مع العالم عام 1975 لا يتجاوز ( 4.5مليون دولار) وصلت تجارتها اليوم وبعد (25) عاماً إلى (685) مليار رينجت (الرينجت العملة الوطنية والدولارات 3.8 رينجت) أي حوالي (180) مليار دولار؛ بل وتشتهر العملة الماليزية في العالم باسم الدولار الماليزي. والسر الواضح حتى الآن في هذه الطفرة يكمن في العقل الماليزي المسلم الذي يرفع شعار "الجودة والتصدير قاطرة التنمية الاقتصادية". أوضاع المسلمين يحظى المسلمون في ماليزيا بمكانة خاصة، فعلى الرغم من تعدد الأصول العرقية للدولة الماليزية، إلا أن الاسلام أصبح يمثل أكثر من ستين في المائة من عدد السكان ، يعزز ذلك أن الاسلام هو دين الدولة الرسمي، كما أن المذهب الشافعي هو المذهب الرسمي السائد بين المسلمين هناك حول صورة الاسلام في ماليزيا اليوم، وأوضاع المرأة المسلمة، المسلمون في ماليزيا هناك تعايش سلمي واستقرار وهناك عدالة وتعاون وتسامح، فالكل مواطنون ولا تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو غير ذلك وقد تحقق ذلك . لقد أنشأت الحكومة الماليزية عدة مراكز إسلامية تتولى شؤون الدعوة أهمها مركز «فركيم» ومركز «رسييف»، وهى تنهض بالدعوة الإسلامية في منطقة جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادي وتعمل على حل المشاكل التي تواجهها الأقليات المسلمة في الدول غير الاسلامية. فهناك نوعان من المدارس : مدارس حكومية يتم تدريس الدين فيها بجانب المواد الآخرى ومدارس دينية تشبه المعاهد الأزهرية فى مصر وتشرف عليها حكومات الولايات، لكن لابد لطلبة هذه المدارس من الحصول على الشهادات الحكومية بجانب الشهادة الدينية. فالشهادة الحكومية تساوي الشهادة الثانوية في الدول العربية وهي التي تؤهل الطالب للالتحاق بالجامعات على عكس الشهادة الدينية، ومناهج المدارس الدينية تشتمل على المناهج الدينية والعربية وبعض المواد الآخرى. من ناحية آخرى توجد ثلاثة معاهد رسمية لتحفيظ القرآن الكريم بالاضافة الى الكثير من المعاهد الأهلية أيضا عملت الحكومة على إيجاد التعليم الديني على مستوى الجامعة فأنشأت أقساما لدارسة الإسلام في كل الجامعات الوطنية والاقليمية مثل جامعة الملايو وجامعة التكنولوجيا بالاضافة إلى الجامعة الإسلامية العالمية فى العاصمة كوالالمبور التي تقوم بدور كبير إلى جانب مراكز الدعوة الإسلامية فى نشر الإسلام، وبجانب ذلك تقوم الحكومة الماليزية بايفاد بعض الطلبة للدراسة في الجامعات الاسلامية خاصة في مصر والسعودية. أما الشريعة الإسلامية فهي تسن وتطبق على مستوى الولاية وليس على المستوى الفيدرالي، ولا تنطبق إلا علىالمسلمين؛ غير أن أوجه التعارض الظاهرة بين بعض أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ حقوق الإنسان، المكرسة في القانون الدولي والدستور الفيدرالي، لا تزال مثار جدل وخلاف. طرح رئيس وزراء ماليزيا داتو سري عبد الله أحمد بدوي مشروعًا لنهضة الأمة على هدي تعاليم الإسلام؛ وذلك من أجل استعادة دور الحضارة الإسلامية، ويسمى هذا المشروع ب"الإسلام الحضاري" (Civilizational Islam/ Islam Hadhari) ، وهو اصطلاح يقصد به المنهج الحضاري الشامل لتجديد الإسلام في ماليزيا، ويستخدم كمحرك للأمة نحو التقدم والتطور والريادة الإنسانية. ويهدف هذا المشروع لتقديم الإسلام بمنظوره الحضاري باعتباره دينًا يشمل كافة جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويلبي متطلبات الروح والبدن والعقل، ويعالج قضايا الفرد والجماعة والدولة. كما يعرض هذا المشروع منهجا شاملا ومتكاملا للعمل بالإسلام على نحو يميزه عن مناهج الدعوة والعمل الإسلامي كالصوفية والحركات الإسلامية السياسية، فضلا عن جماعات العنف والتكفير. لقد مس التمدن الممزوج بالقيم والأخلاق الإسلامية في ماليزيا كل مناحي الحياة، فلقد تعود الإنسان الماليزي على السلوك الحضاري. فإلى جانب العمران الراقي ووسائل النقل الحديثة والاستخدام العالي للتكنولوجيا، وأسلمة المطاعم الكبيرة المنتشرة الفروع في كل أنحاء ماليزيا، نلمس أيضاً مظاهر سلوكية متنوعة، فالنظام والانضباط في العمل منتشران في كل مؤسسات الدولة.. الأدب في التعامل فيما بينهم ومع العملاء بكل أنواعهم، لا يميزون بين عميل غني وآخر متوسط الحال.. يتبادلون الحديث بصوت منخفض وبهدوء.. ومن بين السلوكيات المتميزة أيضاً الأمانة، فمن النادر جداً أن تفقد أمتعتك أو أشياء تكون نسيتها في مكان ما، سواء في أماكن الوضوء أو غيرها، فإذا عدت إليها وجدتها تنتظرك، وأحياناً تجدها عند الموظفات وخاصة من أهل البلد. ومن مظاهر التمدن الإسلامي أيضاً فرض الرقابة على الإعلام، فلا أثر للفيديو كليبات الخليعة المسموح بها في القنوات العربية، فالإعلام الماليزي يبدو محافظاً مقارنة بإعلام العالم العربي، وبفارق كبير جداً رغم توافر أحدث الوسائل التكنولوجية به.