لندن: رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق معمر القذافي وابنه الأكبر سيف الإسلام ورئيس الاستخبارات عبد الله السنوسي قد يقوي عزيمة القذافي في البقاء بالسلطة والقتال من تسريع عملية إزاحته عن السلطة. ويرى الكاتب سيمون تيسدال في تعليقه بصحيفة "الجارديان" البريطانية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء ان قرار المحكمة الذي سيتم الترحيب به لا من قبل دعاة العدالة ومسئولية المجموعة الدولية في حمايتها فحسب وإنما أيضا من قبل المملكة المتحدة وفرنسا المحرك الأول للتدخل العسكري، وذلك كدليل على نجاح حملتها الموازية لعزل القذافي ونزع الشرعية عنه وإضعافه حتى لو لم تنجح حملة منظمة حالف شمال الأطلسي". وأضاف الكاتب ان القذافي المحشور في الزاوية أشد خطرا بكثير، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحقه وحق ابنه الأكبر وصهره قد يقوي عزيمة القذافي في البقاء في السلطة والقتال من تسريع عملية إزاحته عن السلطة. ويشير تيسدال إلى تصريح وزير الخارجية ويليام هيج الذي حث فيه أنصار القذافي للتمعن في موقفهم جليا في ضوء قرار المحكمة واصفا إياه بتكتيك "فرق تسد" بوضوح، وإن بدا أن له تأثيرا تراكميا كما يدلل عليه في رأي تيسدال ما ورد من تقارير عن إجراء محادثات سرية في تونس بين أعضاء في الحكومة الليبية وانشقاق عدد من كبار المسئولين وكذلك تجديد المتحدث باسم النظام لعرض إجراء تصويت على حكم القذافي "وهو عرض تم سحبه جزئيا" مما طمأن اولئك الذي يبحثون عن صدع في طرابلس. وهنا يرى تيسدال أن قرار المحكمة قد يأتي برد عكسي، فاستهداف القذافي شخصيا سيجدد التساؤلات عن المنهج الأنغلو فرنسي أمريكي "منفصلا عن الناتو" الذي يجعل إزاحته من السلطة المعيار الرئيسي للنجاح في ليبيا، كما يغذي الادعاءات بأن المحكمة غير معنية سوى بملاحقة القادة الأفارقة وأن الولاياتالمتحدة "وهي ليست عضوا في المحكمة" تكيل بمكيالين. ويشير الكاتب إلى أن "قرار مجلس الأمن الذي أجاز استخدام الحل العسكري لم يتحدث عن وضع القذافي. وكان عليه ذلك. بل لوتم تصوير القرار على أنه يجيز تغيير النظام لاستخدمت روسيا والصين حق النقض ضده، غير أن المسؤولين البريطانيين يقرون الآن سرا أن ما يكفي هو بداية جديدة ، وإذا ما قتل القذافي في إحدى الغارات فهذا مبرر. وهكذا فإن مصير شخص واحد يملي الآن مسار الحرب والسياسة الدولية المرتبطة به". ويرى تيسدال أن موقف القذافي متسق منذ البداية ولأنه لا مكان له يلجأ إليه ولأن المحكمة الدولية قد وصمته فعليا بالخارج دوليا عن القانون فيبدو من غير المحتمل أن يغير رايه. "لقد ألقت المحكمة بثقلها في المحاولات لحشر القذافي في الزاوية، لكنه في الزاوية أصبح أشد خطورة".