السباحة ضد العقلانية طه خليفة تعاطفت مع مظاهرة نساء حماس وفتياتها في حراسة شرطة الحركة أمام معبر رفح لفتحه بالقوة الخشنة وليست الناعمة. وكنت أشاهد البث المباشر للمظاهرة مع زوجتي التي كانت أشد تعاطفاً لأنها امرأة مثلهن وبالضرورة فإنها ستكون في صفهن في تلك المحنة التي يعيشها مليون ونصف المليون من سكان غزة، بلا طعام أو شراب أو دواء أو إنارة. انها حياة مظلمة من جميع الجهات فذهبت النسوة الي الجهة المصرية لعلهن يجدن فيها الأمل والفرج. والهدف من المظاهرة النسائية التي اختلطت فيما بعد بالشباب الحمساوي هو ممارسة نوع من الضغط الأدبي والأخلاقي والمعنوي علي مصر لفتح المعبر لمرور المساعدات الغذائية والدوائية وعلاج الجرحي في مستشفيات العريش. لكني أتصور أن ضغوطاً من هذا النوع ليست ضرورية ذلك أن مصر تقوم بدورها بالفعل الي جانب الاشقاء في غزة المنكوبين بقبضة حماس من جهة وعدوان اسرائيل من جهة أخري. وفتح المعبر لا يمكن أن يتم بتلك الصورة المظاهراتية وعلي الهواء مباشرة لأن اسرائيل لن تعبأ بالجانب الانساني لهذا الفعل المفهوم، إنما ستوظفه للعالم بأنه انتهاك صريح للقانون من جانب حماس التي لا تحترم القوانين ولا الاتفاقيات التي وقعتها السلطة، والانتهاك أيضاً سينسحب علي مصر التي يفترض أنها ملتزمة بنظام متفق عليه مع السلطة والاتحاد الأوروبي لفتح وإدارة معبر رفح بشكل قانوني سليم. ومن منطقة الحدود بين مصر وغزة تستفيد اسرائيل كثيراً في توجيه ضربات عنيفة وموجعة من تحت الحزام لمصر بزعم عدم سيطرة مصر علي الحدود حيث الأنفاق التي يستخدمها الفلسطينيون في تهريب السلاح وكذلك الأموال التي تهرب لحماس مع قادتها وعناصرها الذين يخرجون ويدخلون سراً، الي جانب عشرات الاتهامات الأخري لمصر بالتواطؤ مع الحركة وقد استخدمت اسرائيل تلك المزاعم داخل الكونجرس الأمريكي ونجحت في تعليق مائة مليون دولار من المعونة، كما ورد الحديث عن هذا الموضوع أيضاً في قرار البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الانسان في مصر والذي لا يزال هو وقرار الكونجرس وتصريحات قادة اسرائيل تثير غضباً وردود أفعال واسعة في مصر. مصر دولة مؤسسات وقانون والتزامات وليست دولة انقلاب كما فعلت حماس في غزة. ولهذا اذا كنت تعاطفت وجدانياً مع نسوة حماس فإنني لم أتعاطف أو أتفهم مظاهراتهم سياسياً، ذلك بأن القاهرة تقوم بدورها دوماً الي جانبهم سياسياً واقتصادياً وخدماتياً والرئيس مبارك مارس ضغوطاً علي اسرائيل لوقف العدوان وإعادة ضخ الوقود وأمس الأول فقط علمت من مراسل الجزيرة أن الكهرباء المصرية تغذي مناطق في رفح الفلسطينية والأدوار التي تقوم بها القاهرة دون الاعلان عنها عديدة فغزة هي قضية أمن قومي لمصر وعلي قادة حماس أن يتفهموا ذلك وألا يسبحوا ضد تيار الواقعية والعقلانية أكثر من ذلك. عن صحيفة الراية القطرية 24/1/2008