انتخابات مبكرة في اسرائيل؟! عطالله منصور يظهر ان زيارة السائح الاميركي الكبير او البطة العرجاء- كما اطلق صناع الراي العام في اسرائيل على زيارة الرئيس جورج بوش في مطلع الشهر الحالي- تركت اثارها على الرأي العام وصناع القرار السياسي في اسرائيل. اليمين الاسرائيلي يقول ان زيارة بوش والمحادثات التي اجراها مع اولمرت ووزراء حكومته لم تكن اكثر من سحابة صيف انقشعت ولن تمطر. ولقد عبر عن هذا الموقف بوضوح وبلغة حضارية موشيه ارنس , وزير الدفاع الاسرائيلي السابق ( والاب الروحي لبنيامين نتنياهو) في مقال نشره في صفحة الرأي في صحيفة هارتس وفيه يتهم اولمرت بانه استورد الضغوط الاميركية التي جاءت على لسان الرئيس بوش بصورة ناعمة وهامسة ومبطنة, وعلى صورة اكثر وضوحا على لسان وزيرة خارجيته, كوندليزا رايس. موشيه ارنس يرفض اطلاق صفة الضغوط على تلميحات بوش المهذبة بان الوقت قد حان لانهاء الاحتلال وقال ان بوش في عامه الاخير في البيت الابيض يعترف بضعفه وخصوصا امام الكونغرس الواقع تحت تأثير اغلبية ديموقراطية تناوىء بوش وتنتصر لاسرائيل. واضاف ان الرئيس الاميركي الوحيد الذي مارس ضغوطا حقيقية ضد تصرفات اسرائيل كان الجنرال دوايت ايزنهاور ( قائد قوات الحلفاء في اجبهة الاوروبية ضد قوات المحور) والذي فرض على دافيد بن غوريون في اعقاب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بان يسحب قواته من كافة الاراضي المصرية. ويقول ارنس ان خضوع بن غوريون لاوامر البيت الابيض صدر عن جهل رئيس حكومة اسرائيل لحقيقة الحياة السياسة والقوى المقررة بصورة عملية وفعلية لسياسة الولاياتالمتحدة, ويضيف ان في تقديره كان بامكان اسرائيل ان ترفض وان تتحدى صاحب البيت الابيض والاحتماء بالكونغرس. ويؤكد ارنس (الامريكي الجنسية) ان ميزان القوى في الولاياتالمتحدة في هذه الايام يميل بصورة واضحة لصالح اسرائيل ولا يمتلك البيت الابيض سلطة يفرض بها على اسرائيل اية مواقف تتبناها حكومة اسرائيل ومن هنا فعلى حكومة اسرائيل ان لا تتصرف وكأنها دولة تابعة وان ترفض ما تمليه واشنطن عليها . ولكن يوئيل ماركوس , كبير معلقي صحيفة هارتس يحذر من قوة البطة العرجاء الذي وعد اولمرت وتعهد له بتحويل 30 مليار دولار تقدم لاسرائيل خلال العقد القادم, كما اعلن عن دعمه للمحافظة على اسرائيل دولة يهودية ( اي رفض حق اللاجئين في العودة !) والالتزام بالحفاظ على الكتل الاستيطانية الكبيرة داخل الاراضي الفلسطينية. واضاف ماركوس ان مانح هذه الانجازات يستطيع التراجع والتحفظ وترك توصيات بهذه الروح حتى ولو كان في اليوم الاخير لاقامته في البيت الابيض وان وعد بوش لاولمرت عن نيته بالعودة في ايار القادم قد يكون تحذيرا منه بانه جدي في التزامه العلني عن توقعاته بالتقدم نحو تحقيق خطة الطريق وانشاء دولة فلسطينية قبل نهاية ولايته في البيت الابيض . فهل سيعود بوش لزيارتنا في ايار القادم لتوديع المنطقة قبل نهاية ولايته فلايجد صديقه اولمرت رئيسا لحكومة اسرائيل ؟ هذا احتمال جدي لا يستطيع عاقل ان يتنكر له خصوصا ونحن اليوم ننتظر صدور التقرير النهائي للجنة القاضي فينوغراد حول سلوك اولمرت وتصرفاته اثناء حرب لبنان الاخيرة وخصوصا ايام الحرب الاخيرة والتي كلفت الجيش اعدادا كبيرة من الجنود والعتاد في وادي السلوقي, وبعد انسحاب افيغدور ليبرمان من منصبه كنائب رئيس الحكومة ووزير القضايا الاستراتيجية ( او البحث عن علاج لخطر المشروع الذري الايراني!) ومعه خمسة اعضاء كنيست من كتلة اسرائيل بيتنا او اليهود الروس- مما سيجعل حكومة اولمرت تعتمد كليا على كتلة »شاس« لليهود المتزمتين » الحرديم« الواقعة تحت نفوذ الحاخام عوفاديا يوسف، هذه الكتلة التي لا يستطيع اولمرت الاعتماد على دعمها اذا كان يقصد بصورة جدية التقدم نحو اتفاقية تضمن للفلسطينيين حقوقهم بصورة جدية ( وخصوصا في القدس). وماذا عن اليسار والعرب ؟ هل هناك احتمال في كسب دعم العرب وميرتس ؟ ان حركة ميرتس اليوم تشهد صراعا بين اعضاء كتلتها البرلمانية ولكن كافة المرشحين لرئاسة القائمة يؤكدون انهم سيقدمون الدعم لاولمرت اذا تحرك لازالة الاستيطان وتلك المستوطنات العشوائية اولا ولكن اولمرت ووزير الدفاع في حكومته ايهود باراك يتسابقان هذه الايام في محاولة لاكتساب اصوات الوسط الشعبي (وذلك من منطلق الفكرة القائلة ان غالبية الناخبين في اسرائيل لا يدعمون اليسار او اليمين ويفضلون الوسط). ولكن باراك الذي يحاول الاستفادة من تجربته السابقة والتميز عن اولمرت المتهور يرفض استخدام الجيش لاقتلاع المستوطنات العشوائية ويحاول الادعاء يانه يفضل اقناع المستوطنين باخلاء هذه النقاط الاستيطانية على ارغامهم على عمل ذلك بالقوة !. وهل سيقف اعضاء الكنيست العرب وراء اولمرت كما وقفوا سدا حصينا لحماية حكومة اسحق رابين في مطلع سنوات التسعين ؟. اغلب الظن ان احتمالا كهذا بعيد المنال لان العلاقات بين اولمرت وكافة اعضاء الكنيست العرب , سياسيا وشخصيا, وعلاقتهم السيئة مع ايهود باراك يجعل احتمالا كهذا صعب المنال تماما مثل وقوع معجزة!. فهل يستطيع بوش اجتراح معجزة؟ واذا لم تحدث معجزة فان العام الحالي لن يشهد تقدما نحو السلام بل سيقتصر على انتخابات مبكرة في اسرائيل واذا لم يشهد الرأي العام الاسرائيلي انقلايا ثوريا فانه من المؤكد تقريبا ان على بنيامين نتنياهو, زعيم الليكود, ان يعد العدة منذ اليوم لاقامة الائتلاف الحكومي القادم. عن صحيفة القدس الفلسطينية 19/1/2008