خلافٌ وهمي ومصطنع بين أمريكا الراعي الأول لأطماع الكيان الصهيوني في المنطقة وحكومة المتطرف نيتنياهو بسبب توقيت إعلان بناء 1600 مستعمرة "مغتصبة" بالقدس أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي "بايدن"، وهو تكرار للسيناريو الذي تزامن مع زيارة الرئيس أوباما للقاهرة، حين أطلق تصريحاته النارية وأحلامه الوردية للمنطقة والقضية الفلسطينية، خاصةً حق إقامة الدولة المستقلة.
ووقتها تأكد كل مهتم ومتابع أن سيناريو ما يُعد؛ حيث الخلاف الشكلي بين أوباما ونتنياهو واستدعاء الدعم والتفويض العام من العرب للمنقذ والمخلص أوباما يليه تراجع نسبي من نتنياهو ثم العودة للمفاوضات وهكذا.
وهي صورة طبق الأصل لما حدث بين الإدارة الأمريكية في عهد كلينتون والحكومة السابقة لنتنياهو في منتصف تسعينيات القرن الماضي، والتي انتهت بفرض إرادة الكيان الصهيوني، وتراجع الإدارة الأمريكية واستمرار الاستيطان، وكذا المفاوضات.
الكل يراهن أن حكام العرب فقدوا الذاكرة بحكم طول مدة وجودهم على منصات الحكم، وأنهم لا يعتبرون رغبة أو إرادة شعوبهم التي فرطت في حقها وإرادتها، بدليل التزوير الدائم لكافة الانتخابات دون تذمر أو تحرك فاعل ومؤثر، أمريكا تُوهم العرب السذج بثمة خلاف من باب حفظ ماء الوجه، ومن الممكن أن يكون خوفًا على مصالحها في المنطقة بعد التهديد الليبي لشركات البترول على خلفية تصريحاته الحماسية ضد سويسرا؛ مما اضطر الخارجية الأمريكية للاعتذار.
الكيان الصهيوني لا يعتبر أحد لا أمريكا ولا غيرها؛ لأنه يستند إلى اللوبي الصهيوني المتحكم في مفاصل الاقتصاد والإعلام الأمريكي والعالمي "راجع قرار الكونجرس بالتصويت لصالح قرار اعتبار ما حدث في الحرب العالمية الثانية من الأتراك ضد الأرمن إبادة جماعية كنوعٍ من الضغط على تركيا بسبب مواقفها المناصرة للقضية الفلسطينية..
إلي جانب قرار الكونجرس باعتبار فضائيات الأقصى والرافدين والمنار مؤسسات إرهابية، ثم القرار الأمريكي الأخير بفرض عقوبات على قناة "الأقصى".
وكما يقال إن عدد نواب نتنياهو في الكونجرس أكبر من عدد نواب أي رئيس أمريكي؛ لذا فإن القضايا المصيرية للأمة العربية والإسلامية أصبحت بين سندان الأنظمة المستبدة الفاسدة غير الأمينة وبين مطرقة إدارة المشروع الصهيوأمريكي الطامع في ثروات ومقدرات الأمة، والرهان عليهما خاسر.
والأمل كل الأمل في جماهير الأمة التي وجب عليها الانتقال من مقاعد المشاهدة إلى ميادين المشاركة، ومن ميادين المشاركة الآمنة إلى المشاركة المكلفة.