الانتخابات الإسرائيلية في القدس وموقف الفلسطينيين منها محمود كريم تجري إسرائيل اليوم انتخابات لبلدية القدس وتأمل أن يشارك فيها أكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين القاطنين في القدس والذين يبلغ تعدادهم حاليا حوالي270 ألف نسمة. وتعتبر إسرائيل المواطنين الفلسطينيين في شرق القدس مواطنين عديمي الجنسية ولهم حق الإقامة الدائمة في إسرائيل وكذلك التصويت في الانتخابات البلدية فقط, لكنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين ولايحق لهم التصويت أو الترشيح لانتخابات الكنيست أو الوظائف في الحكومة الإسرائيلية وتسمح لبعضهم فقط بالحصول علي الجنسية الإسرائيلية وجواز السفر وذلك حسب أهوائها. ويحمل سكان القدس هوية إسرائيلية زرقاء بخلاف الضفة الغربية أو غزة, وتقدم إسرائيل خدمات رمزية لسكان القدسالشرقية في مجالات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي, وتضيق عليهم بكل السبل المتاحة حتي تخلو القدس من مواطنيها الأصليين وأن يتركوها للمستوطنين الإسرائيليين الذي وصل عددهم حاليا نحو مائة ألف مستوطن وتضع شروطا قاسيا لعودة من يغادر منهم القدس للعمل في الضفة الغربية أو الخارج, وتجرد الآلاف منهم كل عام من حق العودة للمدينة, وتمارس التضييق في السماح ببناء المساكن, وقد تصل المدة اللازمة للحصول علي رخصة بناء مدة ثلاثين عاما وتقوم بهدم المنازل بدعوي عدم قانونية بنائها ويستغرق الحصول علي حق ترميم مبني أو طلائه في القدس نحو عشر سنوات لذلك فإن الوضع السكاني للفلسطينيين في القدسالشرقية صعب للغاية لكن المقدسيين يضحون في سبيل البقاء في القدس وحماية مقدساتها بالرغم من أن البلدية تفرض عليهم ضرائب باهظة( الأرنونا), وذلك رغم سوء الحالة الاقتصادية في المدينة والذي يعد دخلها الأساسي من السياحة التي قيدت إسرائيل حركة الزوار فيها, وأيضا في بيت لحم مقر كنيسة المهد( الخاضعة للسلطة الفلسطينية) ويهدف فرض الضرائب الي جعل الفلسطينيين يتخلون عن مساكنهم ومتاجرهم ونشاطهم الاقتصادي حيث يتباري مليونيرات اليهود في العالم لتقديم ملايين الدولارات لاغراء سكان القدس ببيع أملاكهم ولاسيما في البلدة القديمة لكن المقدسيين رغم ظروفهم بالغة السوء لايتجاوبون مع الإغراءات. ولقد أدي القرار47/181 الجائر بتقسيم فلسطين والذي يمر في هذا الشهر واحد وستون عاما علي إقرار الأممالمتحدة له والذي أعطي للقدس مكانة خاصة للاحتفاظ بمكانتها. ولم يستطع الاحتلال الإسرائيلي في عام1948 أن يصل إلي المدينة القديمة في القدس( مساحتها نحو واحد كم2) حيث احتلت القدسالغربية وأصبحت إسرائيل علي بعد امتار قليلة عن هذه المقدسات في البلدة القديمة وظل هذا الوضع من1948 إلي.1967 وفي عدوان5 يونيو1967 لم تتأخر القوات الإسرائيلية سوي48 ساعة للدخول إلي شرق المدينة وأصبح يوم7 يونيو من كل عام عيد توحيد المدينة المقدسة لدي الاسرائيليين. وبينما تحاول إسرائيل اجتذاب المواطنين الفلسطينيين للتصويت والاشتراك في الانتخابات لبلدية القدس فإنها تحارب بشراسة قيامهم بواجبهم الانتخابي في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية, وكاد اتفاق أوسلو لعام1993 يفشل وذلك لأن إسرائيل أصرت علي أن يكون انتخاب سكان القدسالشرقية عن طريق البريد في دوائر الضفة الغربية باعتبار أن القدس أرض إسرائيلية وأن مواطنيها يخضعون للسيادة الإسرائيلية. وأمكن لمصر التوفيق بين هذا المطلب والمطلب الفلسطيني بأن يتم اقتراع سكان القدسالشرقية في دوائربالقدس وذلك باقتراح أن يتم التصويت في مراكز البريد الخمسة في شرقي المدينة وليس عن طريق البريد. ونظرا لأهمية القدس وتداخل حق مواطنيها في الانتخاب للسلطة الفلسطينية ولبلدية إسرائيل فإنها تحاول عرقلة تسجيل الفلسطينيين في دوائر شرقي القدس وقيامهم بالاقتراع فيها حيث تضع كاميرات لتصوير المقترعين في الانتخابات الفلسطينية كذلك فإن كشوف المصوتين في الانتخابات تعرض علي إسرائيل ومن ثم فإن المقدسيين يخشون ان تحرم إسرائيل كل من يشارك في الانتخابات الفلسطينية من الحصول علي الخدمات القليلة التي تقدمها, لذلك حرص الرئيس الأمريكي السابق جيمس كارر الذي قاد فريق المراقبين الأمريكيين في الانتخابات الثلاثة التي تمت في القدس( اثنان منها متزامنان لرئاسة السلطة والمجلس التشريعي والثالث للرئاسة بعد وفاة ياسر عرفات) ان يشرف علي الانتخابات في القدس وسجل الانتهاكات الصارخة التي تقوم بها قوات الاحتلال في المدينة لردع الفلسطينيين عن الاشتراك في انتخاباتهم. وقد كان رئيس الوزراء المنصرف أولمرت رئيسا لبلدية القدس لمدة تسع سنوات ومن قبله تيدي كولك نحوا من عشرين عاما وفي هذه الانتخابات يتنافس المليونير الروسي جيدماك الذي يتوق للدخول في الحياة السياسية الإسرائيلية وفشل من قبل في تكوين حزب سياسي. وتعتبر القدس إحدي محافظات الضفة الغربية وتعين لها السلطة الفلسطينية محافظا, ولها نواب في المجلس التشريعي منهم أحمد قريع( أبو علاء) رئيس الوزراء السابق, وزهيرة عابدين الوزيرة السابقة وحاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء وسلام فياض لشئون القدس والوزيرة السابقة حنان عشراوي. وقد طالبت الدبلوماسية العربية بإقامة عاصمة الدولة الفلسطينية في القدسالشرقية وهي بذلك تنازلت قبل أي مفاوضات عن التفاوض عن القدس كلها, ومن ثم فان إسرائيل تنازع الفلسطينيين حاليا في إقامة أي كيان لهم في القدسالشرقية واحتلت رموزا هامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في شرق القدس مثل بيت الشرق, وقد وقع بريز وزير خارجية اسرائيل ورئيسها الحالي ضمن وثائق اتفاق اوسلو علي وثيقة من اربعة سطور تلتزم فيها إسرائيل بصيانة الوجود الفلسطيني في شرق القدس وتنميته وهو مالم يحدث بل علي العكس جردت اسرائيل الفلسطينيين من أي أماكن سيادية لهم في شرق المدينة. عن صحيفة الاهرام المصرية 11/11/2008