درع صاروخية أمريكية في النقب محمد خليفة وقّعت الولاياتالمتحدة و"إسرائيل" في شهر أغسطس/ آب 2008 اتفاقية لإقامة نظام درع صاروخية أمريكية في صحراء النقب، وذلك في بداية العام ،2009 من أجل اكتشاف الصواريخ البالستية مبكراً ومن ثم تدميرها. وتعد هذه الدرع جزءاً من منظومة شاملة تنوي الولاياتالمتحدة إقامتها في مناطق معيّنة من العالم بهدف تحقيق التفوّق العسكري الأمريكي على الدول الكبرى الأخرى. وسبق أن قررت الولاياتالمتحدة إقامة نظام درع صاروخية في تشيكيا وبولندا واليابان، ولديها درع صاروخية في آلاسكا في القطب الشمالي. ومن المعتقد أن تقيم درعاً أخرى في شبه جزيرة الهند الصينية ربما في تايلند أو كمبوديا. كما قد تقيم درعاً في استراليا وأخرى في أمريكا اللاتينية. وبهذا تكون منظومة الدرع الصاروخية قد شملت العالم أجمع، وبات بإمكانها تدمير الصواريخ المعادية من أي جهة أتت أو لأي هدف اتجهت. وتقوم الدرع الصاروخية على أساس إنشاء محطة رادار أرضية تكون مربوطة بقمر صناعي موجود في الفضاء، وعندما ينطلق الصاروخ العابر من دولة معادية تجاه أي هدف أمريكي سواء أكان في الولاياتالمتحدة أم في مختلف أنحاء العالم، فإن القمر الصناعي يرسل إشارة إلى المحطة الأرضية، وتقوم المحطة الأرضية بتنبيه محطة إطلاق الصواريخ المضادة فينطلق منها صاروخ بهدف تدمير الصاروخ العابر في الفضاء وقبل وصوله إلى هدفه على الأرض. وبالتالي، فإن نظام الدرع الصاروخية لا يستطيع رصد الصواريخ العادية أي غير البالستية. فهذه الصواريخ تسقط على أهدافها من دون أي اعتراض، أما لماذا لا تستطيع الدرع الصاروخية تدمير هذه الصواريخ، فذلك لأنها تكون ذات مدى قصير وتصل إلى هدفها في ثوان قليلة بعكس الصاروخ البالستي، فإنه غالباً ما يكون ذا مدى طويل، وهو يتجه أولاً إلى الفضاء الخارجي ومن ثم يعود ليضرب الهدف الموجّه إليه في الأرض. وبالتالي فإنه قد يستغرق عدّة دقائق أو ساعات ليصل إلى هدفه ما يفسح المجال أمام أجهزة الرصد في السماء والأرض لتلتقط إحداثياته، ومن ثم تدميره في الفضاء. والواقع أن الدرع الصاروخية الأمريكية موجّهة، بالدرجة الأولى ضد روسيا والصين وبهدف تحجيم قوة هاتين الدولتين. لكن من الواضح أن هذه الدرع لن تحقق للولايات المتحدة ما تصبو إليه، لأن هناك ثغرات كبيرة قد تؤدي إلى إفشال عمل هذه الدرع. وأولى هذه الثغرات هي، أن الدول المستهدفة وهي (روسيا والصين) لديها القدرة التكنولوجية الكاملة على تعطيل عمل الدرع. فلدى روسيا صاروخ مزوّد برأس نووي يستطيع الطيران من دون الجسم، أي في حال تم تدمير جسم هذا الصاروخ، فإن الرأس سيتابع طريقه إلى هدفه، وسيكون هذا الرأس قد تجاوز الدرع الصاروخية ودمّر هدفها على الأرض. وأيضاً تملك روسيا والصين مدافع ليزر قادرة على التشويش على عمل الأقمار الصناعية في الفضاء، وإذا عجزت هذه الأقمار عن إرسال المعلومات إلى المحطة الأرضية، فإن الدرع الصاروخية لن تعمل. وتملك روسيا والصين صواريخ مضادة للأقمار الصناعية، كما لديهما القدرة على تدمير الأقمار الصناعية الأمريكية بواسطة الأقمار الصناعية المزوّدة بتقنية الليزر الفتّاك. لا شك في أن الحرب المقبلة، في حال حدوثها، فإنها ستكون حرباً فضائية بامتياز، حيث إن الدول المتحاربة ستركّز جهودها على تدمير الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية لبعضها بعضاً من أجل منع التصوير والرصد الفضائي. وبالتالي منع عمل منظومات الصواريخ العابرة ومنظومات الصواريخ المضادة للصواريخ وتعطيل أجهزة الإشارة وتحديد المواقع. وقطعاً، فإن الدولة التي ستتمكن من تدمير الأقمار الصناعية للدولة الخصم، فإنها هي التي ستفوز في تلك الحرب. عن صحيفة الخليج الاماراتية 9/11/2008