انتظام الدراسة ب222 مدرسة بالإسكندرية.. تعمل بنظام الفترتين    إخلاء سبيل صلاح التيجاني بكفالة 50 ألف جنيه    مفتي الجمهورية: الحوار بديل فعال للصراع والنزاع العالمي    مجلس الوزراء: خطوات هامة وبدايات مبشرة لصناديق الاستثمار المصرية في الذهب    الزراعة تطلق حملة لتحصين المجترات الصغيرة ضد مرض الطاعون بالمحافظات    أسعار السمك اليوم السبت 21-9-2024 بالأسواق.. تراجع في «البلطي»    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت طاقة أوكرانية بأسلحة عالية الدقة وطائرات دون طيار خلال الليل    وزير الخارجية والهجرة يتوجه للاجتماع بالجمعية العامة للأمم المُتحدة    الناخبون في التشيك يواصلون التصويت لليوم الثاني في انتخابات مجلس الشيوخ والمجالس الإقليمية    موعد توتنهام ضد برينتفورد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ماريسكا يعلن تشكيل تشيلسي أمام وست هام يونايتد    «جثة في الحفرة».. كواليس جريمة ارتكبها 3 متهمين بالأقصر    ضبط سائق سيارة نقل تسبب في مصرع شابين في حادث تصادم بالصف    بمختلف المحافظات.. رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة    أحد أشكال الخرف شيوعا.. ألزهايمر يؤثر على ملايين الأشخاص بالعالم    ضمن مبادرة «بداية جديدة».. تقديم العلاج لكبار السن بالمنازل في الشرقية    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    برلماني: تصريحات «الزراعة» للشو الإعلامي وأسعار الطماطم في جنون مستمر    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    انطلاقة قوية لمواليد برج الأسد في بداية الشهر الشمسي الجديد    أول حلقات مسلسل تيتا زوزو .. اعرف القنوات الناقلة ومواعيد العرض    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    اليوم .. منتخب مصر يواجه أمريكا في نهائي بطولة العالم للكراسي المتحركة لليد    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الشئون الاجتماعية اللبناني: التفجيرات الإسرائيلية الأخيرة غير مسبوقة وتتطلب تكاتف جهود الجميع    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء شخص على سيدة في القاهرة    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    بعد ارتفاع الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 21 سبتمبر 2024 في المصانع    "تحيا مصر وعاش الأزهر".. 12 صورة ترصد أول أيام الدراسة في معاهد أسيوط (صور)    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 21 سبتمبر    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوتر في شبه الجزيرة الكورية... الدوافع والمصالح / علاء فاروق
نشر في محيط يوم 26 - 12 - 2010


التوتر في
شبه الجزيرة الكورية... الدوافع والمصالح


*علاء فاروق

علاء فاروق
شبه الجزيرة الكورية منطقة متوترة، تشهد نزاعا مستمرا بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، والتى تريد كل منهما السيطرة على الجزيرة، وفرض سيطرتها، وهذا ما سبب اندلاع هذا النزاع القديم الحديث.

وقبل تناول الموضوع الينا بعض المعلومات عن الكوريتين:

كوريا الشمالية:

وتعرف أيضا بجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وتقع في آسيا في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية، تحدها من الجنوب كوريا الجنوبية، تحدها الصين شمالاً، وبحر اليابان شرقاً، وخليج كوريا والبحر الأصفر غربا.

وعاصمتها بيونغ يانغ، ونظام الحكم اشتراكي ورئيس الدولة كيم إل سونغ ومساحتها: 540ر120 كم2، وعدد السكان: 000ر906ر23، تبعا لتقديرات 2009.

وتعد كوريا الشمالية دولة ذات حزب واحد، تحت الجبهة الموحدة بقيادة حزب العمال الكوري، وأسلوب حكومة الدولة يتبع الزوتشيه، أيديولوجيا الاعتماد على الذات.

قام بتطويرها الرئيس الكوري السابق كيم إل سونغ، أصبحت الزوتشيه أيديولوجية الدولة الرسمية عام 1972 وقت اعتمدت الدولة الدستور الجديد، وبينما الدولة رسميا جمهورية اشتراكية، فإنه ينظر إلى كوريا الشمالية من العالم الخارجي على أنها نظام شمولي ستاليني دكتاتوري.

كوريا الجنوبية:

وتقع في شرق آسيا، تحدها في الشمال كوريا الشمالية، يفصلها عن اليابان بحر داخلي يسمى بحر اليابان، ومضيق كوريا في الجنوب الشرقي، وتوجد كوريا الجنوبية في أقصى شرق القارة الآسوية مناخها شبه مداري تنتمي إلى مجموعة الأقطار الصناعية الجديدة.

وهناك اعتقاد أن سبب تسمية "كوريا" بهذا الاسم جاء على يد بعض التجار العرب, حيث كانت "كوريا" تدعى في فترة من الفترات ب"غوريا أو جوريا", ولكن لصعوبة نطق هذا الاسم باللغه العربية, تغير إلى الاسم الحالي والمتعارف عليه "كوريا".

وشهدت كوريا الجنوبية تطورا اقتصاديا سريعا، واضطرابات سياسية عدة، وانتهت هذه مع نجاح موجة الاحتجاجات في قلب النظام الدكتاتوري، وتنصيب حكومة ديموقراطية.

عاصمتها وأكبر مدينة سيول، ونظام الحكم جمهوري، ورئيس الدولة لي ميونج باك، ومساحتها: 100,140 كم2، وعدد السكان: 50,062,000 حسب إحصاء 2009.

تاريخ النزاع بين الكوريتين :

تعود جذور التوتر الحالي في شبه الجزيرة الكورية إلى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945.
يذكر أن كوريا ظلت مستعمرة يابانية حتى عام 1945، وأدى اكتساح الجيش الأحمر لجيش كوانتونغ الياباني إلى تحرير كوريا الشمالية في أغسطس 1945.

وبموجب اتفاق بين قوات التحالف تم تحديد منطقتين مؤقتين لاستقبال استسلام الجيش الياباني، إحداهما سوفيتية شمال خط العرض 38، وأخرى أمريكية جنوب الخط. وفي سبتمبر 1945 نزلت القوات الأمريكية جنوب البلاد.

وفي عام 1947 أُحيلت مسألة إقامة دولة موحدة في كوريا إلى منظمة الأمم المتحدة بمبادرة من الولايات المتحدة. وقد تم تبني قرار إجراء الانتخابات تحت مراقبة لجنة أممية.

وجرت الانتخابات البرلمانية في كوريا الجنوبية في مايو 1948، ليتم الإعلان عن قيام الجمهورية الكورية في 15 أغسطس من العام نفسه.

وردا على ذلك قام الشمال بإجراء انتخابات الجمعية الوطنية العليا، وتم الإعلان عن قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في 9 سبتمبر 1948.

أدت الخلافات العسكرية والسياسية بين البلدين، واختلاف النظامين الاجتماعي والسياسي إلى اندلاع حرب بينهما في 25 يونيو 1950.

وشاركت وحدات من القوات المسلحة الأمريكية و15 بلدًا آخر تحت راية القوات الدولية للأمم المتحدة في أعمال القتال لصالح الجمهورية الكورية، في الوقت الذي أيدت القوات الصينية والسوفيتية فيه كوريا الشمالية.

وفي يوليو 1951 عاشت الجبهة حالة استقرار حتى خط العرض 38، حيث بدأت أعمال القتال. واتخذت الحرب طابع المناورات.

وبحلول ربيع 1953 تبين أن ثمن النصر بالنسبة لأي من الطرفين سيكون عاليا بشكل مفرط. وفي 27 يوليو 1953 تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.

ونص اتفاق الهدنة على رسم خط عسكري بين الكوريتين، وعلى جانبيه منطقة منزوعة السلاح يبلغ عرضها الإجمالي 4 كيلومترات.

ولا تزال شبه الجزيرة الكورية اسميا في حالة حرب حتى الآن؛ نظرا لانتهاء الحرب بالتوقيع على اتفاق هدنة وليس اتفاق السلام. ووقع على اتفاق الهدنة قادة الجيشين الكوري الشمالي والصيني من ناحية، والولايات المتحدة تحت راية الأمم المتحدة من ناحية أخرى.

وفي يوليو 1972 تم التوقيع على بيان مشترك للشمال والجنوب نص على المبادئ الرئيسة للاتحاد ذاتيا دون الاعتماد على القوى الخارجية، وبطريقة سلمية، وعلى أساس "التوحيد الوطني العظيم".

وتتطلع بيونغ يانغ إلى توحيد البلاد عن طريق إقامة جمهورية كوريا الاتحادية الديمقراطية طبقا لمعادلة "أمة واحدة، ودولة واحدة، نظامين وحكومتين".

ووقعت الكوريتان الشمالية والجنوبية في عام 1991 على اتفاقية التصالح، وعدم الاعتداء، والتعاون والتبادل، وشهد عام 1992 التوقيع على بيان مشترك حول إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي.

وفي الفترة من 13 ولغاية 15 يونيو 2000 اجتمع زعيما الكوريتين لأول مرة في التاريخ في بيونغ يانغ. وفي ختام القمة وقع كيم جونغ إيل وكيم دي جونغ .

الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس كوريا الجنوبية على بيان مشترك للشمال والجنوب، الذي يعتبر حاليا أساسا لقضايا الاتحاد على مدى بعيد. وينص البيان على نية الجانبين العمل على توحيد الكوريتين "بقوى الأمة الكورية".

وعُقدت قمة الكوريتين الثانية في الفترة من 2 ولغاية 4 أكتوبر 2007 في بيونغ يانغ. ووقع كيم جونغ إيل ونو مو هين على "بيان تطوير العلاقات بين الكوريتين والسلام والازدهار"، باعتباره امتدادا للبيان الموقع في عام 2000.

ومازالت عملية تطوير الحوار السياسي بين الشمال والجنوب تتسم بعدم الاستقرار، وقابلية لصعود وهبوط حادين. ومع ذلك شهد التعاون الاقتصادي بين الكوريتين تنمية مستدامة في السنوات الأخيرة.

وتشير البيانات الصادرة عن إدارة الجمارك الكورية إلى أن حجم تبادل التجاري بين الكوريتين بلغ مليارين و666 مليون دولار في عام 2009.

وبحسب البيانات الإحصائية لوزارة الوحدة الكورية الجنوبية، فإن نحو 200 شركة كورية جنوبية تتعاون مع كوريا الشمالية في مجال التجارة بمواد الخام، مع إعادة تصدير المنتجات الجاهزة، ليبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري في هذا المجال 254 مليون دولار.

ومن أكبر المشاريع المشتركة منطقة كيون سانغ السياحية (تم تجميد هذا المشروع بشكل مؤقت) ومنطقة كيسونسك الصناعية، وربط السكك الحديدية وطرق الشمال والجنوب على الساحلين الشرقي والغربي.

وتقدم كوريا الجنوبية دعما اقتصاديا وإنسانيا هاما للشمال، إلا أن العلاقات بين الكوريتين تدهورت بعد تولي لي مين باك زمام الرئاسة في كوريا الجنوبية في عام 2008.

حيث رفض التعاون مع كوريا الشمالية قبل تسوية المشكلة النووية. يذكر أن بيونغ يانغ تمتلك سلاحا نوويا ولا تنوي التخلي عنه طالما تشعر بتهديد قادم من الولايات المتحدة.

وهناك حوادث حدودية متكررة بين الكوريتين، إذ تبادلتا القصف المدفعي على خط الحدود في البحر الأصفر موضع الخلاف بين سيئول وبيونغ يانغ في يناير وأغسطس من العام الجاري.

ووصف العسكريون الكوريون الجنوبيون أعمال كوريا الشمالية بأنها استفزازية، مطالبين بوقفها.

وفي نهاية أكتوبر 2010 تبادل العسكريون الكوريون الجنوبيون والشماليون إطلاق النار في منطقة منزوعة السلاح. وبصدد الوضع في منطقة منزوعة السلاح تم رفع درجة تأهب القوات الكورية الجنوبية.

وزاد حادث سفينة "تشونان" من حدة التوتر في العلاقات بين الكوريتين. وكانت السفينة الحربية الكورية الجنوبية "تشونان" التي تزن 1.2 طن قد غرقت بالقرب من جزيرة بينيوندو الكورية الجنوبية في 26 مارس الماضي، وعلى متنها 104 أشخاص، بعد أن انشطرت إلى نصفين.

وكشفت التحقيقات التي أجرتها سيئول أن سبب الفاجعة التي أودت حينها ب 46 بحارا هو قصفها بطوربيد خارجي مصدره كوريا الشمالية، إلا أن كوريا الشمالية تعتبر نتائج التحقيق مزيفة.

وفي 23 نوفمبر 2010 قامت كوريا الشمالية بقصف جزيرة يونبيونغ في منطقة منزوعة السلاح، وقامت كوريا الجنوبية بفتح النار دفاعا عن النفس.

ردود فعل متباينة :

وجاءت ردود الفعل تجاه الأزمة القديمة الحديثة بين الكوريتين متباينة، فواشنطن ترى ضرورة إدانة كوريا الشمالية، وترفض المحادثات معها إلا بعد تحسين علاقاتها بجارتها الجنوبية، والاستغناء عن ملفها النووي.

وقامت واشنطن باتخاذ خطوات واسعة في ذلك، ومنها إجراء مناورات متبادلة مع كوريا الجنوبية بالقرب من حدود بيونغ يانغ، وكذلك عقد اجتماع ثلاثي مع حليفيها الياباني والكوري الجنوبي؛ بهدف تعزيز تحالفها في الشرق الأقصى، والتأكيد على أن كوريا الشمالية ستواجه عواقب وخيمة في حال حصلت استفزازات جديدة.

كذلك رفضت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان الدعوة التي وجهتها إليها الصين لعقد اجتماع طارئ للدول الست المشاركة في مفاوضات نزع أسلحة كوريا الشمالية المتوقفة بعدما قامت بيونغ يانغ بقصف الجزيرة الكورية الجنوبية.

في حين نرى أن الصين تتعامل مع القضية بشكل آخر، حيث إنها دعت الأطراف المشاركة في المحادثات السداسية إلى النظر للموضوع ب"عقلانية وهدوء"، والعودة للمحادثات، ثم اتخاذ قرار يدين أو يبرِّئ أيا من الكوريتين.

لكن أمريكا وحليفيها رفضا هذا العرض، مطالبين الصين بتوجيه «رسالة واضحة» إلى كوريا الشمالية بأن قصفها للأراضي الكورية الجنوبية واستفزازات أخرى هي أمور «غير مقبولة».

الحرب هل من الممكن أن تقع؟

الحقيقة التكهن بمثل هذا الأمر صعب جدا، حيث إن النزاع في شبة الجزيرة الكورية نزاع معقد جدا، حيث إن أطرافه ليست الكوريتين وفقط، بل توجد حرب خفية بين الصين وواشنطن حول هذه المنطقة.

فالأولى ترى فيها نفوذها للسيطرة على الشرق الأقصى، وخنق الصين اقتصاديا، في حين ترى الصين أن شبة الجزيرة الكورية منطقة واعدة اقتصاديا، وهي أولى بها لقربها منها، كذلك استقرار هذه المنطقة يعني الاستقرار للدولة الصينية.

وعن إمكانية تجدد الحرب ين الكوريتين بعد مضي ما يقرب من 60 عاما على الحرب الأولى، يستبعد بعض المحللين اندلاع مثل هذه الحرب مرة أخرى لعدة أسباب، ومنها:

1- أن الحرب تخالف مصالح الدول الست هناك، فكوريا الشمالية رغم استفزازاتها الأخيرة، إلا أنها تسعى لنهج سياسة تحفظ أمنها، وتضمن بقاءها، ومن المعروف أن الحرب ستهدد بقاء نظام الشمال.

2- أن الولايات المتحدة، وهي العنصر الفعال في الموضوع، وهي قوة عسكرية عظمى، لا يسعدها اندلاع مثل هذه الحرب رغم أن عدم الاستقرار يصب في مصلحتها، لكن الحرب ستضرها أكثر.

لذا فهي لا ترغب في اندلاع حرب كبيرة في شبه الجزيرة الكورية، فمثل هذه الحرب ستقوض الانتشار الأميركي في منطقة المحيط الهادئ الآسيوية، وتشوه صورة أميركا، خاصة أن حرب الولايات المتحدة على الإرهاب لم تبلغ خاتمتها بَعد، لذا فالولايات المتحدة تواجه تحديات استراتيجية كبيرة، ولا تريد تبديد موارد قوتها في شبه الجزيرة الكورية.

3- وكذلك فإن كوريا الجنوبية، وهي الدولة الثرية في شبه الجزيرة الكورية تتردد في التورط بحرب، لما قد تؤثره هذه الحرب على اقتصادها، خاصة أن العاصمة سول يقيم فيها نحو ربع الكوريين الجنوبيين، وهي مركز إنتاج أكثر من نصف الناتج المحلي.

وإذا اندلعت حرب، تكون سيول أكبر المتضررين، فهي تبعد 50 كيلومترا عن الحدود من خط 38 الفاصل بين الكوريتين. وسكان سيول والمنشآت الصناعية والبنية التحتية الاقتصادية الكورية الجنوبية هي في مرمى مدفعية الشمال القوية.

4- وشأن الولايات المتحدة لا ترغب الصين وروسيا واليابان في اندلاع حرب كورية تطيح بالنمو الاقتصادي في المنطقة. لذا اقترحت وزارة الخارجية الصينية مفاوضات عاجلة بين الدول الست لتذليل أزمة شبه الجزيرة الكورية سلميا.

ما سبق ربما يجعل الحرب في شبة الجزيرة الكورية المتوترة غير ممكن، لكن ربما تكون هناك آليات أخرى لإدارة الأزمة، ولا ينفع معها إلا الحذر.

ووقتها لن يفكر أحد فيما ذكرناه، لذا الجزم باندلاع حرب من عدمه يظل أمرا صعبا تأكيده، أو التكهن به.



* كاتب من مصر
مدير تحرير موقع آسيا الوسطي للدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.