صحة البحيرة تحتفل باليوم العالمي لسلامة المريض.. صور    معلمو الحصة يناشدون بصرف مستحقاتهم وتوقيع عقود دائمة    تدريب مشترك بين الصاعقة المصرية والقوات الخاصة الصربية    نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2024.. عبر الموقع الرسمي للوزارة فور إعلانها رسميًا    وزير الصحة الأسبق: مبادرة «بداية» تستهدف الاستثمار في العنصر البشري    وزير الاتصالات يشهد ختام هاكاثون "بالمصري تك" لتعزيز الهوية المصرية واللغة العربية    النقل: ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة سلبية خطيرة تسبب أضرارا عديدة    محافظ المنيا يفتتح معرض أيادي مصر للحرف اليدوية.. ويشيد بجودة المنتجات المعروضة    «القاهرة الإخبارية»: 8 قتلى و2800 مصاب في انفجار الأجهزة اللاسلكية بجنوب لبنان    واشنطن: نركز على إنهاء الحروب خلال اجتماع زعماء العالم بالأمم المتحدة    ارتفاع عدد قتلى حرائق غابات البرتغال إلى 4 أشخاص وإصابة 40 آخرين    إضراب اللاعبين على الطاولة.. نجم مانشستر سيتي ينتقد تزايد ضغط المباريات    قومي المرأة بالمنيا: إقبال كثيف على ملتقى التوظيف تزامنًا مع مبادرة "بداية"    ضربة قوية لبرشلونة.. إصابة فيرمين لوبيز    مصرع سائق توكتوك وإصابة آخر إثر تصادم قطار بالمنوفية    وزير التعليم: تغييرات جوهرية في نظام الحضور والتقييم بالعام الدراسي الجديد    بعد وفاة فتاة.. مفيدة شيحة تحذر من سماعة الأذن «الإيربودز» في هذه الأماكن (فيديو)    حقيقة ضبط مخرج ومنتج ومؤلف بتهمة النصب على «روتانا» في 15 مليون جنيها (تفاصيل)    الشركة المتحدة تنعى الزميل أحمد قاعود: ترك لنا الفن.. ورحل بروحه    حلا شيحة ترد على انتقادات الجمهور : «كلنا عيوب»    جامعة القاهرة: مواصلة إرسال قوافل تنموية شاملة للقرى لتحقيق أهداف مبادرة الرئيس في مجال التنمية البشرية    نائب رئيس الوزراء: نعمل على توسيع قاعدة الالتحاق بالتعليم بداية من عمر 4 سنوات    مناقشة الاستعدادات النهائية لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟.. أمين الفتوى يجيب    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يعلن عن أعضاء لجنة التحكيم    إعلان نتيجة لجنة مشاهدة مهرجان المسرح العربي في دورته ال 5    وزير السياحة والآثار: افتتاح المتحف الكبير قريبا بشكل تجريبي للزوار    جامعة حلوان تبحث مع السفارة الأردنية زيادة الطلاب الأردنيين    فضل دعاء الصبر على البلاء وأهميته في حياة المسلم    النصر السعودى يعلن إقالة المدرب البرتغالى لويس كاسترو رسميا    رئيس جامعة سوهاج يستقبل طالبة مبدعة من الطلاب الجدد ذوي القدرات الخاصة    طريقة عمل البصارة، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    سبب فشل انتقال محمد علي بن رمضان للأهلي.. مفاجآت جديدة    «التموين»: إنشاء 6 صوامع حقلية بتمويل من برنامج مبادلة الديون الإيطالية    قرار جديد بشأن سائقي قطاري الزقازيق    "صباح الخير يا مصر" يحتفى بذكرى ميلاد الشيخ محمود خليل الحصرى    ريليفو: محادثات متقدمة بين النصر السعودي وبيولي لتدريب الفريق    مصدر من رابطة الأندية ل في الجول: استقرينا على شكل الدوري "الاستثنائي"    بالصور- "دنشواي" بالمنوفية تكرم 300 من حفظة القرآن بالقرية    قرار من القضاء بشأن متهمي خلية المرج الإرهابية    وزير الزراعة يبحث مع السفير البريطاني التعاون في مجال البحث العلمي ودعم منظومة الأمن الغذائي المستدام    دبلوماسي: الضربات الأوكرانية بأسلحة غربية فى العمق الروسي وضع جديد تمامًا    جثة في الفناء.. العثور على طفل ميتًا داخل مدرسة بالفيوم    تشييع جنازة منفذ عملية جسر الملك حسين بعد تسليم جثمانه للأردن (فيديو)    التعليم العالي: إغلاق "الأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب" بالشرقية وتحذير لأولياء الأمور    ‫ وزير الرى: الاستفادة من الخبرات الإيطالية فى مجالى المياه والمناخ    الداخلية: ضبط 601 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    العثور على الغواصين الثلاثة المفقودين في مرسى علم    المشدد للصوص شرعوا في قتل سائق لسرقته بباب الشعرية    الرئيس السيسي يبحث هاتفيًا مع ملك الأردن مستجدات الأوضاع الإقليمية    وزير الخارجية: زيادة نسبة السياح المجريين لمصر لما كانت عليه قبل كورونا    دعاء خسوف القمر.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    تداول 80 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    أسعار السلع التموينية اليوم الثلاثاء 17-9-2024 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الازمة اللبنانية : لا أحد سيخرج بلا خسائر / د. بشير موسي نافع
نشر في محيط يوم 23 - 12 - 2010


الازمة اللبنانية:
لا أحد سيخرج بلا خسائر


* د. بشير موسى نافع

د.بشير موسي نافع
في خطابين متتاليين لجمهور حزب الله، أكد السيد حسن نصرالله على أن الحزب سيتصدى لظلم المحكمة الدولية كما تصدى لتحديات سابقة.

وأعاد الاشارة إلى أن الحزب لن يسلم أحداً من أعضائه للمحكمة بأي حال من الأحوال.

تصريحات نصرالله التصعيدية في منتصف هذا الشهر تعكس التوكيد المتزايد في الساحة اللبنانية على أن الوساطة السورية السعودية لإيجاد مخرج من أزمة المحكمة الدولية لم تصل إلى نتيجة تذكر.

وقد أشارت تصريحات متكررة من قبل أعلى مستويات الحكم في باريس وواشنطن، إضافة إلى تصريح للأمين العام للأمم المتحدة، إلى أن إجراءات لجنة التحقيق الدولية ماضية في طريقها.

وأن قرار الاتهام، أو القرار الظني كما يسمى في لبنان، في طريقه إلى الإعلان، مهما كانت مواقف القوى اللبنانية المختلفة من لجنة التحقيق، ومن المحكمة، ومن القرار الظني ونتائجه.

بكلمة أخرى، يدرك حزب الله الآن أن المقاربة التي تبناها في الشهور القليلة الماضية، والتي استهدفت دفع القوى السياسية اللبنانية، بمن في ذلك رئيس الحكومة السيد سعد الحريري.

والقوى الإقليمية النافذة في الشأن اللبناني، سيما سورية والسعودية، لإلغاء لجنة التحقيق الدولية، أو منعها من إصدار قرارالاتهام إلى أجل غير مسمى، لم تعد مقاربة فعالة.

جوهر المشكلة، كما هو معروف، يتعلق بأن حزب الله، كما الأغلبية العظمى من القوى اللبنانية والمهتمين بالشأن اللبناني أو أصحاب المصلحة في لبنان، يدرك أن قرار لجنة التحقيق الدولية سيوجه الاتهام إلى عدد من عناصره.

وبالرغم من التوكيدات المختلفة على أن القرار لن يوجه الاتهام للحزب ذاته، ولجنة التحقيق لا تملك السلطة ولا الأدلة الظنية التي تمكنها من مثل هذا الاتهام.

فإن المستوى التنظيمي للعناصر التي تم تداول أسمائها مؤخراً، سيخلق انطباعاً ضمنياً بأن هذه العناصر ما كانت لتتورط في عملية بهذا الحجم والعواقب السياسية بدون قرار حزبي.

الإشارات والتسريبات إلى احتمال توجيه الاتهام لعناصر من الحزب تواترت منذ مطلع هذا العام، سواء عبر وسائل إعلام غربية، تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار، أو خلال لقاء جمع رئيس الحكومة الحريري بنصر الله قبل شهور.

والحقيقة أن عمل المحكمة ولجنة تحقيقها ليس سراً كما يظن كثيرون، فبالرغم من افتراض السرية فلجنة التحقيق في النهاية مشكلة من عشرات العاملين، ولهؤلاء صلات رسمية وغير رسمية، وعند بعضهم استعداد فطري للتسريب.

وليس ثمة شك في أن تحرك دمشق والرياض لإيجاد مخرج من قرار الاتهام المتوقع، وهو ما سبق للسيد نصرالله أن أشار إليه، داعياً إلى الصبر إلى أن تؤتي الجهود السورية - السعودية ثمارها، هو في حد ذاته مؤشر إلى الأسوأ.

هذا على المستوى الإجرائي - الدبلوماسي، إن صح التعبير، أما على مستوى الدوافع السياسية للتصعيد، فلابد أن ينظر إلى الآثار التي يمكن أن يتركها قرار توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله.

فمنذ تحرير الجنوب اللبناني في ربيع 2000، تحول حزب الله إلى معضلة استراتيجية للدولة العبرية وطرفي التفاهم الأمريكي - الفرنسي حول لبنان. والأرجح أن عواصم عربية لا تقل في تقديرها السياسي السلبي للحزب وقوته المتزايدة.

التوقعات بأن الحزب سيمتص بعد ربيع 2000 في الآلة السياسية اللبنانية الطاحنة لم تتحقق، وسرعان ما تحولت الهزيمة الإسرائيلية إلى مصدر إلهام لقوى إسلامية أخرى في الإقليم، سيما في فلسطين.

وهذا ما دفع الإسرائيليين إلى ارتكاب حماقة الحرب على لبنان في صيف 2006 بهدف إنجاز ما لم تستطع معادلات السياسة اللبنانية إنجازه، بدعم كامل من الولايات المتحدة.

ولكن الحرب انتهت بهزيمة ثانية للدولة العبرية؛ وبالرغم من أن واشنطن عملت على أن تنتهي الحرب بقرار أممي منحاز بالكامل للدولة العبرية.

لم يستطع قرار مجلس الأمن وتعزيز التواجد الدولي في الجنوب اللبناني منع الحزب من إعادة بناء مقدراته العسكرية، ومن تحقيق صعود سياسي هائل عقب سيطرة الحزب السريعة على مدينة بيروت في أزمة ربيع 2008.

حزب الله هو حزب إسلامي شيعي مقاوم، وهو حليف رئيسي لإيران وسورية؛ ولكن ما يهم باريس وواشنطن والعواصم العربية الأخرى القلقة من موقع ودور الحزب ليس المعنى الطائفي لوجوده.

والأرجح أنها حتى لا تكترث لردود الفعل، الطائفية هي الأخرى، في الساحة اللبنانية، المثارة في أوساط اللبنانيين المسيحيين والمسلمين السنة ضد الوجود المسلح للحزب.

ما يهم هو أثر الحزب في ميزان القوى الإقليمي، لاسيما ما يتعلق بمستقبل الدولة العبرية وأمنها، ومستقبل الدور الإيراني في المنطقة، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق إيراني - غربي.

ولذا، فإن هدف هذه القوى الرئيسي يتعلق بمحاصرة الحزب وإضعافه وإنهاكه سياسياً، أو دفعه إلى موقع يجعل من اليسير توجيه ضربة عسكرية له.

اتهام عناصر قيادية في الحزب بارتكاب جريمة اغتيال شخصية من حجم رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، بكل ما في هذا الاتهام من أبعاد طائفية أيضاً.

يفقد الحزب موقع القوة المقاومة الخالصة، ويقوض واحداً من أمضى أسلحته وأبرز مصادر شرعية وجوده: الالتفاف الشعبي العربي والإسلامي حوله.

وهذا ما يجعل خيارات الحزب قاسية حقاً؛ ففي حال صدور اتهامات لعناصره، سيقف الحزب أمام احتمال أن يسلم المتهمين للمحكمة الدولية ويعمل على توفير دفاع قانوني كفؤ وقدير، قد يؤدي في النهاية إلى البراءة.

أو أن يمتنع عن تسليمهم، وتبقى الاتهامات بالتالي معلقة إلى ما لا نهاية إلى جانب صورة الحزب. ولكن المخاطر المصاحبة للتسليم يصعب حسابها أيضاً، فالمحكمة الدولية تحكمها ثقافة قانونية غربية.

ومهما كان حياد القضاة والإجراءات القضائية، تبقى الدلالات السياسية الهائلة للمحكمة مصدر تهديد لمستقبل المتهمين وموقف الحزب السياسي.

بيد أن حزب الله ليس وحده من يواجه خيارات صعبة. ففي حال عمل الحزب على حماية عناصره، وامتنع كلية عن تسليمهم، فقد يتعرض لبنان كله لعقوبات دولية، إن لم تقم سلطات الحكومة اللبنانية، أو ظهرت في صورة من يقوم، بواجبه لجلب المتهمين إلى المحكمة، التي صدقت عليها الحكومة اللبنانية أصلاً.

أما العواقب الأخطر فتتعلق بمستقبل الوضع اللبناني الداخلي، واحتمالات انحدار لبنان إلى مناخ الاحتراب الأهلي. فحزب الله ليس قوة يمكن للدولة اللبنانية وجيشها وقواها الأمنية إجبارها على انفاذ الإرادة الدولية؛ بل ان القوى العسكرية والأمنية اللبنانية هي عرضة للتشظي الطائفي، تماماً كما لبنان ككل.

ويدرك السيد الحريري، بلا شك، دلالات وعواقب توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله؛ وكان على خلفية من ميل موازين القوى في لبنان لصالح سورية، قد عمل مؤخراً على إعادة بناء العلاقات مع سورية، كما وعد، كما يبدو، أن يعلن عند صدور القرار الظني أن المتهم ليس حزب الله.

ولكن عناصر من الحزب، تصرفت ربما في شكل غير مسؤول؛ وهو ما يرى فيه الحريري كافياً لتجنيب لبنان الانفجار والاحتراب الأهلي.

ولكن الحريري لا يبدو على استعداد للذهاب أبعد من ذلك، ربما لما يراه من مسؤوليته الشخصية في الكشف عن حقيقة مقتل والده، أو لأنه يرى بالفعل أن الحزب متورط، وأن عليه أن يتحمل بعضاً من عواقب تورطه، أو لاقتناعه بأن المحكمة شأن دولي وأن لا هو ولا لبنان بات قادراً على تغيير مسارها.

مهما كان الأمر، فإن السيد الحريري لن يستطيع تجاهل القرار الظني عند صدوره، وعليه أن يتخذ موقفاً يتناسب مع حجم الإعلان، من جهة، ومسؤوليته كطرف سياسي ورئيس حكومة.

وهذا ما ينطبق أيضاً على كافة الأطراف السياسية اللبنانية الأساسية الأخرى. وليس ثمة شك أن الخيارات المطروحة أمام الحريري لا تقل صعوبة وحرجاً من تلك التي يواجهها حزب الله.

وسيكون على الدول ذات الاهتمام بالشأن اللبناني أيضاً أن تحدد موقفاً، سواء دول مثل سورية والسعودية ومصر، أو الولايات المتحدة وفرنسا، سيما بعد أن أعلنت إيران على لسان مرشد الجمهورية موقفها.

وأن تكشف بالتالي عن الإجراءات التي ستتخذها بهذا الشأن، أو تلك التي تريد من الحكومة اللبنانية اتخاذها. وليس من الواضح بعد مدى تأثير مواقف هذه الدول على أطراف الساحة السياسية والطائفية اللبنانية، وما إن كان هذا التأثير سينعكس على تصرفات هذه القوى، كما هو الشأن اللبناني عادة.

المعروف حتى الآن أن حزب الله يمتلك ذراعاً مسلحاً بالغ الكفاءة، ولكن ليس من الواضح من بين القوى اللبنانية الأخرى قد بدأ فعلاً في التسلح. وفي حال الانفجار المسلح، لن يخرج أحد من الأطراف اللبنانية بلا خسائر، سياسية وبشرية وأخلاقية.

ما أن يعلن قرار الاتهام حتى تأخذ الأوضاع في التوتر، وسيفسر تصرف كل من الأطراف الأخرى، بما في ذلك الأجهزة الأمنية الحكومية، باعتباره مصدر تهديد.

ثمة إعلام مناصر للطرفين، وإعلام عربي عريض، متعدد التوجهات، وستؤدي الحملات الإعلامية إلى المزيد من تصعيد التوتر.

وثمة أطراف إقليمية ودولية ذات مصلحة في دفع البلاد إلى الهاوية. وسيكشف لبنان، كما كشف دائماً، عن أن الدول لا تبنى على محاصصات طائفية.

اللهم إلا إن كان لدى طوائفها وقادة هذه الطوائف رغبة دفينة في ارتكاب فعل الانتحار الجماعي بين وقت وآخر.



*كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
جريدة القدس العربي
23/12/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.