سفن الحرية ضد الرياح الصهيونية ممدوح طه انطلقت صباح الجمعة من قبرص سفن الحرية رافعة الأعلام الفلسطينية، حاملة 40 رجلاً وامرأة من أنصار الحرية ودعاة الحقوق الإنسانية من 16 جنسية غربية وعبرية وعربية، لإيصال مساعدات الإغاثة الإنسانية لأطفال ونساء وشيوخ فلسطين، في مبادرة إنسانية سلمية جسورة ضمن الحملة العالمية لكسر الحصار الصهيوني على غزة.
لقد تحركت سفن الحرية رغم التهديد الصهيوني بالتصدي لها بالقوة، تحديا للرياح الغربية الشمالية التي تتحرك ضد حرية الشعوب وضد الحقوق الإنسانية العربية عموما والفلسطينية خصوصاً، وفي ظل السكون الغريب للرياح الجنوبية الشرقية في السماء العربية، ورفضا للعجز المشين عن رفع أو كسر الحصار الصهيوني اللاإنساني عن الشعب الفلسطيني.
إن استمرار «جريمة لا إنسانية مروعة» ضد الشعب الفلسطيني في غزة حسب وصف الرئيس جيمي كارتر خلال وجوده بالقاهرة انطلاقاً من الموقف القانوني الدولي الذي يعتبر حصار التجويع للمدنيين جريمة مثلما يعتبر منع وصول الإغاثة جريمة ضد الإنسانية هو عار كبير على ما هو عبري وما هو عربي وما هو إنساني.
وفي مواجهة هذا الحصار الغريب، يبدو الأكثر غرابة هو ذلك المشهد العربي المعيب الذي يسمح بل ويشارك في حصار غزة مثلما تحاصرها إسرائيل ولا يتخذ الموقف العربي الإنساني الحاسم لمنع هذه الجريمة اللاإنسانية المروعة بذريعة الشرعية السياسية أو القانون!
إن شرعية ما هو إنساني هي فوق أي شرعية سواء ما هو سياسي أو ما هو قانوني، فلا شرعية لسياسة أو لقانون بلا إنسانية يبيح قتل شعب من الشعوب، ولا جريمة أبشع من أن تكون ضد الإنسانية، ونربأ بأي عربي أو مسلم أن يسقط في إثم ارتكابها خصوصا ضد شعب عربي يضحي دفاعا عن مقدسات كل العرب بل كل المسلمين..
ورغم التهدئة والوعود العربية بأن التهدئة مقدمة لرفع الحصار، تتذرع إسرائيل بحجج واهية لإعادة إغلاق المعابر وإعادة إحكام الحصار، بل الأكثر عدوانية هو تهديد وزير الحرب الصهيوني بشن عدوان واسع على غزة جرائم حتى بدون حجج.. أو ليست هذه جرائم صهيونية ضد الإنسانية تحت سمع «العالم الحر» وبصره!
وحينما نجد أنفسنا أمام جرائم صهيونية، وتواطؤ غربي، وتخاذل عربي، لا يقف وقفة مع النفس ولا مع الضمير الإنساني ولا مع المبادئ النبيلة للحرية ولحقوق الإنسان ولا مع القانون الدولي الصحيح حتى في القضايا الإنسانية، في ظل احتلال صهيوني وأميركي غاصب لحرمة الأرض وحقوق الإنسان وحرية الأوطان العربية والإسلامية، فلا بد أن نشعر بالخجل من أنفسنا وبالرثاء لأولئك الأدعياء الكبار وأزلامهم الصغار المتاجرين بكل هذه المبادئ الصحيحة..
فأين الآلاف مما يسمى بمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان العربية من حقوق الإنسان الفلسطيني خصوصاً والعربي عموماً الذي أصبح بلا ثمن في نظر ما يسمى بالدول الغربية الديمقراطية، فما بالكم بالدول العربية غير الديمقراطية؟!
لقد بلغ التواطؤ الغربي الداعم للجرائم الصهيونية حدا بالغا من النفاق أثناء مناقشة مجلس الأمن الدولي للوضع اللا إنساني في غزة المحاصرة عبرياً وعربياً وغربياً، عندما انسحب سفراء خمس دول غربية، احتجاجاً على تشبيه السفير الليبي في المجلس محنة الفلسطينيين في غزة ب «المحرقة النازية لليهود»!
.. والمثير للغرابة هو تبريرهم أن وصف الفعل الإجرامي ضد غزة بالمحرقة، رغم أن الوصف عبري وليس عربي، لا يخدم عملية السلام.
يا سلام على الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى العالم الحر!! عن صحيفة البيان الاماراتية 24/8/2008