حق يراد به باطل حسام كنفاني لا نقاش في أن قضية المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية محقة وشائكة في آن وبحاجة إلى بحث معمّق بين القيادتين في بيروتودمشق لإغلاق هذا الملف الذي اقترب عمره من الثلاثين عاماً، على حد اعتراف وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، خلال زيارته إلى بيروت، التي من المفترض أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد فترة التوتر السابقة.
زيارة تحمل الكثير من ملامح الانفراج في ملف المفقودين والمعتقلين، ولا سيما أن المعلم نفسه اعترف بشكل غير مباشر بوجود لبنانيين في السجون السورية، وهو أمر قد يكون جديداً في التعاطي السياسي السوري مع هذا الملف، خصوصاً أن القيادة في دمشق كانت دائمة النفي لوجود معتقلين سياسيين، وتتحدث عن محكومين جنائيين. المعلم قال من قصر رئاسة الجمهورية حرفياً إن "من انتظر 30 عاماً يستطيع أن يصبر بضعة أسابيع".
تصريح الوزير السوري يوضع في الخانة الإيجابية، بانتظار زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى دمشق قريباً. زيارة من المؤمّل أن تحمل المزيد من الانفراجات في هذا الملف، لمنع استثماره سياسياً من بعض القوى اللبنانية التي تعمل عليه لمنع أي تقارب سياسي رسمي بين لبنان وسوريا، أو حتى لانتقاد إنجاز حزب الله في صفقة تبادل الأسرى وجثامين الشهداء الأسبوع الماضي.
حق معرفة مصير المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية يستخدم لخدمة برنامج عمل باطل ترفعه بعض القوى السياسية لإبقاء حال من العداء الشعبي بين لبنان وسوريا. فالكثير من وسائل الإعلام استغلت إنجاز تبادل الأسرى للإضاءة على مآسي العائلات التي تسعى إلى معرفة مصير أبنائها المعتقلين في سوريا.
توقيت مثل هذه الإضاءة، التي تختفي حيناً وتظهر حيناً آخر، يثير الكثير من التساؤلات حول الهدف، وما مغزى تحويل احتفال عرس نصر على عدو تاريخي إلى تحريض على ملف عالق مع بلد عربي شقيق، بغض النظر عن الخلافات بين فريق من السياسيين في لبنان مع النظام في دمشق. خلاف من غير المسموح أن يحول سوريا إلى دولة "عدو"، كما يفهم من حملات الإعلام التي وازت بين ملف الأسرى في "إسرائيل" وملف المعتقلين في سوريا.
كل هذا لا يمنع حق أهالي المعتقلين في معرفة مصير أبنائهم، لكن من دون أن يقف هذا الملف عائقاً أمام إنهاء حال التوتر بين لبنان وسوريا. عن صحيفة الخليج الاماراتية 24/7/2008