حتى لا تصبح المقاومة شمّاعة لخطايانا..!! عبد الناصر النجار عودة إلى لقاء رئيس الوزراء سلام فياض مع كتّاب الأعمدة في الصحافة المحلية، بداية الأسبوع الماضي، والمحاور الأساسية التي طُرِحت، وأهمها الاقتصاد والأمن، والمحادثات مع الجانب الإسرائيلي، والانقلاب في قطاع غزة.. لا أدّعي ولا أحد يدّعي أيضاً، بمن فيهم رئيس الوزراء، أنه صاحب نظرية أمنية، أو هو ساحر أمني بقادر على وضع حلول خلاّقة لمشاكل ومصاعب أمنية أصبحت شبه مستعصية، والمرض العضال لا يمكن علاجه بجرعة واحدة، ثم الادعاء بالشفاء.. من المواضيع التي أثيرت، أو التي أثارها البعض، "المقاومة"، التي ربما أصبحت شمّاعة للجميع من أجل تعليق كل الأخطاء والخطايا عليها.. وأصبحت كالبقرة المقدسة، التي يجب عدم الاقتراب منها، حتى وإن عاثت فساداً في الأرض.. وهي التي أُلبِست في السنوات الأخيرة، ثوباً فضفاضاً، وأخذت شكلاً هلامياً ليست له أبعاد، واختلط حابل المقاومة بمفهومها اللامحدود، بنابل الفوضى والفلتان.. ولا بد أن نكون موضوعيين مع أنفسنا، ونتساءل: كم من الموبقات ارتُكِبت تحت مظلة المقاومة وباسمها، وكم من الآثام والمعاصي اقترفها أناسٌ كثيرون تحت هذا المسمى؟!! واليوم؛ لا بد لنا من نقد الذات والوقوف أمام الحقيقة، ورفع الصوت متسائلين، عن أية مقاومة نتحدث؟! ما يثير الدهشة، هو تباكي كثير من "التماسيح" على عدم ورود المقاومة في برنامج الحكومة.. لأسباب يعرفها المتباكون أنفسهم.. ولمن لا يعرف أو يريد إغماض عينيه عن الحقائق، لا بد من التأكيد بأن هناك فرقاً شاسعاً بين المقاومة والفوضى، وفرقاً أوسع بين السلاح الطاهر وسلاح الاستعراض والخراب.. وأن الشلليّة والفئوية والخلايا التابعة لتلك الجهة أو الأخرى، أو تلك القابضة من الخارج والداخل، لتحقيق مصالح لا تمت لفلسطين بشيء.. لم تجلب لنا إلاّ الخراب والانهيار... وحتى نسمّي الأمور بمسمياتها، لنعد جميعاً الى الوراء قليلاً، ولتكن الانتفاضة الأولى نبراساً نهتدي به.. لماذا كانت هناك قيادة موحدة؟.. ولماذا كان هناك برنامج مقاومة يتم تحديده ضمن المعطيات القائمة على الأرض؟.. وهل كان بالإمكان لأي فصيل أو فئة أو مجموعة، مهما بلغت من القوة والعنجهية، الخروج عن البرنامج المعلن عنه في بيانات القيادة الموحدة؟.. وهل استطاع أيُّ شخص أن يعلن الإضراب في يوم لا يتم تحديده في هذا البرنامج؟.. وهل التعليمات كانت مجزأة، أم موحّدة؟... ألم تكن هذه أحد أسباب نجاح الانتفاضة الأولى.. ولماذا لم تنحرف الانتفاضة عن مسارها، رغم المعاناة الشديدة والاعتقالات الجماعية، والعقاب بالجملة للقرى والمدن والمخيمات؟!.. لماذا بُهِر العالم بهذه المقاومة؟.. لماذا التزم بها جميع أبناء الشعب الفلسطيني، واحتضنوها؟؟.. ألم تعالج السلبيات بشكل فوري.. هل اعتُدِيَ على أيِّ مواطن أو انتُزِعت حقوقه؟.. وهل كانت قوّة المواطن تُقاس بعائلته وعشيرته وانتمائه الحزبي، أم بما يقدمه للمقاومة من دعم واحتضان؟!!.. ولماذا هزم الحجر الدبّابة.. ولم تحقق البندقية فيما بعد جزءاً مما حققه الحجر؟ هل المشكلة في البندقية أم في مستخدمها؟!! ولنتقدم قليلاً الى الانتفاضة الثانية.. والسؤال؛ ألم تندلع هذه الانتفاضة من أجل تحقيق انجازات سياسية.. بمعنى أن المقاومة هي لخدمة هدف سياسي يصب في صالح القضية الفلسطينية.. ولكن ما الذي حدث؟؟.. انهارت القيادة، وأصبحت لكل فصيل قيادته.. وأصبحت لكلِّ قرية قيادتها.. ولكل حارة أيضاً.. بل ان كل 3 أشخاص أصبحت لهم قيادة!!.. لم تعد هناك، حتى اليوم، قيادة مركزية، وكلٌّ يريد المقاومة بالشكل الذي يراه مناسباً.. وهذا هو الخراب بعينه أيضاً.. أيضاً؛ تحولت المقاومة، بقدرة قادر، الى مجموعات كُلٌّ لها مسمّى، وكلٌّ لها مصدر تمويلها الخاص، وكلٌّ تعمل حسب أجندة غير معروفة.. وفوضى "المقاومة" انعكست بشكل سلبي على قضيتنا.. فأصبحنا ارهابيين في نظر الكثيرين.. وأصبح العالم متشككاً بأفعالنا وأهدافنا ونوايانا.. تفوّق الاحتلال علينا، بحيث أصبح في كثير من الأحيان هو الضحية!!.. سؤالي الآن؛ هل التفجيرات الانتحارية بين 1996 - 1999، خدمت القضية الفلسطينية؟.. ولماذا كانت تقع عند كل انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية؟.. ألم تكن هناك أجندة خارجية؟!!.. لا أريد الزيادة على ذلك.. ولكن حتى لا نُتِّهَم بأننا ضد المقاومة، فإننا نعلن أننا مع المقاومة، ولكن المنظمة وصاحبة الخيار الوطني، والمنضوية تحت قيادة وطنية معروفة، تكون صاحبة قرار، والتي في النهاية، ستعطي منتوجاً سياسياً، ينعكس إيجابياً على قضيتنا الوطنية.. وفي الختام، نطرح أسئلة مفتوحة؛ هل المزارع الذي يغرس أرضه بأشجار الزيتون بجوار مستوطنة مقاوم أم لا؟!.. وهل الطفل الذي يقاوم جدار الفصل العنصري للوصول إلى مدرسته، مقاوم أم لا؟!.. وهل العامل الصامد الذي يقبل بشظف العيش، مقاوم أم لا؟!.. نحن مطالبون اليوم بإعادة الهيبة للمقاومة، وبإعادة هالة القدسية إليها، ولكن ليس بجعلها مرة أخرى، بقرة مقدّسة لا تحتمل النقد، وبعض مدّعيها يعيثون فساداً!!!