في محاولة لكشف أسباب ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود الأمريكيين خاصة اولئك الذين خدموا في العراق وأفغانستان قام الجيش الأمريكي بعمل دراسة مسحية بين جنوده، حول هذا الموضوع نشرت صحيفة "واشنطن بوست" بتاريخ 10 أغسطس 2009 مقالا للكاتب "ستيف فوجيل".
وأوضحت أن الجيش الأمريكي سوف يقوم بأكبر حملة استقصائية لدراسة حالات الانتحار وتراجع الصحة العقلية بين جنوده على أمل الكشف عن اسباب ارتفاع معدلات الانتحار بين أفراد الجيش بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وسوف يقوم الباحثون،وذلك بالتعاون بين المعهد الوطني للصحة العقلية والجيش الأمريكي، بجمع معلومات مكثفة عن كل عسكري أميركي يجند على مدار السنوات الثلاث القادمة، إضافة إلى نحو تسعين ألفا موجودين في الخدمة، ومن المتوقع أن يشمل قرابة نصف مليون عسكري في نهاية الدراسة.
وستطرح أسئلة شخصية على الجنود، على أساس تطوعي، في إطار جمع المعلومات التي يمكن استخدامها في إعداد تقييم للحالة النفسية لكل حالة، كما ستيم الاتصال بأفراد العائلة للحصول على مزيد من المعلومات، بالاضافة إلى أنه سيتم أخذ عينات من الدم واللعاب وعمل فحوصات جينية وبيوعصبية لبعض الحالات.
وهذه المعلومات ستكون بمثابة "مختبر طبيعي مستمر" بحيث يتابع الباحثون الجنود المشاركين في المشروع لسنوات والبحث عن أية أعراض تجعل الأفراد يقدمون على الانتحار.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مدير المعهد الوطني للصحة العقلية، روبرت هينسين، قوله " ننظر إلى الانتحار كحصيلة لسلسلة طويلة من الأحداث".
وأوضحت الواشنطن بوست أنه في عام 2008، ارتفع معدلا حالات الانتحار الى 143 جنديا، وهو أعلى النسب التي سجلت في الجيش خلال العقود الثلاثة .
وصرح الجنرال "بيتر شياريلي" نائب رئيس الاركان أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في 30 يوليو الماضي بأن "إن أكثر ما يثير الاحباط هو محاولة إيجاد سبب" لارتفاع معدلات الانتحار.
وهذه الدراسة تستغرق خمس سنوات وتبلغ تكلفتها 50 مليون دولار والتي ستبدأ في اكتوبر القادم نتيجة اتفاق بين الجيش ومعهد الصحة النفسية في محاولة طموحة لحل لغز انتحار الجنود.
وأشارت الصحيفة إلى أن "روبرت جيه أورسانو"، رئيس قسم الطب النفسي في جامعة الخدمات الموحدة لعلوم الصحة في بيثيسدا بولاية ميريلاند، تم تعيينه لقيادة فريق متعدد التخصصات من أربع مؤسسات للبحوث تشارك في المشروع وذلك الشهر الماضي.
وأوضح اورسانو أن الدراسة ستكون "معقدة" في تركيبها وآلياتها، حيث أنها تبحث في "ظاهرة نادرة". وأضاف أن هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا في الانتحار، بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة، وقضايا الأسرة، وتعاطي الكحول والمخدرات والعوامل البيوعصبية.
وأكد أن إعادة الانتشار المتكررة في العراق وأفغانستان ودول أخرى منذ عام 2001، أصبح عاملا مهما في زيادة الانتحار، كما أنه "أكثر العوامل تعقيدا وتراكبًا"، فالانتشار " يزيد الضغط على الأسرة، غير أنه ليس من الواضح أنه العامل الحاسم" في الانتحار.
ومن المتوقع أن تبدأ الاستقصاءات في مطلع العام المقبل، وسوف تخضع المعلومات التي جمعت عن الجنود لضمانات الخصوصية، بحسب ما ذكره المسئولون.
وبالإضافة إلى عمليات المسح والاستقصاء المقررة، سيقوم الباحثون بجمع المعلومات ذات الصلة من قواعد البيانات الموجودة لدى الجيش الأمريكي، كذلك سيعمل الباحثون على جمع بيانات عن الجنود الذين انتحروا منذ عام 2004 وسيقومون بدراستها وتحليلها بغية الوصول إلى أسباب الانتحار.
كما يتوقع مدير المعهد الوطني أن يعمل الباحثون بسرعة لتحديد عوامل الخطر المحتملة لمساعدة الجيش في منع الانتحار، وذلك في ظل استمرار الدراسة لعدة سنوات، مضيفا أن "هذا النوع من الأبحاث مختلف عما يقومون به في المعهد من دراسات".
وسيقوم المعهد الوطني للصحةالعقلية بتقديم تقرير ربع سنوي إلى الجيش اعتبارًا من نوفمبر المقبل، وسوف يتم إدراج النتائج في أسرع وقت ممكن في برامج العلاج النفسي للجنود الأمريكيين، وذلك بحسب تصريحات الجنرال "بيتر شياريلي".