هل هي حكومة الأمل في لبنان؟ خيرالله خيرالله لدي تناول الحكومة اللبنانية شخصا شخصا، تظهر تلك الهوة التي تفصل بين الموالاة والمعارضة وذلك ليس علي صعيد نوعية الوزراء وانتمائهم الوطني ومستواهم الاخلاقي فحسب، بل علي صعيد تمثيلهم الشعبي ونظرتهم إلي لبنان ومستقبله أيضا. إنه لبنان العربي السيّد الحر المستقل الذي يرفض أن يكون ساحة لهذا الطرف أو ذاك. كانت الحكومة التي شكلها الرئيس فؤاد السنيورة كي تكون الحكومة الأولي للعهد الجديد في مستوي طموحات اللبنانيين إلي حدّ ما. لماذا إلي حدّ ما؟ الجواب، أو محاولة الجواب عن السؤال، أنه في ضوء الضغوط التي مورست علي لبنان واللبنانيين، يبدو تشكيل مثل هذه الحكومة بما ضمته من شخصيات وطنية بارزة علي رأسها نسيب لحود بمثابة تعويض كبير عن الظلم الذي لحق بلبنان واللبنانيين مسيحيين ومسلمين عندما خسر هذا الرجل الشهم الصادق النظيف الكفء والناجح مقعده النيابي في المتن في ظروف أقل ما يمكن أن توصف به أنها جريمة ارتكبها أهل المتن في حق المتن وفي حقّ المسيحيين وفي حق لبنان. ان توزير نسيب لحود، الذي لا شك في أنه يمثل افضل رئيس جمهورية للبنان، بمثابة اعادة اعتبار إلي المتن والي المسيحيين و إلي شهيد لبنان بيار أمين الجميّل الذي رفض والده إلا أن تكون زحلة ممثلة في الحكومة أفضل تمثيل عن طريق وزير كتائبي يؤكد أن زحلة ترفض القتل والقتلة والعملاء الصغار الذين يرتضون أن يكونوا أدوات لدي أدوات الأدوات وأن يكون دورهم التستر علي القتلة وحمايتهم. مرة أخري أظهر أمين الجميل كم هو كبير عندما وقف مع زحلة ومع كرامة زحلة المدينة المناضلة التي لعبت دورا رئيسيا في التصدي لنظام الوصاية دفاعا عن لبنان الحر السيّد المستقل وعن البقاع. جاء فرض الثلث المعطل من داخل الحكومة بقوة السلاح. لا يمكن توجيه اللوم إلي حزب الله الذي لا يمتلك حرية قراره والذي كان عليه تنفيذ المطلوب منه في بيروت وفي حق أهل بيروت علي الرغم من أن الطفل يعرف أن بيروت لا يمكن أن تخضع لأحد. تاريخها يدل علي ذلك. لم تخضع لكل من حاول الاستيلاء علي قرارها بما في ذلك ارييل شارون في العام 1982. سعت كل الميليشيات إلي الاستيلاء علي بيروت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. بيروت لا تستسلم. بيروت رفيق الحريري لا تستسلم. بيروت صائب سلام لم تستسلم ولا يمكن أن تستسلم. ها هو تمام سلام يرفع راية بيروت عاليا في الحكومة الأولي في عهد الرئيس ميشال سليمان. ان توزير تمام سلام يشكل اعادة اعتبار لبيروت لا أكثر! يمكن الحديث طويلا عن فضائل الوزراء الذين يمثلون الأكثرية أو رئيس الجمهورية في الحكومة الجديدة. عن الشهيد الحي الياس المر وعن وزير العدل القواتي الدكتور إبراهيم النجار الذي يضع القانون فوق كل اعتبار.. . بما في ذلك المصالح الشخصية والحزبية. وعن يوسف تقلا المحامي الذي في غني عن أي شهادة من أي كان. لا يحتاج طارق متري إلي شهادة في الوطنية والترفع عن الصغائر ولا حاجة إلي تعداد فضائل إبراهيم شمس الدين نجل الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي كان مدرسة في الوطنية اللبنانية والعروبة الصادقة مثلما كان مرجعية دينية أسست لمدرسة تؤمن بلبنان أوّلا. في الإمكان التطرق إلي كثيرين آخرين من بينهم وائل أبو فاعور الذي امتلك شجاعة ليس بعدها شجاعة في الدفاع عن مدرسة كمال جنبلاط الوطنية في أحلك الظروف. ولا يمكن بالطبع إلا التأكيد ان من حسنات الحكومة أن تكون السيدة بهية الحريري وزيرة للتربية هي التي أسست مدرسة مهمتها المحافظة علي السلم الأهلي وعلي الإيمان بالقضية الفلسطينية واحتضان أبناء المخيمات ومنع التيارات المتطرفة من التسلل إلي صفوفهم، وذلك في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد. لا حاجة بالطبع إلي تعداد ميزات محمد شطح وزير المال الجديد.. . ولا حاجة بالطبع إلي شكر الوزراء الذين خرجوا من الحكومة علي ما قدموه للبنان. وعلي رأس هؤلاء مروان حماده ونايله معوّض وشارل رزق وأحمد فتفت الذي لم يتردد في قول كلمة الحق حتي لو كان عليه دفع الثمن من حياته. ما يبعث علي التفاؤل أن الحكومة اللبنانية الجديدة التي تعتبر المولود الثالث لاتفاق الدوحة ضمت أيضا وزراء جيدين من المعارضة أبلوا البلاء الحسن عندما سمح لهم بممارسة مهماتهم بعيدا عن الضغوط السياسية والاعتبارات الحزبية الضيقة. ولا بد هنا من الإشارة بالاسم إلي وزير حزب الله محمد فنيش الذي وضع مصلحة لبنان واللبنانيين فوق كل مصلحة عندما كان وزيرا للطاقة في الحكومة السابقة والوزير الدكتور محمد جواد خليفة الذي لم يفرق يوما بين لبناني وآخر في وزارة الصحة التي بقي مسؤولا عنها في الحكومة الجديدة بصفة كونه أحد ممثلي أمل . كان المولود الأول لاتفاق الدوحة وقف الاقتتال في بيروت. وكان المولود الثاني انتخاب رئيس للجمهورية. المولود الثالث هو الحكومة الحالية. يفترض أن يكون المولود الرابع فتح الجسور بين بيروت ودمشق بعيدا عن عقد الماضي. انها حكومة الأمل بنقل لبنان إلي مرحلة مختلفة بعدما تبين أن ثمة حاجة حقيقية إلي صفحة جديدة بين البلدين.. . ولكن من دون المساس بالمحكمة الدولية في أي شكل من الأشكال. عن صحيفة الراية القطرية 15/7/2008