الطائفية اللبنانية الأزلية، التى كرسها اتفاق الطائف لها عيوبها الكبيرة ومزاياها أيضا، فالاتفاق تمكن لفترة من تحقيق قدر من الاستقرار للدولة، لكن التطورات الأخيرة فى لبنان والخلاف بين الأكثرية والأقلية ووجود جزء من الطوائف المسيحية والشيعية فى صفوف المعارضة وجزء آخر فى صفوف الأغلبية خلق وضعا جديدا يصعب معه التمسك باتفاق الطائف. وبعدما كان لبنان مقسماً إلى طوائف بدأت بوادر خلافات داخل الطوائف والتيارات المختلفة، ووصل الأمر لدرجة المطالبة بتوزير المناطق، ففى كلمة له منذ أيام قليلة أكد وزير السياحة إيلى مارونى، فى حديث صحفى حرصه على «وحدة أبناء زحلة»، فانتقل بالحديث من وحدة الوطن «لبنان» إلى وحدة منطقة داخل الدولة، مذكرا بما فعله أهل «زحلة» الذين «دفعوا الدم» مثبتين حرصهم عليها. وأكد فى حديثه حرص أبناء زحلة على أن يكون بالحكومة الجديدة وزير منهم. وظهر الخلاف فى حزب الكتائب اللبنانية المنضوى تحت راية 14آذار بعدما قرر رئيس كتلة «زحلة بالقلب» النائب نقولا فتوش فصل إيلى مارونى من عضوية الكتلة. وذكر مارونى الأكثرية بما فعله قائلا إن زحلة «أعطت 14 آذار النصر»، معلنا أن لها الحق فى أن تكافأ بتوزير أحد منها. وأضاف: «نحن أثبتنا عندما دفعنا الدم أننا حريصون على زحلة، لكننا حريصون أيضا على توزير زحلة» وأضاف مشيراً إلى رئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى «نحن فى قوى 14 آذار نحرص على وحدتنا وتضامننا، ونرفض أن نظهر للإعلام أى خلاف تكتيكى أو استراتيجى. فنحن نحترم الخصوصية الكاثوليكية فى زحلة». ولأن من يسقطون فى لبنان تخلق الطائفية منهم ومن أقاربهم الباقين على قيد الحياة أصناما تعجب مارونى من كيفية فصله من كتلة برلمانية بعدما استشهد أخوه نصرى مارونى. قائلا «أستغرب كيف يسمح له ضميره وضمير من فى جانبه من مستشارين وأشقاء يعملون فى السياسة بأن يفعل ما فعل. أستغرب كيف يمسون بإيلى مارونى، خصوصا أنه شقيق الشهيد الذى سقط ليدافع عنهم؟». وفى خلاف آخر داخل الأكثرية، رأى رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، فى حديث لإذاعة «صوت لبنان»، «أن الأزمة تتحول من أزمة وزارية وتأليف حكومى إلى أزمة سياسية ووطنية، لأن العراقيل التى توضع أمام قيام الحكومة لا تقنع أحدا بجديتها». وأضاف أن الاستشارات النيابية الجديدة ستكون «سياسية أكثر منها حول الحقائب والأسماء». ورفض حزب الكتائب التشكيلة الأولى التى سربت إلى الإعلام بشكل غير رسمى، واعتبر الجميل أن تلك التشكيلة لم تأخذ فى الاعتبار «موقع الكتائب وانتشارها على الساحة الوطنية»، وأنها «اختزلت المواقع المسيحية كلها فى فريق معين فى المعارضة».