تركيا تعود إلى جذورها الإسلامية د. أحمد الذايدي نتيجة الانتخابات التشريعية في تركيا كانت نصراً كبيراً لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي حصل على 47 في المئة من أصوات الناخبين، وهو ما يمثل زيادة في شعبية الحزب بنسبة 13 في المئة، عما حققه في الانتخابات الماضية عام 2002 رغم أنه يخوض هذه الانتخابات وهو في السلطة وليس في المعارضة. هذه النتيجة تعتبر تاريخية ومفصلية لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ولحزب «العدالة والتنمية»، وللجمهورية التركية. فأردوغان راهن على مستقبله السياسي إذ أعلن أنه سينسحب من الحياة السياسية إذا لم يفز حزبه بغالبية مقاعد البرلمان، أما حزبه الذي أسسه قبل ما يقرب من أعوام ستة فقط (قضى منها أعواماً خمسة في السلطة) فقد أصبح رقماً صعباً في السياسة التركية، وبات ينظر إليه أنه المنقذ للشعب التركي في هذه المرحلة التاريخية. أما تركيا أتاتورك العلمانية، فقد أدار الشعب التركي لها ظهره، وأصبح يتطلع بكل شغف إلى إرثه التاريخي الإسلامي الذي ظن علمانيو تركيا أنهم قضوا عليه. اليوم تركيا دخلت مرحلة تاريخية جديدة يمكن تسميتها بالجمهورية الثانية، وهي أكثر قرباً من جذورها الإسلامية وأكثر انفتاحاً على محيطها العربي والإسلامي، وأكثر ديموقراطية وأفضل اقتصاداً. ذلك كله كان بفضل المشروع الإسلامي المعتدل الذي بشر به حزب «العدالة والتنمية» بقيادة أردوغان - غول تلاميذ المفكر الإسلامي والسياسي المخضرم نجم الدين أربكان. لقد كانت نتائج الانتخابات المبكرة التي جاءت بسبب المأزق الدستوري الذي وضعه التحالف العلماني «الجيش - حزب الشعب - المحكمة الدستورية» كانت استفتاء على البرنامج الإسلامي المعتدل لحزب «العدالة والتنمية»، فضلاً عن كونها استفتاءعلى أحقية الحزب لمنصب رئيس الجمهورية. كما بعثت هذه الانتخابات برسائل عدة محلياً ودولياً. الرسالة الأولى موجهة إلى الجيش الذي أفرط في تهديداته لحكومة العدالة لا لشيء إلا لأنها كانت تمارس صلاحياتها الدستورية التي خولها لها الشعب بكل أمانة واقتدار. فكانت زيادة شعبية الحزب أكبر تحد شعبي لغرور العسكر. الرسالة الثانية رسالة تأييد وتقدير ووفاء من الشعب التركي إلى حزب «العدالة والتنمية» صاحب الإنجازات الكبيرة، مفادها أنكم لستم وحدكم في صراعكم مع العسكر. أما الرسالة الثالثة فموجهة إلى العالم الغربي، مفادها أن الشعب التركي اليوم متمسك بهويته الإسلامية أكثر من أي وقت مضى، لكنه وفي الوقت نفسه منفتح على العالم الغربي إذا ما احترم خياره الديموقراطي، كما أن تركيا الإسلامية يمكنها إذا ما أتيحت لها الفرصة أن تكون نموذجاً في الديموقراطية والاعتدال والتسامح لباقي دول المنطقة. عن صحيفة الرأي العام الكويتية 25/7/2007