لطيفة حميد إلام الفلسطينية الصابرة المرابطة المقاومة صاحبة قصة المجد و الصمود صاحبة قصة الصبر و المقاومة, صاحبة قصة الاستشهاد و الإصرار , أم المعتقلين الإبطال هكذا استطيع أن أعطيها لقب وطنيا, فلها سبعة من أبناءها بالسجون و المعتقلات الإسرائيلية , أنها أم للأسرة مناضلة مكافحة مقاومة أبناءها قابعون وراء القضبان منذ زمن و ثامنهم استشهد على ايدى القوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1994 , أعياها الانتظار و الترقب و هذا ما أعطاها عمرا مختلفا عن ما تبدو علية, فهي بعد الستين بقليل ولكن من يراها يؤكد إنها بعد السبعين بكثير .
لطيفة الفلسطينية غارت عيناها في غرف الانتظار بمقلتيها من كثرة ما تحجر الدمع بهما باكيه على ما أصاب أبناءها الثمانية بين شهيد و معتقل, تراقب باب الدار من حين إلى أخر أملها أن يدخل احد أبناءها عائدا إليها من بعيد محطما أسوار المعتقل اللعين و منطلقا من فجر الحرية هازم سجانه الذي لا يرحم ولا يفهم .
لطيفة سيدة المخيم , أم المعتقلين جميعا هي التي رسمت معالم النضال الوطني الفلسطيني بيديها على جدران مخيم الامعرى برام الله , هي التي أدميت يداها و هي تعيد بناء بيتها الذي دمره الاحتلال الإسرائيلي مرتين خلال العشر سنوات الماضية . لطيفة الفلسطينية لم يترك لها مساحة من الزمن لتودع أبناءها عندما اعتقلهم الاحتلال و احد تلو الأخر, لكنها عاشت لحظات الخوف و الرعب و الرجولة حينها و كم تمنت أن يعتقلوها بدلا من أبناءها إلا إنها ألان تتمنى أن يعتقلها الاحتلال إلى جنب أبناءها السبعة .
إسلام جميلها صاحب العينين الجميلتين لم يختر شريكة حياته بعد من بنات المخيم كما توقع و شريف محكوم أربع مؤبدات, مازالت خطيبته تنتظر عودته ليرافقها إلى العرس الفلسطيني . أنها إلام الصابرة المرابطة المقاومة , قد أحجمت عن الذهاب إلى أعراس أبناء و بنات المخيم فلم تعد قادرة على مشاركة الناس أفراحهم حتى لا يراها الناس باكية وقت الفرح و بذلك تبكى الجميع و تفسد عليهم فرحتهم .
ليس هذا حال لطيفة الأم الفلسطينية الصابرة بل حال كافة أمهات الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين بالسجون و المعتقلات الإسرائيلية إلا أنها صاحبة العدد الأكبر من المعتقلين صاحبة الأسرة المعتقلة , كم تمنت أن يعتقلها الاحتلال مع أبناءها و هي ألان تطالب بالاعتقال رسميا لتقضى ما تبقى لها من عمر إلى جانب احد أبناءها فهذا أفضل لها من أن تعيش بعيدة عنهم حسب رأيها و لكن الاحتلال اعتقلها بالفعل داخل بيتها عندما اعتقل كافة أبناءها بل و وضعها رهن الاعتقال الانفرادي .
لا زالت لطيفة تعتبر قضية الأسري جميعا من أهم القضايا الأساسية الفلسطينية و تتمنى أن يناضل كافة أبناء الشعب الفلسطيني لتحريرهم و العمل على إطلاق سراحهم . لذا خصصت جزاء من كتاباتي لتناول الأوجه المختلفة لمعاناة أهل الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين القابعين خلف قضبان وانتهاك إسرائيل الصارخ لكل المواثيق و المعاهدات الدولية دون استثناء بهذا الشأن و غيرة.
إن قضية الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين و العرب تعتبر من أهم القضايا الأساسية التي يجب إن تبحث خلال أي مفاوضات قبل المفاوضات النهائية بين الطرفين لتهنأ لطيفة و كافة أمهات المعتقلين بتحرير أبناءهم و يعود الدفء لبيت لطيفة الفلسطينية المحرومة من أبناءها منذ زمن و تزوج شريف و يجد إسلام عروسة من بنات المخيم و يحتفل الجميع بعودة الأسرى في المخيمات و المدن و القرى الفلسطينية و تعلو الزغاريد الفلسطينية أجواءها و يوزع الأحرار بأيديهم الحلوى الفلسطينية و يعود الشمل و يتحقق الأمل المنشود. إلى حين تلك اللحظة التي نراها قريبة بإذن الله تعالى نحن صابرون معك يا لطيفة يا أم ناصر و نصر و شريف وباسل و جهاد و محمد و إسلام .
و ما يعطى صبرنا قوة هو صمودك الرائع و ما يخفف عنا و عنك هو استجابة كافة المؤسسات و المنظمات المحلية و الوطنية و الدولية المعنية بشؤون الأسرى و المعتقلين بالعالم لدعوتي بزيارة بيت المناضلة لطيفة أم المعتقلين الفلسطينيين بمخيم الامعرى و منحها حبا وطنيا بهدف التفريج عن كربتها و تجديد الأمل لها و لو بالحديث معها ليزداد صبرها قوة و هذا اقل ما يمكن أن نقدمه لهذه الأم الصابرة المرابطة المقاومة.
وان ما أقدمه للأخوة الإبطال أبناء الأم الصابرة لطيفة القابعين خلف القضبان عبر هذا المقال هو الحب الوطني الخالص لتفانيهم في الدفاع عن قضايا الوطن و التفاني في تقديم أنفسهم قرابين للحرية و الاستقلال و أما باقي أخوتي المعتقلين و الأسرى الإبطال أقول إن الأمل قادم و الأمل موفور لدينا و حريتهم جميعا مؤكدة و عودتهم سالمين محررين إلى أسرهم و أمهاتهم و أبناءهم مؤكدة و إلى حين ذلك نتمنى أن تحكى قصة لطيفة الفلسطينية لكل معتقل و أسير فلسطيني ليعرف كم عظماء هم أمهاتهم و كم صابرات هم أمهاتهم و ما تقدمة الأمهات من تضحيات للوطن لا يقل عما قدموه .