التحركات الأخيرة لسعر المعدن الأصفر خاصة بعد تجاوز مستوي ال 810 دولار للأونصة في الأسواق العالمية تعكس حقيقة لامناص منها وهي أن المعدن ما زال مهيأ لاستعادة مكانته لدي المستثمرين كملاذ آمن في مواجهة نزيف الخسائر الحادة التي خلفتها الأزمة العالمية. وقد يعزز من ذلك الاتجاه الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة مومباي عاصمة المال الهندية حيث يمكن التعامل مع تلك الأحداث كواقع جيوسياسي جديد في إطار الأزمة المالية وهو ما يؤكد استمرار احتفاظ المعدن بمكانته كوعاء ادخاري آمن خلال الأزمات سيما وأن الهند كما هو معروف تعد أكبر مستهلك للمعدن الأصفر في العالم. فقد تمكن المعدن الأصفر في تحقيق ارتفاع بنحو 14% خلال الشهر الحالي في بورصة نيويورك للسلع وهو ما يعد الأعلى منذ 9 أعوام أو تحديدا سبتمبر عام 1999. وقد سجل أيضا سعر الذهب زيادة خلال الأسبوع الأخير بحوالي 3.4% كما حقق أسعار البلاتين أعلى ارتفاع أسبوعي منذ شهر مايو. وتشير شبكة "بلومبرج" الإخبارية إلى ارتفاع سعر الذهب لعقود شهر فبراير الآجلة في بورصة نيويورك للسلع بحوالي 7.7 دولار أو 0.9% في أخر تعاملات الأسبوع ليبلغ سعر الأونصة 819 دولار. وقد حقق سعر البلاتين ارتفاعا ملحوظا خلال الأسبوع الأخير بلغ حوالي 6.9% بينما قدر ارتفاع المعدن بواقع 6.1% خلال الشهر الحالي لتنهي بذلك أسعار البلاتين سلسلة الانخفاضات التي دامت أربعة أشهر. غير أن البلاتين المستخدم بشكل أساسي في عمليات الإنتاج الصناعي ما زال منخفضا بواقع 42% منذ بداية العام الحالي في ظل مخاطر الكساد التي تحاصر أغلب الاقتصاديات الصناعية حاليا. ورغم الارتفاعات الملحوظة التي حظي بها سعر المعدن الأصفر على مدى الأيام الماضية إلا أن تلك الارتفاعات قد تقيدت بعض الشيء نظرا لتمكن الدولار من إثبات تماسكه أمام العملات الرئيسية وبصورة خاصة اليورو الأمر الذي يقلص الطلب على المعدن كبديل عن الاستثمار في أسواق الصرف خاصة وأن اليورو قد هبط ب 2% أمام الدولار وهناك توقعات بإمكانية وصول سعر العملة الأمريكية إلى مستوى 1.25 دولار لليورو خلال الشهرين المقبلين و مستوى 1.20 دولار مع نهاية الربع الأول. ويشير أحد المحللين لدي "ستاندر بانك" في موسكو إلى أن بعض المستثمرين قد لا يبدون اهتماما لشراء الدولار وذلك خلال الفترة التي قد يشهد فيها الدولار مزيد من الارتفاع. وكان سعر المعدن قد وصل لمستوى قياسي في 17 مارس الماضي حيث بلغ 1033.9 دولار للأونصة إثر هبوط سعر اليورو لأدنى مستوياته أمام العملة الأمريكية. وتوقعت مؤسسة "مورجان ستانلي" المصرفية أن يتمكن المعدن من العودة لتجاوز مستوى ال 1000 دولار للأونصة بحلول عام 2011. وأرجعت المؤسسة المصرفية تلك التوقعات الخاصة بها وذلك في حال تراجع المعروض العالمي من قبل المناجم التي ستشهد ارتفاعا لتكاليف عمليات التعدين وبشكل متزامن مع زيادة الطلب. ويشير المحلل الاقتصادي في شئون السلع لدي البنك وذلك في مقابلة مع شبكة بلومبرج الإخبارية أن المعروض من قبل عمليات التعدين قد وصل بالفعل لأعلى مستوياته في عام 2001 ثم شهد تراجعا بعد ذلك. وأضاف أنه بالنسبة لجانب الطلب فإنه مع سرعة وتيرة نمو الدخول يزداد استهلاك المعدن من خلال الطلب على المجوهرات لأغراض الزينة. وكان سعر المعدن الأصفر قد شهد ارتفاعا بأكثر من 100% على مدى الستة أعوام الأخيرة في ظل القفزات التي شهدها سعر النفط الخام وانخفاضات الدولار الأمر الذي أسهم في تنامي ضغوط التضخم على مستوى العديد من الاقتصاديات المتقدمة والناشئة.