مع استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية لم يكن شهر أكتوبر المنصرم شهرا عاديا لأسواق الأسهم علي مستوي العالم حيث منيت بأكبر خسائر لها منذ 21 عاما, في الوقت الذي شهدت فيه كل من بورصتي "ول ستريت" وطوكيو أضعف اداء لهما علي الاطلاق. فتلك الأزمة, والتي تعد الأصعب من نوعها منذ حقبة الكساد الكبير التي المت بالاقتصاد الأمريكي في ثلاثينات القرن الماضي, رفعت حالة الطوارئ علي مستوي العديد من حكومات العالم والبنوك المركزية حيث تم التحرك بشكل جماعي في اطار اجراء خفض الفائدة وضخ السيولة المالية للقطاع المصرفي. ورغم مظاهر الصحوة التي عاشتها بعض الأسواق لمدة قصيرة لم يكن أمام المستثمرين ملاذا في مواجهة طوفان الخسائر, الذي يجتاح الأسواق وتذايدت حدته خلال الأسابيع الأخيرة, سوي الاحتفاظ بأكبر قدر من السيولة النقدية أو الاستثمار في السندات الحكومية. ويقدر الخبراء حجم خسائر الأسهم في أسواق العالم منذ مطلع العام بنحو 25 تريليون دولار وذلك بدون احتساب الخسائر التي لحقت باقتصاديات الدول. ولم تكن أسواق العالم المتضرر الوحيد من تداعيات الأزمة العالمية حيث يشير تقرير أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز" عبر موقعها الالكتروني إلي أن الاداء الشهري لسعر صرف اليورو أمام كل من الدولار والين خلال الشهر المنصرم كان الأضعف من نوعه وذلك منذ اطلاق العملة الأوربية في 1999. وامتدت الخسائر أيضا لأسواق السلع الأولية حيث شهدت أسعار النفط الخام أكبر تراجع شهري وعلي مستوي أسواق الأسهم والسندات في الدول ذات الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل وروسيا والهند والصين فقد أوشكت تلك الأسواق علي تسجيل مستويات خسائر قياسية في الشهر الماضي, الأمر الذي خيب الامال ازاء امكانيات نجاح تلك الاقتصاديات في تجنب مخاطر الركود التي تحاصر الاقتصاد العالمي. ومن بين أسواق الأسهم التي منيت بأكبر انخفاضات خلال الشهر الأخير الأسهم اليابانية حيث هبط مؤشر نيكاي بنحو 24 % وهو ما يعد اسوأ اداء للبورصة في تاريخها الممتد منذ 58 عاما. وفي بورصة ول ستريت سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" علي مدي تعاملات الشهر انخفاضا بنحو 16.9 % وهو ما يعد أكبر انخفاض منذ أكتوبر عام 1987 حينما هبط المؤشر بحوالي 21.8 %. وفي أوربا, هبط مؤشر فوتسي يوروفيرست لأسهم 300 شركة أوربية ب13.1 % وهو ما يعد أكبر انخفاض منذ سبتمبر 2002. وفي بورصة لندن تراجع مؤشر ال"فوتسي 100" ب10.7 % مواصلا بذلك انخفاضاته التي تعرض لها في سبتمبر والتي قدرت ب13 %. ووفقا لتقديرات مؤسسة "تريم تابس" المتخصصة في ابحاث الأسواق فقد بلغ حجم الاستثمارات التي تم سحبها من الصناديق المشتركة في الأسهم الأمريكية خلال الشهر الماضي بنحو 75 مليار دولار وهو ما يعتبر أكبر نزوح شهري للاستثمارات مقارنة بالأموال التي سحبت في سبتمبر والتي قدرت ب56 مليار دولار.