أعلن دكتور شاكر عبد الحميد الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة أنه سيصدر عن المجلس قريباً كتاب شلبي "محاكمة طه حسين"، واصفاً الراحل بأنه كان يكتب كما يعيش، وأهدى درعا تكريميا لنجل الراحل، والذي أكد أن أبيه رحل وهو راض عن مشواره ويشعر بالسعادة. جاء ذلك في جلسة تأبين الكاتب الراحل في المجلس الأعلى للثقافة أمس بحضور وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازي .
وأكد الدكتور جابر عصفور أن خيري شلبي ، الأديب الكبير الراحل مؤخرا ، كان يملك لغة شفاهية أقرب ما تكون للغته الروائية ، ولا يباريه في ذلك سوى الراحل يوسف إدريس . كما اعتبر شلبي المهمشين شاغله الأكبر ، أغنياء أو فقراء ، يكتب عن قاع الريف والمدينة ، ويخبرنا بمعاناة الناس هناك "بحرقة" من عانى مثلهم، وكان جسورا ليس لديه تابوه في الكتابة يحرم من دخوله . وأضاف أن من يقرأ لخيري عليه أن ينسى ما تعارف عليه المجتمع من السلم القيمي، وهو يشاهد شخصيات صنعها الكاتب بتلقائية وامتياز لتخرج من القراءة وأنت تتذكر تفاصيلها جيدا ، كما كان يفعل تولستوي الأديب الروسي الكبير .
عصفور أكد أن أفضل بيت شعر يمكن أن ينطبق علي وصف حالة الفراق للكاتب خيري شلبي هو ماقاله الشاعر أمل دنقل : كل الأحبة يترحلون .. فترحل عن العين شيئا فشيئا ألفة هذا الوقت.
كما أشار إلى أنه عندما كلفته د. سهير القلماوي أن يكون عضواً في لجنة جوائز الدولة التشجيعية، وكان ضمنها كتاب " فلاح مصر في بلاد الفرنجة " لخيري شلبي ، وكتب عصفور عنه تقريراً ايجايبا في هذا الكتاب ساهم في حصول الراحل علي جائزة الدولة، وأوضح د. جابر عصفور ان علاقته بدأت مع الراحل خيري شلبي عندما قرأ ذلك التقرير ، والتي استمرت حتى وفاة الراحل، وخلال تلك الحياة الحافلة بكل تلك الأعمال الإبداعية الهامة كان خيري شلبي يهديه نسخه من كل أعماله ، كان آخرها رواية " أسطاسية".
ويرى عصفور أن شلبي تمرد على الرواية التقليدية ومن ثم لا يهتم بوجود بناء محكم لرواياته، ما فرض على النقاد ضرورة إعادة النظر في الرواية الكلاسيكية التقليدية. وقد لاحظ أن بعض رواياته القصيرة كلماتها موزونة ، وكأن خيري حينما ينفعل بالكتابة تتحول كلماته لشعر موزون.
وتساءل الأديب يوسف القعيد عن سر احتفائنا بالراحلين بعد أن يفارقونا، قائلاً أن خيري كان سيسعد إذا أقيم هذا التكريم في حياته، وهو ما جرى أيضا مع الكاتب عبدالحكيم قاسم .
وتحدث الناقد الدكتور حسين حمودة عن مجموعة خيري شلبي القصصية "ما ليس يضمنه أحد" التي تنتمي لصورة خيري شلبي الحكيم ، فقد كانت قيمة الارتحال لديه أهم من قيمة الوصول، وكان يصل لمصاف الحكماء عبر حيوات البسطاء. وذكر د. حموده أن خيري شلبي لم يكن فقط ابناً باراً لسلالة "الحكي" القصصى والروائى المصرى التى كان من شاراتها الكبيرة محمود طاهر لاشين و يحي حقي ثم يوسف إدريس بل أصبح شلبي أباً كامل الأبوة في هذه السلالة.
وقال القاص محمد إبراهيم طه أن شلبي جُبل على السرد، ويعد ماكينة من الحكي البشري، والسبب في غزارة إنتاجه هو تمرنه على الكتابة التي كان يلجأ إليها في كل الأوقات، وينفس بها غضبه. وواكب حفل التأبين صدور كتاب عن خيري شلبي بعنوان "خيري شلبي .. فيلسوف المهمشين" أعده الشاعر والناقد شعبان يوسف الذي أدار حفل التأبين، والكتاب يصف شلبي بالفلاح المنشد ، وقد صنع أسطورته الخاصة، ولم ينتظر تحية من أحد، فمنذ روايته الأولى "اللعب خارج الحلبة" التي أصدرها عام 1971 لم يحتف به النقاد الذين أبعدوه عن أروقتهم، حتى أصبح اسماً شهيراً في عالم الأدب.
ويشير يوسف إلى الشهادة التي كتبها الراحل عن نفسه ونشرت في مجلة "فصول" عام 1992 حينها كان يبلغ من العمر 54 عاما، وقال أن الدولة لم تنتبه إليه، كما أن البلدان العربية لم تناديه، ليعلق يوسف قائلاً أن التيار النقدي لم يتسع لكتابات شلبي حينها.