منذ نجاح ثورة 25 يناير والانقسام هو لسان حال كل القوي السياسية بل والشعبية يستوي في ذلك القوي التي شاركت في الثورة منذ اللحظة الاولي وتلك التي لحقت بهم بعد أن اطمأنوا الي نجاحها أو أولئك الذين انتظروها عند خط النهاية. ومخاطر الانقسام واضحة ونتائجه ملموسه عشناها ونعيشها منذ تنحي الرئيس السابق لماسنا هذا الانقسام في الاستفتاء علي الدستور وما تلاه من محاولات الذين قالوا لأ التشكيك في مصداقية الذين قالوا نعم وظهرت دعوات الدستور أولا والانتخابات أولا ومصر أولا .. الخ ثم انتهي الجدل المثار حول هذا الموضوع وانتقل الي الانتخابات البرلمانية حيث ظهر الخلاف حول توقيتها وحول قانون الانتخابات والنظام الانتخابي الامثل وما أثير حول ضم المستقلين للاحزاب وفي كل ذلك يستجيب الحكم الي أصحاب الصوت الاعلي بغض النظر عن مدي تمثيلهم في الشارع.
لكن أخطر ما في الانقسام والاختلاف الناتج بعد الثورة هو التخوين المتبادل الذي اصبح اللغة السائدة بين الفرقاء السياسيين بل ووجدنا هذا التخوين موجود حتي داخل الفصيل السياسي الواحد وما حدث من انشقاق في حركة 6 ابريل وما تلاه من خلافات داخل حزب النور ليس ببعيد.
هذا التخوين المتبادل والثقة المعدومة بين شركاء العمل الوطني كما يسمون أنفسهم لا يخدم مصر في هذه المرحلة بل يخدم فئات أخري ربما تكون داخلية وخارجية والحديث هنا لا ينصب علي أجندات او مفكرات بل الحديث هنا ينصب علي حقائق وأرقام فقد بلغت الخسائر التي تكبدتها الدول العربية التي شهدت مظاهرات وثورات شعبية حوالي 55 مليار دولار في حين استفادت الدول الاخري في المنطقة وعلي راسها الدول البترولية مثل قطر والامارات والسعودية.
وفي مصر التهمت تسعة أشهر من الاضطرابات نحو 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مع ارتفاع الانفاق العام الى 5.5 مليار دولار وتراجع الايرادات العامة بمقدار 75 مليون دولار هذه البيانات وفقا لتقرير أعدته مؤسسة جيوبوليسيتي لاستشارات المخاطر السياسية والذي يعتمد علي بيانات صادرة من صندوق النقد الدولي ، فإن البلدان التي شهدت المواجهات الاكثر دموية وهي ليبيا وسوريا تحملت العبء الاقتصادي الاكبر تليها مصر وتونس والبحرين واليمن.
فقد خسرت هذه الدول 20.6 مليار دولار من ناتجها المحلي الاجمالي وتاكلت ماليتها العامة بقيمة 35.3 مليار دولار اضافية مع تراجع الايرادات وارتفاع التكاليف. وطبقا للتقرير فان الدول الرئيسية المنتجة للنفط مثل الامارات والسعودية والكويت فقد زاد ناتجها المحلي الاجمالي. وقفزت أسعار النفط من نحو 90 دولارا لبرميل خام برنت في مطلع العام الى نحو 130 دولارا في مايو ايار ثم تراجعت الى نحو 113 دولارا في الوقت الراهن. فهل يمكن ان نتجاوز مرحلة الخلاف ونتجه الي مرحلة البناء والعمل علي تعويض ما أصاب الاقتصاد المصري حتي نستطيع ان نجني ثمار الثورة كما ينبغي لها أن تكون.