بوادر التعافي التي ما زال يحظى بها الاقتصاد العالمي والتي تسهم في تنشيط حركة الاستثمارات نحو الأدوات المالية مترفعة العائد، كان لها تأثير واضح على سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية خاصة اليورو خلال تعاملات الأسبوع الأخير في أسواق الصرف. فقد تعرضت العملة الأمريكية لمزيد من ضغوط التراجع خلال الأسبوع الأخير ليتجاوز اليورو مستوى ال 1.5 دولار وذلك للمرة الأولى منذ نحو 14 شهرا. وتقدر نسبة تراجع الدولار أمام اليورو خلال الأسبوع الأخير بنحو 0.7% ليبلغ سعر العملة 1.508 دولار بنهاية الأسبوع مقارنة بالمستوى المسجل في نهاية الأسبوع السابق والبالغ 1.4905 دولار. وكان سعر العملة الأمريكية قد لامس يوم الأربعاء الماضي مستوى ال 1.50 دولار وذلك لأول مرة منذ أغسطس من العام الماضي غير أن العملة اليابانية قد تراجعت مقابل الدولار بنحو 1.3% خلال تعاملات الأسبوع وهو ما اعتبر أكبر تراجع منذ شهر أغسطس كما انخفض سعر الين بحوالي 2% مقابل اليورو. وأشارت شبكة بلومبرج الإخبارية إلى انخفاض سعر الإسترليني خلال تعاملات الأسبوع بحوالي 1% ليبلغ 92.02 بنس لليورو متأثرا بالبيانات الجديدة الخاصة بالاقتصاد البريطاني التي أظهرت انكماشا غير متوقعا مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت ترجح حدوث نمو اقتصادي بنحو 0.2% في الربع الأخير. وقد عززت تلك البيانات توقعات بعض المحلليين التي ترجح إمكانية إقدام بنك انجلترا رفع برنامج شراء السندات الذي ينتهجه بتكلفة تبلغ 175 مليار جنيه إسترليني. وكان بنك انجلترا قد بدأ شراء السندات الحكومية والسندات الصادرة عن الشركات في شهر مارس الماضي من خلال إصدار أوراق نقدية جديدة كإجراء استهدف خفض تكاليف الاقتراض لتنشيط الأسواق وتحفيز الاقتصاد البريطاني على تجاوز مرحلة الركود التي ما زال يواجهها رغم نجاح كل من الاقتصاديين الفرنسي والألماني في الانتقال إلى مرحلة النمو. وحول ضغوط التراجع التي ما زال يشهدها الدولار فقد أعرب مسئولون أوروبيون عن قلقهم إزاء ذلك التراجع إزاء اليورو والذي قد يعرقل جهود دفع الاقتصاد الأوروبي للتعافي وتجاوز مرحلة الكساد الأخيرة. ويري أحد المحللين أن وصول سعر اليورو لمستوى ال 1.5 دولار سيكون له انعكاسات سلبية على أداء الاقتصاد الأوروبي وقطاع الصناعة على مستوى دول منطقة اليورو. وكان سعر الدولار قد وصل في أواخر أكتوبر من العام الماضي لأعلى مستوياتها مقابل اليورو منذ نحو العامين والنصف وذلك في ظل اتجاه المستثمرين لسندات الخزانة الأمريكية بعيدا عن مخاطر تقلبات أسواق الأسهم خاصة وأن إفلاس مصرف "ليمان برازرز" قد أدي إلى تجميد النشاط في أسواق الائتمان غير أن الدولار قد هبط منذ تلك الفترة وحتى الآن وذلك بنحو 18% بعد أن أدت جهود المصارف المركزية إلى دعم مستويات السيولة بالأسواق في الوقت الذي شجعت فيه بوادر التعافي الاقتصادي عالميا المستثمرين على الانتقال للأسواق المالية والعملات مرتفعة العائد.