رغم التحرك السريع الذي أبداه الاتحاد الأوروبي حيال أزمة الديون التى واجهت كل من ايرلندا والبرتغال واليونان من خلال تقديم خطط انقاذ، الا أن أزمة الديون مازالت تتفاقم، في ضوء ذلك أعلن جان كلود يونكر، رئيس مجموعة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورج أن القمة المرتقبة لرؤساء وحكومات منطقة اليورو "ستتمخض عن تقديم حلول محكمة" لمشكلة المديونية. وأشار يونكر في المؤتمر الصحفي الذي عقد ببرلين أنه من المقرر أن يعقد رؤساء حكومات ودول منطقة اليورو التي تضم 17 عضواً قمة في 11 مارس/آذار الجاري تهدف إلى تقديم خطة شاملة لاستراتيجية تثبيت العملة الأوروبية الموحدة "يورو". وأوضح في كلمته التى أوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن القمة ستتزامن مع اجتماع مماثل لدول الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 عضوا لمناقشة آخر التطورات على صعيد الأزمة الليبية والأوضاع الراهنة في كل من مصر وتونس. وأشار إلى أن القمة ستناقش استراتيجية جديدة تتضمن صناديق الانقاذ الأوروبي وتأسيس مجلس أزمات اقتصادي في منتصف عام 2013، إضافة إلى بحث اقتراح ألماني بتأسيس ما سمته برلين "اتحاد القدرة على المنافسة" وتشديد قوانين اتفاقية الاستقرار التي تعرف باسم "اتفاقية ماستريخت" بجانب مناقشة دور البنوك العملاقة في ادارة الأزمات واحتمال اجراء تعديلات على المساعدات المقدمة لكل من اليونان وايرلندا. ومن جانبها، أعربت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية عن تفاؤلها بقدرة الاتحاد الأوروبي على التغلب على مشكلة المديونية التي يعاني منها بعض أعضاء التكتل مثل البرتغال واليونان وايرلندا. وقالت ميركل في مؤتمر صحفي عقد ببرلين بعد لقاء رئيس مجموعة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يونكر إن الاتحاد الأوروبي يسير على طريق صحيح سيؤدي إلى تخطي مشاكل المديونية التي يعاني منها. وأعربت ميركل عن ثقتها الكاملة بقدرة القمة الأوروبية التي ستعقد في 11 مارس/آذار الجاري على "ارسال اشارة قوية" إلى أسواق المال بأن دول منطقة اليورو قادرة على حل مشاكلها المالية. وعلى صعيد متصل، طالب جورج باباندريو، رئيس الوزراء اليوناني من زعماء الإتحاد الأوروبي أن يتخذوا قرارات شجاعة لتهدئة الأسواق خلال قمتهم التي تعقد في وقت لاحق هذا الشهر لبحث أزمة ديون منطقة اليورو. وأشار إلى أن زعماء دول منطقة اليورو سيجتمعوا يوم 11 مارس/آذار للاتفاق على حزمة شاملة من الإجراءات لاحتواء أزمة ديون المنطقة قبل أن يوقع زعماء الاتحاد على الاتفاق خلال اجتماع في بروكسل يومي 24 و25 مارس. ومن جانبه، أعرب دومينيك ستراوس كان، مدير صندوق النقد الدولي عن قلقه العميق ازاء الأوضاع الاقتصادية في أوروبا، مشيراً إلى أنها سوف تواجه مستقبلاً مفعماً بعدم الاستقرار وأن المخاطر المحدقة بها أخطر وأكثر من أي وقت مضى. وكان وزراء مالية الاتحاد الأوروبي قد اقروا في وقت سابق برنامج المساعدات المالية لايرلندا وذلك على أساس وجود برنامج للتفاوض مع السلطات الايرلندية من قبل المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الأوروبي . وأشار بيان وزارى إلى أن الاتحاد الأوروبي وضع شروطاً لخطة الانقاذ التي تضمنت اجراء اصلاح شامل للنظام المصرفي في ايرلندا والاصلاحات التي تعزز النمو والحد من العجز الحكومي في ايرلندا بأقل من 3% من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2015 . وقد نفي سترواس أن تكون العملة الأوروبية الموحدة "يورو" في خطر، مشيراً إلى أن وجود اتحاد عملة غير كاف في حد ذاته بل يتطلب الاقتصاد الأوروبي تنسيقاً في السياسية الاقتصادية، حيث تميل الدول إلى البحث عن حل انفرادي اثناء الأزمات في حين أن التعاون والحلول الجماعية هي المخرج الرئيسي. وقال ستراوس إن الاقتصادات الآسيوية وكذا في أمريكا اللاتينية قد تمكنت من تجاوز الأزمة في حين تمر الولاياتالمتحدة باقتصاد غير مستقر. وذكر خبراء أن الأمر قد يتطلب من واضعي السياسة النقدية في أوروبا المزيد من عمليات خفض أسعار الفائدة على اليورو للوصول بها لمستويات قياسية في أطار إجراءات الحد من تأثيرات أزمة الديون وتفاقم عجز الميزانيات التي تواجه بعض دول منطقة اليورو . ورجح بعض الخبراء أن العام الحالي 2011 أن منطقة اليورو مازالت تشهد بالفعل ضغوط تضخم محدودة يصحبها نموا بوتيرة معتدلة على مستوى بعض دول المنطقة . فقد هددت لعنة الديون السيادية في أحد مراحلها بانهيار العملة الأوربية في الوقت الذي تعرضت فيه كل من ايرلندا واليونان لمخاطر الإفلاس ، كما انه حتى بعد تلقي تلك الدولتين برنامج إنقاذ سريع في إطار دولي ، رجحت بعض التقديرات إمكانية احتياج البرتغال هي الأخرى لمساعدات بجانب أيضا اسبانيا . ويشير الخبراء إلى إن منطقة اليورو تشهد انتعاشا بطيئا رغم إن قوة أداء الاقتصاد الألماني قد تعوض حالة الضعف على مستوى ما يسمى بالاقتصاديات غير الرئيسية . وتوقع البنك المركزي الأوربي في وقت سابق من الشهر الحالي تباطؤ النمو على مستوى دول منطقة اليورو في 2011 إلى 1.4 % مقارنة بتقديرات النمو للعام الحالي التي تبلغ 1.7 % ، كما توقع ارتفاع التضخم إلى 1.8 % مقابل 1.6 % في العام الحالي ، غير إن ذلك المعدل المتوقع مازال في حدود اقل من المستوى المستهدف والمسموح به . ويرى كبير الخبراء الاقتصاديين لدى " باركليز كابيتال " إن الإجراءات الرامية لاحتواء عجز الميزانيات وإعادتها لمستوياتها الطبيعية ، ستشكل فاتورتها نحو 1.3 % من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو وذلك خلال 2011 ، حيث تستهدف ايرلندا والبرتغال خفض العجز بنحو 4 % واليونان بنحو 6 % . ويشير احد الخبراء إلى إن البنك المركزي قد أوضح إن الأزمة الراهنة يتطلب الأمر علاجها من خلال الحكومات ، غير انه مع عدم سرعة التحرك سيظل لدى البنك شعور بضرورة التدخل ، كما إن التحدي الذي ينتظر الرئيس القادم للبنك المركزي الأوروبي خلفا لجين كلود تريشيه ، يتمثل في العمل على تشكيل منطقة اليورو لتكون كيانا ماليا واقتصاديا أكثر تماسكا .