كيف استغل زعماء العالم "منبر العشرين" لعرض أولوياتهم؟ محيط – زينب مكي
البيان الختامي لقمة العشرين أكد زعماء مجموعة العشرين على أن الأولوية القصوى لديهم هي حماية وتعزيز النمو الاقتصادي، مؤكدين أن وتيرة الانتعاش الاقتصادي ستختلف على مستوى العالم عقب الأزمة الاقتصادية وأن ثمة حاجة لتوفر توازن دقيق بغية العودة لضبط الميزانيات والحفاظ على النمو.
وأضاف البيان الختامي للقمة التي انفضت يوم الأحد 27 يونيو/ حزيران في مدينة "تورونتو" الكندية أن "ثمة خطر في أن يؤثر التعديل المالي المنسق بين عدة اقتصادات رئيسية تأثيرا سلبيا على الانتعاش، وهناك أيضا خطر في أن يقود الفشل في تحقيق الضبط عند الضرورة إلى تقويض الثقة وعرقلة النمو".
وتوقع البيان الذي أوردته فضائية حديث "روسيا اليوم"، أنه في حال ممارسة سياسة اقتصادية متفق عليها، سوف يزداد الناتج العالمي بمعدل 4 تريليونات دولار؛ بالإضافة إلى توفير 52 مليون فرصة عمل جديدة وخروج 90 مليون شخص في كل العالم من حالة الفقر.
تقليص عجز الموازنات
وأشار البيان إلى أن الدول الأعضاء في مجموعة العشرين اتخذت تدابير لخفض العجز في الميزانيات العامة في غضون 3 أعوام وتقييد الدين الحكومي في ميزانياتها وتشديد الرقابة على نشاطات البنوك، متعهدة بأن تخفض نسبة عجز موازناتها إلى إجمالي ناتجها الداخلي، إلى النصف بحلول عام 2013.
فرض ضريبة على البنوك
قادة العالم فى قمة العشرين ولم يتطرق البيان إلى موضوع فرض ضريبة على عمل البنوك، والذي دعت إليه بريطانيا والولاياتالمتحدة ،في إشارة إلى وجوب تحميل البنوك نفقات الدولة على إنقاذها في مرحلة الأزمة أو في حال نشوب أزمات جديدة، فيما كانت قد اعتراضت عليه كل من روسيا والصين وكندا ودول أخرى.
زيادة عدد عملات الاحتياط الدولية
ومن جانبه رأى الرئيس الروسي دميتري مدفيديف أن زيادة عدد عملات الاحتياط أصبحت ممكنة في المستقبل القريب، لكنه لم يحدد فترة زمنية معينة لتنفيذ هذا المشروع، مشيرا إلى أن هذه الفكرة لم تعد تثير ردود فعل سلبية عند احد كما كان في السابق.
كما أعلن مدفيديف أنه من المبكر الحديث عن أن "مجموعة الثمانية" تعتبر غير فعالة، مضيفا أنها تملك مستقبلا، قائلا "ان مجموعة الثماني مريحة لمناقشة المسائل السياسية ومواضيع الامن العالمي وتنسيق مناهج السياسات الخارجية.. لذلك اعتقد انطلاقا من هذا أن المجموعة تملك مستقبلا واضحا بما فيه الكفاية... ويؤيد زملائي هذا الموقف".
فرض ضريبة على شركات النفط
وتعهد زعماء الدول العشرين ذات الاقتصادات الرائدة في العالم بتكثيف التعاون لمنع حدوث تسرب نفطي آخر على غرار التسرب الذي يدمر حالياً الساحل الجنوبي بالولاياتالمتحدة، حيث دعا الرئيس الروسي إلى فرض ضريبة خاصة على شركات النفط لتمويل صندوق للمساعدة في إزالة آثار الكوارث البيئية مثل التسرب النفطي الذي تسببت فيه شركة "بي.بي"، مقترحا إنشاء صندوق عالمي للتلوث.
الطاقة من أجل الفقراء
خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأمريكي ومن جانبه، طالب خادم الحرمين الشريفين قادة العشرين بتعزيز إمكانات حصول الدول الفقيرة خاصة على الطاقة، من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء، قائلا في خطابه الذي ألقاه خلال القمة، إن تعزيز إمكانات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة التكلفة يعد أمراً أساسياً لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، مشددا على ألا يتضمن النهج الذي يتم إتباعه في مساندة ودعم التكنولوجيات النظيفة تحاملاً أو تحيزاً ضد النفط وغيره من أنواع الوقود الأحفوري.
أوباما واليوان الصيني
ومن جانبه، استغل الرئيس الأميركي باراك أوباما المنبر الذي وفرته نهاية الأسبوع قمة مجموعة العشرين، لتوجيه انتقادات شديدة إلى الصين، داعياً إياها إلى تجاوز مصالحها القومية للمساهمة في إعادة التوازن للاقتصاد العالمي.
وقال أنه من الضروري أيضاً ألا يستفيد أيا كان من "أفضلية غير مستحقة" في المجال الاقتصادي أو التجاري لتأمين نمو مستدام في العالم، داعياً السلطات الصينية إلى "التعامل بجدية" مع وعدها بإضفاء مرونة على سعر صرف اليوان.
فاتورة الأزمة
قادة العالم اثناء القمة فجر صندوق النقد الدولي الذي اقترح، بتكليف من الدول الأعضاء، نوعين من الضرائب من شأنهما تحميل المصارف كلفة ما تتسبب فيه من أزمات مالية في المستقبل، مفاجأة كاشفاً في تقرير رفعه إلى قمة تورونتو أن الأزمة التي عصفت بالنظامين المالي والاقتصادي العالميين في 2007 و2008 رتبت على الحكومات أعباء مالية تقدر بنحو 13 تريليون دولار، تعادل نحو 21% من الناتج العالمي في 2009.
ووفقا للتقرير الذي أوردته صحيفة "الحياة" اللندنية، كان الجزء الأكبر من فاتورة الإنقاذ المالي، وتحديداً بنحو 12 تريليون دولار من نصيب الدول المتقدمة الأعضاء في مجموعة العشرين، فينما انحصرت أعباء الاقتصادات الصاعدة التي بلغت قيمتها نحو 950 مليار دولار في البرازيل وروسيا متجاوزة الأعضاء الآخرين، أي السعودية والهند وإندونيسيا وتركيا والأرجنتين والمكسيك وجنوب أفريقيا.
وأوضح التقرير أن انفردت الولاياتالمتحدة بنصف القيمة الإجمالية لفاتورة أزمة المال، بما يعادل 42% من ناتجها المحلي العام الماضي، وتلتها بريطانيا بنحو تريليوني دولار، ما يزيد على القيمة الإجمالية لناتجها المحلي، وبلغت حصة ألمانيا 840 ملياراً (28% من الناتج المحلي) وتجاوزت حصة فرنسا 500 مليار (21% من الناتج المحلي) أما كندا وأستراليا فبلغت أعباؤهما 300 و100 مليار (27 و13% من الناتج المحلي) على التوالي.
ولفت الصندوق إلى أن الحكومات والمصارف المركزية في الدول المتقدمة الأكثر تأثراً بالأزمة، وتحديداً أميركا وألمانياوفرنسا وبريطانيا، لم تستخدم فعلياً سوى 50% في المتوسط من الأموال المرصودة لدعم رؤوس أموال المصارف المتعثرة، ونحو ثلثي مخصصات شراء الأصول المالية، بينما بقيت قيمة الضمانات أقل من المبالغ التي التزمت وزارات الخزانة والمال التعاقد عليها، لكنه أوضح أن المبالغ التي استعادتها الحكومات والمصارف المركزية في دول المجموعة جراء انحسار أزمة المال والانتعاش الاقتصادي، لم تتجاوز حتى نهاية العام الماضي 21% من كلفة عملية الإنقاذ.
من جانبه صرح اركادي دفوركوفيتش، مساعد الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، في مؤتمر صحفي عقده عقب اختتام القمة المذكورة ان روسيا تتطلع لاستضافة قمة العشرين في عام 2013، إلا انه أشار إلى أن القرار بهذا الشأن لم يُتخذ بعد.
وأضاف "نحن اقترحنا استضافة القمة في 2013 لكننا لم نحصل على جواب بعد، إذ أن تركيا أيضاً تسعى لاستضافة القمة في العام ذاته"، منوهاً بان النقاشات حول الاقتراح الروسي ستتواصل حتى عقد قمة ال 20، في خريف العام الجاري في عاصمة كوريا الجنوبية سيئول.
وجدير بالذكر، فأنه من المقرر أن تعقد قمة ال 20 في العام القادم بالمكسيك، على ان تستضيف فرنسا القمة في عام 2012.