واشنطن: في تطور قد يعكس بدء تفاعل الاقتصاد الأمريكي بصورة ايجابية مع بوادر الانتعاش التي تحظي بها حالياً العديد من الأسواق في آسيا وأوروبا، أظهر تقرير جديد لوزارة التجارة الأمريكية حدوث تراجع في عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة بشكل غير متوقع وذلك في ظل ارتفاع الصادرات لأعلى مستوياتها للعام الحالي بينما شهدت واردات السوق الأمريكي من النفط انخفاضا. ووفقاً للتقرير فقد انخفض العجز التجاري ال 3.6% خلال شهر أغسطس الماضي ليصل إلى 30.7 مليار دولار مقارنة بالمستوي المسجل في الشهر السابق والذي بلغ 31.9 مليار دولار. وتشير بيانات وزارة التجارة الأمريكية إلى ارتفاع قيمة الصادرات إلى نحو 128.2 مليار دولار مدعومة بنمو مبيعات السيارات بينما تراجعت الواردات الأمريكية ب 0.6% لتبلغ 158.9 مليار دولار خلال أغسطس وذلك بعد أن كانت قد قفزت في الشهر السابق إلى أعلى مستوياتها خلال 16 عاما. وأشارت شبكة "بلومبرج" الإخبارية إلى أن الزيادة المسجلة في حجم الطلب على السلع الأمريكية للأسواق الأجنبية والتي قدرت بنحو 0.2% كان يمكن أن تأتي بصورة أكبر وذلك مع استبعاد التراجع المسجل في الصادرات من الطائرات. ويبدو أن خطط وبرامج التحفيز الاقتصادي التي انتهجتها العديد من حكومات العالم بتكلفة إجمالية تتجاوز التريليون دولار تعمل حالياً على إنعاش حركة الواردات بالأسواق الأجنبية لتستفيد بذلك المصانع الأمريكية من التنامي المسجل للمبيعات في تلك الأسواق خاصةً وأن ضعف سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية يلعب دوراً أساسياً حالياً في تعزيز القدرة التنافسية للمنتج الأمريكي. غير أن الانتعاش الراهن في حجم إنتاج المصانع والرغبة في تعويض أى نفاذ بمستويات المخزون سيعنى أن حركة الواردات الأمريكية ستشهد نمواً أيضاً خلال الأشهر المقبلة وهو ما سيحول دون حدوث المزيد من التراجع في مستويات عجز الميزان التجاري. ويرى أحد الخبراء الاقتصاديين لدى مؤسسة "ويلز فارجوا سيكيورتيز" بنورث كارولينا أن ضعف سعر صرف الدولار سيدعم القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية كما أن حركة الواردات ستعكس استقرار الأداء الاقتصادي . ويأتي التراجع المسجل في عجز الميزان التجاري وذلك مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت ترجح ارتفاع مستوي العجز إلى 33 مليار دولار مقارنة بالأرقام المبدئية المعلنة في يوليو الماضي والبالغة 32 مليار دولار . وهناك بعض المؤشرات التي تعكس تمكن الاقتصاد الأمريكي من تجاوز المراحل الصعبة من الأزمة الأخيرة لعل أبرزها انتعاش حجم الإنتاج الصناعي على مدى الشهرين الأخيرين وذلك للمرة الأولي منذ بدء ملامح الركود الاقتصادي في أواخر عام 2007. وتشير أحد استطلاعات الرأي إلى أن البيانات الجديدة ستظهر عودة الاقتصاد الأمريكي بالفعل إلى مرحلة النمو خلال الربع الثالث المنقضي من العام وذلك بعد فترة الانكماش الذي عانى منها على مدى الشهور الستة الأولي من العام وذلك من بدء ظهور أثار برامج التحفيز الاقتصادي الذي أقرته إدارة الرئيس الأمريكي بفاتورة تصل إلى نحو 787 مليار دولار.