انسحاب الإمارات.. كرة النار التي تهدد الاتحاد النقدي الخليجي مجلس الوزراء الإماراتى
محيط السيد حامد
أثارت الخطوة الإماراتية، غير المتوقعة، بانسحابها من مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المخاوف علي مستقبل المشروع الذي ينتظر أن يقوم على اقتصاديات 4 دول خليجية فقط، وذلك بعد إعلان عمان رسميا انسحابها من المشروع قبل 3 سنوات.
وتباينت ردود الأفعال تجاه إعلان انسحاب الإمارات بين الصحف الإماراتية والسعودية, فبينما التزمت الصحف الإماراتية بالهدوء في تناول الموضوع, تجاهلت بعض الصحف السعودية قرار الإمارات في حين أكد بعضها الأخر ان القرار لن يؤثر علي مشروع الاتحاد النقدي.
واقتصرت صحيفة البيان الإماراتية علي نشر ما سبق أن نشرته وكالة أنباء الإمارات علي لسان مصدر مسئول في وزارة الخارجية الإماراتية بإعلان "أن الإمارات لن تكون طرفا في اتفاقية الاتحاد النقدي".
وأنه تم إخطار الأمانة العامة لمجلس التعاون رسمياً بذلك وأنها تتمنى لدول المجلس التي ستنضم للاتفاقية التوفيق والنجاح.
ويلاحظ أن ما نشرته "وام" خلا تماما من كلمة "انسحاب", كما لم تبرز الوكالة الخبر في صدر صفحتها, وكتبت عنوانا لا يشد الانتباه "الإمارات لن تكون طرفا في اتفاقية الإتحاد النقدي الخليجي", وداخل متن الخبر لم تذكر أنها "لن تكون عضوا في الاتحاد النقدي" بسبب اعتراضها علي قرار اتخاذ الرياض مقرا للبنك المركزي الخليجي.
واختتمت الوكالة خبرها بالقول: "وكانت دولة الإمارات أول من تقدم في العام 2004 بطلب رسمي لاستضافة المصرف المركزي الخليجي المزمع إنشاؤه وذلك كجزء من ترتيبات الدخول في الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون. يذكر أنه لا يوجد في الإمارات أي مقر أو مركز لأي من المؤسسات والهيئات التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية".
وفي هذه الطريقة أشارة من جانب خفي من جانب الإمارات أن الأمر لا يعني لها الكثير, ولن يضرها.
ولم تهتم "وام" اليوم أيضا برصد تداعيات انسحاب الإمارات, وخلت صفحتها الرئيسية من أي خبر عن هذا القرار, واكتفت فقط بنقل "آراء وتعليقات حول قرار الإمارات بشأن الاتفاقية النقدية الخليجية" وهو نقل لما نشرته الصحف الإماراتية اليوم.
إمكانية عودة الإمارات بنوك إماراتية أما صحيفة "الخليج" الصادرة اليوم فقد تصدر الخبر صدر موقعها الاليكتروني تحت عنوان "الإمارات لن تشارك في الاتحاد النقدي الخليجي", وهو تكرار للخبر الذي نشرته "وام", وفي موضع الأخبار المرتبطة وضعت "السويدي: ملتزمون بسياسة نقدية منفتحة وبالإبقاء على الدرهم مرتبطاً بالدولار" أعادت فيه نشر ما سبق ان نشرته "وام" مرة أخري, ثم أضافت بعض التعليقات وردود الأفعال علي القرار.
تصدرها تأكيد شخصيات عامة واقتصادية أن "انسحاب الإمارات من الاتحاد النقدي تعبير عن تجاهل مطالبها", ويأتي في إطار حق الدولة بالتعبير عن رفضها لتجاهل طلبها باستضافة مقر المصرف المركزي الخليجي. وان اختيار السعودية على أساس كونها الاقتصاد الأكبر بين دول المجلس ليس صائباً، ففي الاتحادات الاقتصادية يكون هناك معايير أخرى لاختيار مقار البنك المركزي.
وفي الوقت الذي ساقت فيه الصحيفة مبررات استحقاق الإمارات أن تكون مقرا للمركزي الخليجي, أكدت أن سلبيات الانسحاب لن تضعف الإمارات بل علي العكس ستكون ضارة بالوحدة النقدية, ونقلت ان قرار اتخاذ الرياض مقرا للمركزي الخليجي كان من المفروض أن ينظر إلى مبررات الإمارات في طلب استضافة المقر باعتبارها أول دولة تطلب ذلك وكان يفترض النظر إلى هذا الطلب بجدية من بقية أعضاء مجلس التعاون على اعتبار أن جميع الأعضاء متساوون.
وحول إمكانية عودة الإمارات إلى مشروع الاتحاد النقدي الخليجي نقلت الخليج قول الدكتور عبد الرزاق الفارس كبير الاقتصاديين والمدير التنفيذي المسئول في مجلس دبي الاقتصادي ان قرار الإمارات هو "انسحاب مؤقت".
وهكذا فتحت "الخليج" الباب مرة ثانية حول إمكانية عودة الإمارات إلى المشروع في حالة إعادة النظر في قرار اتخاذ الرياض مقرا للمركزي الخليجي.
الإمارات الأفضل أما صحيفة "الاتحاد" فقد نشرت الخبر تحت عنوان "خبراء: انسحاب الإمارات يضاعف تحديات إطلاق العملة الخليجية في الموعد المحدد" مؤكدة ان الانسحاب لن يضر الإمارات "ولكن من شأنه أن يلغي أو يؤجل الورقة النقدية المزمع إطلاقها العام المقبل". وأكدت أن الإمارات تستحق أن تكون مقرا للمركزي الخليجي بحكم قوة اقتصاد الإمارات ومكانتها كأهم مركز تجاري في المنطقة، خاصة أن الإمارات تمتلك اكبر حجم من أصول المصارف بالمنطقة، ويفوق أصول أي دولة خليجية أخرى، وبالتالي فهي "الأفضل والأكثر ملاءمة لاستضافة مقر المركزي".
وبالنسبة للصحف السعودية, فقد تجاهلت صحيفة الرياض لخبر الانسحاب, أما "الوطن" فأعادت نشر خبر "وام" السابق, كما نقلت تعليقات اقتصاديون أن قرار الإمارات لن يؤثر كثيرا في الوحدة.
وفي صحيفة "الاقتصادية", أكد اقتصاديون ان قرار الإمارات كان مفاجئا لكونها من بين أكثر دول المجلس حماسا للعملة الخليجية الموحدة وكان لها إسهامات كبيرة في صياغة اتفاقية المجلس النقدي الخليجي.
وأبدوا الاقتصاديون مخاوفهم من تأثير هذا القرار علي المشروع المتوقع ان يظهر للوجود في العام القادم 2010, داعين الإمارات إلى النظر بجدية في سلبيات القرار مقابل الإيجابيات من الوحدة النقدية. متوقعين "أن تقابل دول الخليج الخطوة الإماراتية خلال الأيام المقبلة بجهود حقيقية تهدف إلى توضيح الرؤية وإعادة الإمارات إلى عضوية الوحدة النقدية ورأب هذا الصدع".
انسحاب دولة ثالثة
أما صحيفة الشرق الأوسط فقد وصفت القرار بأنه مفاجئ, وأكدت مصادر اقتصادية للصحيفة أنه من الممكن نظريا قيام الاتحاد النقدي ب4 دول أو حتى 3، في إشارات قد تعكس وجود نية لدى دولة خليجية ثالثة لاتخاذ خطوة مماثلة كتلك التي اتخذتها أبوظبي ومسقط.
غير أن التأكيدات الخليجية التي برزت أمس، بعد الإعلان الإماراتي، أشارت جميعها إلى التزام الرياض والكويت والمنامة والدوحة، بقيام الاتحاد النقدي.
وأوضح مصدر مسئول قريبا من المفاوضات للصحيفة أنه لا يزال هناك مساع لاحتواء قضية انسحاب الإمارات من الاتحاد النقدي. متوقعا أن تدخل الإمارات في حال ثباتها على مبدأ الانسحاب في مرحلة تنافسية مع الاتحاد النقدي إزاء جلب المستثمرين الأجانب الذين سيتجهون للمنطقة الخليجية برؤية واضحة، وسط ميزات عدة للاتحاد النقدي، هي التي ستخلق من هذا الأمر "التنافسية".
ولا يرى المصدر المسئول، أي عوائق قد تقف حائلا دون عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي في حال رغبتها بذلك بعد نجاح هذه التجربة، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على سلطنة عمان.
الباب موارب وفي أخر تطور للقضية, قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد اليوم الخميس إن بلاده غير مهتمة في الوقت الحالي بالعودة للوحدة النقدية الخليجية، لكنه لم يستبعد التوصل إلى تسوية مؤكدا أن الباب ليس مغلقا وانه ليس هناك حدود أو قيود في لعبة السياسة. وأوضح الوزير الإماراتي في تصريحات صحفية على هامش زيارته إلى لاتفيا أن بلاده هي الأحق باستضافة مقر المصرف المركزي الخليجي وهي المكان الأنسب له.