يبدو أن منظمة الدول المصدرة للنفط ستواجه اختبارا صعبا خلال الشهور القادمة, فبعدما أقر وزراء النفط والطاقة في منظمة "أوبك" خلال اجتماعهم الاستثنائي في وهران خفضاً إضافياً للإنتاج يبدأ سريانه ابتداء من يناير المقبل بمعدل 2.2 مليون برميل يومياً إلا أن الأسواق لم تتأثر من خفض المعروض النفطي وتراجع الخام الأمريكي ثلاثة دولارات بما يعادل 7 % إلى 40.60 دولار للبرميل، أي أقل من مستواه قبل قرار "أوبك". وذكر البيان الختامي للمنظمة الذي أوردته صحيفة الحياة اللندنية عبر موقعها الإلكتروني أن الوزراء كانوا اتفقوا على خفض 4.2 مليون برميل يومياً من مستوى انتاج 11 دولة في "أوبك" في سبتمبر 2008 الذي كان في حدود 29.045 مليون برميل يومياً، ما يعني أن مستوى الانتاج الجديد سيكون في حدود 25 مليون برميل يومياً. وقد أكدت الدول الأعضاء في "أوبك" حرصها على الالتزام بالخفض الجديد الذي يستهدف إنتاج 24.845 مليون برميل يومياً فقط. وأشارت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" إلى أنه لمواجهة التحديات التي تواجه قطاع النفط، أكد شكيب خليل الرئيس الحالي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ووزير النفط والمناجم الجزائرى أن المنظمة قد تتخذ المزيد من قرارات التخفيض خلال اجتماعها القادم المزمع انعقاده فى منتصف شهر مارس القادم بجنيف إذا لم يحقق سعر النفط العالمى استقرارا بعد قرار "أوبك" بتخفيض إنتاجها بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا. وتساءلت "شينخوا" حول إمكانية انضمام دول أخرى منتجة للنفط إلى "أوبك" لاستقرار العرض فى السوق، قال شكيب أن المنظمة تحرص على علاقاتها الجيدة مع الدول غير الأعضاء في المنظمة لتنسيق الموقف بينها بشأن سوق النفط. وأوضح أن "أوبك" دعت، ولأول مرة، أربع دول للمشاركة فى اجتماع وهران كدول مراقبة وهى روسيا واذربيجان وعمان وسوريا. وأبدت هذه الدول خلال الاجتماع دعمها لقرار ال"أوبك" بتخفيض الإنتاج لدعم سعر النفط، وستتخذ هذه الدول قرارات مستقلة بشأن تخفيض الإنتاج حسب ظروفها الخاصة. وأكد شكيب أن "أوبك" ستبذل ما فى وسعها لضمان تنفيذ القيود الجديدة حيث سيتم تحديد كمية التخفيض لكل الدول الاعضاء حسب حصتها المحددة داخل المنظمة، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن العراق ليست ملزمة بتفيذ قرار التخفيض نظرا لظروفها الخاصة. ورفض شكيب توضيح ما هو السعر المعقول للنفط بالنسبة ل"أوبك"، مكتفيا بالقول أن مسئولى "أوبك " قد أكدوا فى عدة مناسبات بأن السعر العادل للنفط يجب أن يتراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل, وأكدوا أن أسعار النفط إذا ظلت منخفضة دون هذا المستوى فإن ذلك سوف يلحق ضررا كبيرا بالدول المنتجة للنفط ويقلل الاستثمار فى هذا القطاع، وهو الأمر الذي قد يتسبب في تخفيض كبير للإنتاج فى المستقبل القريب وارتفاعا حادا جديدا لأسعار النفط. من جانبه قال وزير الاقتصاد الالماني ميشائل غلوز اليوم ان قرار أوبك بخفض كميات الانتاج بصورة كبيرة وللمرة الثانية على التوالي لم يكن مفاجئا. واظهر غلوز في بيان تفهما لقرار اوبك مشيرا في ذات الوقت الى انه يتوجب على دول اوبك بعد ان انخفضت اسعار النفط ان تعمل على تعديل ميزانياتها بالخطوات التي تراها مناسبة وتلك التي تعمل على استقرار الاسعار بشكل يضمن تحديث منشات الانتاج عبر الاستثمارات اللازمة لكل دولة من دول اوبك. ونوه في كلمته التي اوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" إلى أن قرار اوبك لا يقع في صالح الدول الأعضاء فيها فحسب بل ايضا في صالح ضمان استمرارية التزويد بالنفط وايضا في صالح المستهلك في السنوات القادمة. وحمل غلوز مسؤولية رفع اسعار النفط خلال السنوات الماضية بصورة غير مالوفة في الدرجة الاولى الى المضاربين مبينا انه بات من الضروري الان ان يستخلصوا الدروس من تلك الفترة وبالتالي الحرص مستقبلا لدى انتعاش الاقتصاد العالمي وارتفاع قوة الطلب على النفط على عدم تكرار تلك الاخطاء.