في الوقت الذي يرى فيه العديد من الخبراء أن فورة النمو الملحوظة التي حظي بها الاقتصاد الأمريكي على مدى السنوات السبع الأخيرة قد أوشكت على الانحسار، تتزايد التوقعات التي ترجح لجوء بنك الاحتياط الفيدرالي إلى مضاعفة مقدار الخفض المنتظر أن تشهده أسعارالفائدة الأمريكية في نهاية الشهر الحالي وهو الأمر الذي قد يفرض ضغوطا جديدة على سعر صرف الدولار. فهناك آراء تشير إلى أن الفيدرالي مضطر في الوقت الراهن إلى الإفراط في جرعات "الإنعاش" الجديدة والمفترض أن يكون السابق منها قد خفف إلى حد ما من أعراض الوهن التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي والتي باتت تنذر بمخاطر الركود وذلك في إطار تداعيات أزمة الرهن العقاري الأخيرة. وفي ضوء ذلك، أصبح هناك شبه إجماع بين الخبراء الاقتصاديين لدى المؤسسات المصرفية الكبرى مثل "جولد مان ساش" و"جي بي مورجان شيز آند كورب" و"باركليز" على أن بنك الاحتياط الفيدرالي قد يقدم خلال اجتماعه بنهاية الشهر الحالي على إجراء خفض لأسعار الفائدة الرئيسية لديه ب 0.5 %. ويشير تقرير أوردته شبكة بلومبيرج الإخبارية إلى أن حدوث خفض لأسعار الفائدة من 4.25 % إلى 3.75 % سيعني أن بنك الاحتياط الفيدرالي قد بدأ يتغاضى عن أية ضغوط تضخم محتملة والتي يمكن أن تنتج عن الارتفاعات الراهنة لفاتورة الطاقة وأسعار السلع الغذائية على مستوى السوق الأمريكي. وبالطبع هناك دوافع قوية تبرر إقدام "الفيدرالي" في اجتماعه المقبل على تكثيف إجراءات تنشيط معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي يأتي في مقدمتها القراءات الأخيرة الخاصة بأسواق العمل في الولاياتالمتحدة والتي تعكس بوادر الانكماش التي بدأت تشهدها قطاعات الأعمال كنتيجة طبيعية لحالة الجمود التي يشهدها النشاط الائتماني وذلك على خلفية أزمة الرهن العقاري. فقد أظهرت مؤخرا بيانات وزارة العمل الأمريكية ارتفاع معدل البطالة في الولاياتالمتحدة إلى 5 % في الشهر الماضي مقارنة ب4.7 % في شهر نوفمبر. وقد جاءت تلك البيانات متزامنة مع أرقام الناتج الصناعي والتي أظهرت تراجعا. ومما يوكد أن الاحتياط الفيدرالي مازال متمسكا بسياسة خفض الفائدة كخيار أمثل لتجاوز آثار أزمة الائتمان الأخيرة، تلك الصريحات الأخيرة الخاصة برئيس المركزي الأمريكي بين بيرنانكي حيث أشار إلى أن إجراء المزيد من عمليات خفض أسعار الفائدة على الدولار قد تكون ضرورة وذلك بعد سلسلة عمليات الخفض التي أجريت منذ سبتمبر الماضي والتي قدر مقدارها ب1 %. وأشار بيرنانكي في أول خطاب له منذ اجتماع البنك في 11 ديسمبر الماضي إلى أن هناك عدد من العوامل قد تؤثر على حركة الإنفاق الاستهلاكي في الولاياتالمتحدة من بينها ارتفاعات أسعار النفط وتراجع الأسعار في "وول ستريت" فضلا عن الوضع الراهن في السوق العقاري، حيث تشهد أسعار العقارات انكماشا. وقال أن الفيدرالي لا يتوقع ركودا بل هناك تصور بإمكانية حدوث تراجع في معدلات النمو مع وجود مخاطر تتطلب اتخاذ إجارء ملموس لمواجهتها.