تتحدث فصول كتاب "الحلم المتوسطي" لجان بول غوريفتش الباحث بالعلاقات بين الشمال والجنوب عن أولئك الذين خامرهم "حلم المتوسط" ابتداء من "اوليس، الإغريقي المتوسطي الأول"ووصولا إلى نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي الحالي، الذي أطلق مشروع "الاتحاد من أجل المتوسط" منذ انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية في شهر مايو من عام 2007. وبناء على دروس التاريخ يرى المؤلف وفق صحيفة "البيان" الإماراتية أن العلاقات بين الشمال والجنوب تمثل أحد التحديات الكبرى خلال القرن الحادي والعشرين، وكان البحر المتوسط ومنطقته عرضة لآلاف الغزوات ومحاولات مد الهيمنة. امتدت هذه الغزوات من اوليس حتى نيكولا ساركوزي مرورا بالعرب والصليبيين وغيرهم. لكن يبقى المشروع الأوروبي- المتوسطي للرئيس ساركوزي هو الأكثر حداثة على الصعيد الزمني. تجدر الإشارة إلى أن المؤلف يكرّس لكل مشروع من مشاريع "الفتح" التي استهدفت السيطرة على حوض المتوسط أحد فصول الكتاب. ويقدّم في بداية كل فصل خارطة تبيّن المساحات المتوسطية التي كان الفاتحون قد احتلوها. كما تتم الإشارة في هذا السياق إلى وجود تباينات كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي حيال الاتحاد من أجل المتوسط، ففي الوقت الذي يركز عليه الرئيس الفرنسي ساركوزي كثيرا ترى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أنه تنبغي أن تُعطى الأولوية الأوروبية لبلدان أوروبا الشرقية والوسطى "الشيوعية سابقا". ويخلص المؤلف في تحليلاته إلى القول إن المشكلة الأساسية أمام مجموع المشاريع المتوسطية الشاملة تتمثل في عدم معرفتها الجيّدة للتاريخ وللجغرافيا السياسية المتوسطيين. إن التاريخ السياسي والاقتصادي والثقافي، بل والسياحي أيضا، يكشف عن أن المتوسط ليس مهد الديانات التوحيدية الثلاث فحسب، ولكنه أيضا "مهد الرأسمالية".