يعد كتاب "تواطؤ الأضداد - الآلهة الجدد وخراب العالم" الصادر عن منشورات الاختلاف الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت لمؤلفه علي حرب، مناقشة فلسفية موسعة لمختلف مشاكل العالم المعاصر، سواء كانت هذه المشاكل ثقافية أم سياسية أم أخلاقية. الكتاب كما بين على حرب هو ثمرة مواكبته للمستجدات الفكرية والطفرات المعرفية، بقدر ما هو حصيلة قراءاته الفكرية سواء كانت غريبة حديثه أو عربية قديمة. ولذلك فإن الكتاب لا يكتفي بالشرح والتحليل، بل ينتقل إلى البناء والتركيب والفعل المؤثر والتأسيس لرؤية خاصة بالمؤلف، تحاول أن توازن بين مختلف الاتجاهات والهموم، فهو يهتم بالفرد دون أن ينسى المجتمع، ويهتم بالعالمي دون أن يتخلى عن المحلي، وبالفكري والنظري دون أن يبتعد عن الواقع المعقد المباشر. ووفق صحيفة "البيان" الإماراتية نجد أن على حرب ينتبه إلى أن التقدم العلمي والتكنولوجي الذي اجتاح العالم خلال القرن العشرين، لم يؤد إلى عالم عادل ومسالم، عالم أكثر حرية وإنسانية، بل العكس هو الذي حدث. فالانجازات التكنولوجية بالرغم من أنها ساعدت الإنسان في السيطرة على الطبيعة وتحقيق الرفاهية والوفرة الاقتصادية، إلا أنها وبنفس الوقت قدمت للبشرية الحروب الهائلة والقنابل النووية، والإعلام المنحاز، بحيث تحول الإنسان إلى مجرد تابع لآليات التكنولوجيا ومصالح الشركات الكبرى. بعد التأسيس لفكر نقدي واع يبدأ المؤلف بجولة واسعة لتحليل المشكلات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي يعاني منها العالم العربي والشرق الأوسط عموماً، مركزاً على نقد مشروع الحداثة العربي. فالمثقفون العرب باختلاف مشاربهم: قوميين، اشتراكيين، إسلاميين، ليبراليين.. كانوا من حيث الشكل مفكرين تقدميين عقلانيين تحرريين، أما في المضمون فكانوا لاهوتيين تقليديين عابدين لمذهب معين. بحيث تحولت كل جماعة ثقافية إلى الاصطفاف وراء زعيم معين: لينين، جيفارا، كاسترو، عبد الناصر، صدام حسين.. بحيث ضاعت الفواصل بين الأصولي والحداثي، بين الطائفي والمقاوم للغرب، بين الاشتراكي والعشائري. في النهاية فإن علي حرب لا يبرئ أحدا، لأن مآزقنا والخراب الذي حل بنا هو من صنع أيدينا أولاً، أما الغرب ومصالحه الاستعمارية فإن مسئوليتها تأتي بالدرجة الثانية. فكل أمة هي المسئولة عن تفاهم أفرادها وحماية مصالحها وتسامح فئاتها، وإذا حدث العكس فإنه يجب تحميل كل الناس مسئولية ما يحدث لأن الجميع مشاركين في خراب الأمة وسط كل هذا الخراب والدمار والعنف المتزايد، يحاول حرب بناء مشروع ينقذ الأمة من بحر الفتن الطائفية والحروب الأهلية والصراعات السياسية والتشبيح الأيديولوجي. فلا يجد سوى العقل التواصلي، والحوار الايجابي، والحس النقدي، والمسئولية الأخلاقية، كمفاهيم يعول عليها لتحقيق فهم عقلاني ومنطقي للمجتمع العربي، بحيث تسود لغة الحوار والتسامح والنقد البناء بدل روح التعصب والتكفير والإقصاء. علي حرب مفكر وكاتب لبناني أبرز مؤلفاته: نقد الحقيقة، نقد النص، الفكر والحدث، الأختام الأصولية والشعائر التقدمية.