صدر حديثاً ضمن سلسلة العلوم الاجتماعية التابعة لمكتبة الأسرة بالقاهرة كتاب "تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية" للدكتور مصطفى عبد الرازق، ويقع في 352 صفحة من القطع المتوسط. وأوردت صحيفة "الراية" القطرية أن الكتاب يتناول مقالات الغربيين والإسلاميين في الفلسفة الاسلامية ومصادر الفلسفة وتعريفها وتقسيمها عند الاسلاميين وبداية التفكير الفلسفي الاسلامي يتتبع أحوال العرب عند ظهور الاسلام وبعد ظهور الاسلام ونظرة الاسلام للجدل الديني والرأي وأطواره في العصور الاسلامية والرأي في عهد الخلفاء الراشدين في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. ويتطرق الكتاب لأثر أهل الرأي في الفقه الاسلامي أبوحنيفة ومالك والإمام الشافعي، ويؤكد أن البحث في الفلسفة الاسلامية وتاريخها لابد أن يخضع للاسترشاد بآراء فريقين من الفلاسفة السابقين الفريق الأول من المستشرقين المشتغلين بتاريخ الفلسفة أمثال برهين وتنمان ومنك وبروكر ورنان والفريق الثاني من المؤلفين الشرقيين أمثال القاضي بن القاسم والشهر ستاني وابن خلدون وابن سينا وغيرهم. ويشير الى رأي الفلاسفة الغربيين الذين يرون أن عدم تقدم العرب في الفلسفة يعود الى أسباب دينية تقيد حركة الفكر وأسباب قومية تتمثل في استعداد العرب للتأثر بالأوهام وخضوع عقولهم لسلطان أرسطو أما مقالات المؤلفين الاسلاميين فهي تشير الى أن العرب لم يكن عندهم شيء من علم الفلسفة وأنهم يميلون الى الأحكام الكلية وينزعون الى الروحيات. وعن بداية التفكير الفلسفي الإسلامي يقول د. مصطفى عبدالرازق في كتابه إنه مهما يكن من أمر العرب عند ظهور الدين المحمدي فإنهم لم يكونوا في سذاجة الجماعات الانسانية الأولى وخصوصاً من الناحية الفكرية يدل على ذلك ما عرف من أديانهم وما روى من آثارهم الأدبية. فقد جاء الاسلام والعرب في تشعب ديني وبوادر انبعاث الى نهضة دينية والقرآن هو أصدق مرجع في تصوير حالة العرب من هذه الناحية حيث يقول سبحانه وتعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ". وهذا معناه أن العرب كان فيهم يهود ونصارى وكان فيهم صائبة ومجوس ثم كان فيهم مشركون وكان بين هؤلاء وأولئك جدال ونزاع وقد قال الإمام الشافعي في كتابه الأم " فكانت المجوس يدينون غير دين أهل الأوثان ويخالفون أهل الكتاب من اليهود والنصارى في بعض دينهم وكان أهل الكتاب يختلفون كذلك في دينهم مما يؤكد على وجود جدل عنيف كان يتطرق الى شؤون الألوهية والرسالة والبعث والآخرة والملائكة والجن والأرواح." كما كان للعرب معرفة بأوقات مطالع النجوم ومغايبها وعلم بأنواء الكواكب وأمطارها على حسب ما أدركوه بفرط العناية وطول التجربة لاحتياجهم الى معرفة ذلك في أسباب المعيشة لا عن طريق تعلم الحقائق ولا على سبيل التدرب في العلوم. كما كان منهم حكماء فجاهليتهم كانت جاهلية دينية في المقام الأول وبالأخص جاهلية عظيمة بالخالق الأعظم رب السماوات والأرض بعدما شط نفر غير قليل منهم في عبادة الأوثان والأصنام وتمادوا في التقرب منها وعبوديتها من دون الله فالعقل الجاهلي لم يكن عقلاً أصم أو عقلاً بدائياً لا يعرف شيئاً عما يحيط به من أسرار السماوات والأرض وعلومها وبمجيء الإسلام دعى النبي محمد عليه الصلاة والسلام الى الوحدة في الدين والى التآلف.