وتعود الفكرة فيه إلي مجمع نقية سنة 345 عندما حرم كتاب الأسقف آريوس "تاليا" (وبالمناسبة مذهب آريوس قريب من فكرة الإسلام عن المسيح) ، وهو الجدول الذي يتضمن أسماء الكتب التي تحرم الكنيسة طباعتها وتداولها، ويدخل فيها بالإضافة إلي نصوص التوراة والأناجيل غير المعتمدة لديها كتب كثيرة منها كتب لجاليليو ، وهوبز ، وديكارت ، وجان جاك روسو ، وفولتير ، ومنتسكيو ، وكانت ، وجوته ، واسبينوزا ، وجون ستيوارت ميل ، وفكتور هوجو ، وفورييه ، وماركس ، وبرجسون .. إلخ . وتضمنت طبعة 1930 من الجدول ما بين سبعة آلاف وثمانية آلاف كتاب ، ولكي نأخذ فكرة عن مدي تحكم هذا الجدول ، والستار الحديدي الذي يفرضه علي المسيحيين ، تقول إن طبعة 1930 تضمنت تحريم كتب الكتاب والشعراء والفلاسفة والمفكرين الآتيان : اسبينوزا ، ليبتز ، ديكارت ، باسكال ، بوسيه ، برجسون ، هينه ، جوته ، باكون ، هبز ، ففيكتور هوجو ، ستاندال ، أميل زولا ، جورج صائد ، أناتول فرنس ، دوماس (الأب والابن) ، دانزيو ، رينان (بما فيه كتابه عن حياة المسيح) ديفو ، ماترلينك ، لورد أكتون . ومن الكتب التي حرمتها طبعة 1930 من الجدول 38 عملاً من أعمال فولتير ، "الاقتصاد السياسي والحرية" لجون ستيورات ميل ، "العقد الاجتماعي وهيلويز الجديدة" لجان جاك روسو ، كتاب جيبون عن "الإمبراطورية الرومانية" ، "الفردوس المفقود" لملتون ، "الفلسفة الوضعية" لأوجست كونت ، كتاب جروسيوس عن "السلام الدولي" . وكانت هناك محاولة لإدراج الأنسكلوبيديا بريتانيكا في الجدول . ولم يؤد تحريم كتب هؤلاء الفلاسفة دون انتشارها وإيمان الناس بها ، ولكنه أثبت حماقة الكنيسة وتخلفها . فهل يريد الإسلاميون أن يوجد شيئ كهذا ! إن الفكر سواء اتفقنا معه أم اختلفنا لاتجدي فيه المصادرة أو تحريم الطبع ، فإن هذا كله عقيم ، وإذا لم تطبع في مكان فستطبع في مكان آخر ، ولا يمكن لأية دولة أن تحول دون انتشار الفكر ، وقد انتشرت الأفكار التحررية العظمي رغم مقاومة الحكومات لها . وإنما الذي يجدي هو الرد كلمة بكلمة ، وبرهان ببرهان . وابن عربي في رأي كثير من المسلمين الإمام الأكبر والكبريت الأحمر ، وقد نشر الأستاذ حمدي رزق في جريدة "الدستور" أخيرًا رأي ابن عربي في الله تعالي ، وهو الرأي الذي يؤمن به المسلمون . الجديد الذي توصل إليه ابن عربي هو أن الأديان في حقيقتها واحدة ، وأن اختلاف النصوص فيها أو فهم الناس لها لا يغير من هذه الحقيقة ، وقد عبر عن ذلك أجمل تعبير في أبياته المشهورة التي تُعد إحدي مساهمات الفكر الإسلامي في الفكر الإنساني للبشرية : لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي إذا لم يكن ديني إلي دينه داني و قد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعي لغزلان وبيت لأوثان و دير لرهبان و كعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أني توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني فهل يعقل مصادرة كتب رجل يؤمن بدين الحب ، وهل يثمر دين الحب إلا حبًا وأخوة وخيرًا . الإخوان المسلمون وابن عربي جريدة البلد صفحة 2 من 2