يعد كتاب المعلق السياسي كليف شيكتر "ماكين على حقيقته: لماذا لا يثق المحافظون به؟ و لماذا ينبغي للمستقلين ألا يفعلوا؟" الصادر عن دار بوليبوينت للنشر ترجمة عمر عدس من أهم الكتب الحديثة التي صدرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تتحدث عن تاريخ جون ماكين، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى يوم 4 نوفمبر المقبل. الصورة التي يرسمها الكاتب عنه في هذا الكتاب، هي صورة حرباء متلونة، وسياسي متقلب، لا يتورع عن قول أو فعل أي شيء في سبيل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة. ومنذ الصفحات الأولى للكتاب وفق ما كتب توفيق المديني بصحيفة "المستقبل" اللبنانية شن الكاتب هجوماً عنيفاً على جون ماكين، مرشح الرئاسة الأمريكي عن الحزب الجمهوري، حيث يقول: إن الأدلة التي جمعها في هذا الكتاب، تكشف أن ماكين لم يكف في يوم من الأيام عن حساباته السياسية، والتي ليس لها محرك سوى مصلحته الشخصية. ولذلك فليس من المدهش أن ماكين الذي كان قد وصف الأصوليين المسيحيين، جيري فالويل، وبات روبرتسون، بأنهما، "عميلان للتعصب" عندما ترشح للرئاسة في المرة الماضية، يذهب إليهما في فلوريدا سنة 2007 ويخطب ودهما، حين أدرك أنهما الأساس الذي بنى عليه جورج دبليو بوش فوزه بالرئاسة في المرتين. من المعروف تاريخيا أن جون ماكين كان مقاتلا وسجينا في حرب فيتنام ومعارضا للاجهاض ونصيراً لحياة الاجنة. وبعد أن كان معارضاً لخفض الضرائب الذي فرضه الرئيس بوش، لأن "معظم فوائده تذهب لجيوب الاثرياء من الأميركيين" كما كان يقول، هاهو الآن مؤيد لجعل خفض الضرائب دائماً. وهو الرجل الذي عانى مرارة التعذيب على مدى خمس سنوات في فيتنام، ولكنه صوت في فبراير 2008 لمصلحة السماح بممارسة التعذيب المائي وايهام السجين بالغرق. ويقول الكاتب: إن جون ماكين، شخص دائم التقلب على الصعيد العقائدي، السياسي، والشخصي، في تناول الكاتب لأطروحات ماكين حول قضايا السياسة الخارجية الأميركية يقول الكاتب:"ان ماكين قد انحرف مائة وثمانين درجة عن معتقداته التي كان يجاهر بها في الثمانينات وحتى أواسط التسعينات من القرن الماضي، في المرحلة التي كان يتسم بها بنزعة محافظة وميل الى عدم التدخل. ففي ذلك الوقت كان ما يزال واقعاً تحت تأثير مواقف السناتور باري جولد ووتر، الذي استقال من مجلس الشيوخ سنة 1986 فخلفه ماكين في عضوية المجلس. وكان جولد ووتر معروفا بنوع خاص به من المحافظة، والنزعة الشعبوية، ومناوأة الشيوعية والميل إلى عدم التدخل في شئون الدول الأخرى. كما أن ماكين، ربما كان في تلك المرحلة، ما يزال متأثراً بذكرياته عن حرب فيتنام التي لم يكلل عرض القوة الأمريكية فيها بالظفر. ولكن ماكين، يطرح اليوم نفسه بطلاً للحرب وخبيراً في السياسة الخارجية. والأخطر من ذلك، كما يقول الكاتب: إن ماكين يتعامل مع نفسه باعتباره خبيراً في ما ينبغي أن تفعله الولاياتالمتحدة في العراق. وكان يؤيد حرب العراق منذ البداية، بينما يوجه الانتقادات لطريقة تنفيذها. ويقول الكاتب :"إن التاريخ قد يثبت أن ماكين لم يكن مصيباً أبداً في تأييده لغزو العراق، أو زيادة عدد القوات الأميركية في ذلك البلد، وتصعيد الحرب فيه". وبخصوص إيران يريد ماكين للولايات المتحدة أن ترفض التعامل مع إيران، التي تصلب موقفها، كما يقول الكاتب بسبب الحرب في العراق. فمن المأثور عنه إنه شوهد، وصوّر وهو يغني إحدى الأغاني الأمريكية الشهيرة، ولكن بكلمات تدعو إلى قصف إيران بالقنابل. وبعد ذلك بستة أشهر وعد بقصف إيران إذا اشتبه الأمريكيون بأنها ماضية في سبيل الحصول على أسلحة نووية. ويقول المؤلف إن معظم الأمريكيين يعارضون هذا الهوس. فقد توصل استطلاع للرأي اجرته شبكة فوكس نيوز، في حزيران،2006 الى أن 59% من الأميركيين يؤثرون التحدث مع ايران حتى لو استمرت بالسير في درب التحول الى دولة نووية. ولكن ماكين اعتاد خطة بوش التي تتضمن التهديد بشن هجمات على ايران. ويصل الكاتب في نهاية تحليله لأطروحات جون ماكين حول السياسة الخارجية، إلى نتيجة وهي أن أن تفكير معظم الأمريكيين بقضايا السياسة الخارجية يختلف اختلافاً شاسعاً عن تفكير جون ماكين.