القاهرة: تستقبل المكتبة العربية قريبا كتاب "وصفات من المطبخ الفرعوني" تأليف ماجدة المهداوي و عمرو حسين، ليحتل الطعام والمطبخ موقعه في الإطار الثقافي بعدما عهد صاحبا الكتاب الي الاستاذ الدكتور عبد الحليم نور الدين ليقدم له ويراجعه علميا وتاريخيا فنتعرف علي أنواع الطعام في مصر القديمة وموقع الطعام عند المصري القديم في دنياه وآخرته والعلاقة ما بين مطبخ النوبة وطعام الفراعنة، وكيف كان يأكل الفلاح الفقير وكيف يولم الملك الولائم، ومتي بدأ تسلل الأثر الخارجي إلي المطبخ المصري القديم. يحدثنا الكتاب عن الخمريت والملتوت والجرجوش والكسرة وكاوايكاوي وهذه كلها صنوف من العيش الذي مازال موجودا بالصعيد, وعن السليقة والتخني والكمونية والكوارع المسلوقة واللواوي "الكرشة" وهي أساليب الصعيد الممتدة الواصلة إليه من الجدود والتي يحلي بعدها المصري منذ القدم بالبلح والمخروطة والقاروسية. بعد وصف البيت المصري القديم، وأين كان موقع المطبخ من عمارته وبيان تفاوت المنازل حسب المنزلة الاجتماعية, نتعرف علي أدواته أباريقه وطاساته وزلعه الفخارية والحجرية وسلاله ومناخله وملاعقه وسكاكينه وخطاطيف تعليق اللحوم, والرحاية والهون والكانون "الموقد البسيط: حجران يرفعان الإناء بينهما نار مشتعلة" إضافة لأواني حفظ المياه والعجين ووسط كل ذلك كوة أو فتحة يضع فيها المصري القديم تمثال آلهته المنزلية الحافظة وأواني المصري القديم تخدم حياته ومماته، قد تكون من الفخار أو الرخام وربما تغطيها أغطية من رقائق الذهب يشكلها وفق احتياجه: للتخزين أو يصنع منها أباريق اللبن والبيرة وجرار النبيذ وقوارير حفظ الزيوت أو يدقق وينمق ويشكل منها المكاحل وزجاجات العطر وحاويات الزيوت العطرية والمباخر، كما كتبت ماجدة الجندي بصحيفة "الأهرام" المصرية. في حال فقره, كان المصري القديم يكتفي بالخبز والجعة مع بعض ثمار البصل والثوم والعدس والكرات والفجل والخس والخيار. ابن الفراعنة القديم استخرج الزيت من السمسم والخروع والفجل وتبل طعامه بالينسون والكمون والقرفة والشمر والحلبة والزعتر والخردل وجفف العنب ليصبح زبيبا والبلح والتين. تقول لنا دراسة د.عبد الحليم نور الدين المقدمة للكتاب - كما أشار نفس المصدر -: أن المصري بطبعه مال إلي الطعام الجيد وأن وفرة الخير في أراضيه وبيئته شجعته لكنه مع ذلك كان معتدلا, ففي نصائح مدونة لشخص يدعي "كانجي" نصح "إذا جلست مع أناس كثيرين للأكل فانظر إلي الطعام بلا مبالاة, وإن كنت تشتهيه فإن ضبط النفس لا يكلف الانسان أكثر من لحظة". لكن النقوش كما كشفت عن تنوع الموائد أفصحت أيضا عن وفرة الولائم العامرة بالثيران المشوية والأوز وجرار الجعة والنبيذ وسلال الفاكهة وأنواع الخبز والحلويات كما في رسوم عصر اخناتون.. وذلك في الطبقة العليا الأوفر حظا, تحتها تأتي الطبقة المتوسطة عمال البناء وبناة السفن والصناع, هؤلاء كان لهم جراية من اللحوم والاسماك والخضر والفاكهة مع الخبز والبيرة, أما أقل الناس حظا "الفلاحون" فلهم الخبز والجعة وبعض الطيور. ومن أشهر قوائم القرابين لمعابد الآلهة ما أتانا من بردية هاريس وهي هبات الملك رمسيس الثالث إلي معابد الآلهة وشملت "خبز ناعم وفطائر علي هيئة البقر وجعة وفاكهة وشهد وبلح وخبز أبيض مستطيل وشحم وبلح مجفف وزبيب ولبن وزيت وفول مقشر وزبدة وماعز وأوز وعجول". أما ما كان يصطحبه المصري القديم معه إلي العالم الآخر من طعام فقد كان علي رأسه قطع اللحم البقري والحبوب وقد عثر في إحدي مقابر منطقة سقارة والتي تعود إلي الأسرة الثانية علي وجبة جنائزية داخل المقبرة ضمت "رغيف وعصيدة سفير وسمكة مطهية وحساء حمام وسمان مطهي وكليتان مطهيتان وضلوع بقر وفاكهة مسلوقة ونبق طازج وفطائر عسل وجبن وإناء من الخمر". ونقتبس من الكتاب قائمة متكاملة لوليمة أو عزومة مصرية فرعونية مازالت هي نفسها ما يمكن أن يقدم اليوم: طاجن بامية باللحم الضاني، عصيدة شعير " جمار" أي قلب النخل المملح، رقاق، بطاطا حمراء مشوية, رغيف البلح علي شكل تمساح، قهوة بالقرنفل.