تورنتو: صدر مؤخراً للكاتبة الكندية الذائعة الشهرة مارجريت أتوود كتاباً سردياً جديداً بعنوان "اعتلال أخلاقي" عن دار "مكليلاند & ستيوارت" الكندية. في هذا الكتاب نجد أنفسنا نقف أمام عالم مضطرب ومعتل ذهنياً إلى حد ما، ترصده الراوية وفقاً لجريدة "الحياة" اللندنية من خلال شخصيات تتكرر بالاسم وتتباين في زمن الحدوث، وترتكز في معظمها على شخصية امرأة تدعى "نِل" من خلال علاقتها مع زوجها "تيج" وأولادها وإشكالية الحياة المتنقلة ما بين الريف والمدينة. في هذا الكتاب المؤلف من 11 قصة تمتد على 225 من القطع الكبير، تقوم أتوود ببناء خرافات انطلاقاً من حياة فرد أو أفراد، على خلاف روايتها الشهيرة «خرافة صنع يد» التي تعنى بالمستقبل وتتكهن بما ستؤول إليه الوقائع في بلاد عظمى. تتناول أتوود في قصصها هذه المكتوبة غالباً بضمير " الأنا " حسبما ذكرت "الحياة" مراحل متباينة من حياة الفرد، فتارة تأخذ القارئ إلى الطفولة البعيدة، إلى مدرستها وعلاقتها مع بنات صفها من خلال وصف دقيق جذاب أو سبر لأغوار الطفلة والمراهقة في تلك المرحلة. وطوراً تقفز إلى ما بعد الطفولة والشباب، إلى الشيخوخة، ويتجلى ذلك بمهارة تصوير حالة شخص مصاب ب " الزهايمر" وشخص مصاب بالاضطراب النفسي ولديه قناعة بأن " الاشباح " تقاسمه السكنى في البيت الجديد الذي اشتراه. في القصة التي تحمل عنوان الرواية بعنوان " اعتلال أخلاقي" تقيم العائلة المكونة من «نل» و «تيغ» الزوجين اللذين انتقلا للعيش في مزرعة جديدة وضمن شروط معيشية قاسية، تضطر المرأة أن تعتني بالخروف الوليد داخل السكن الذي تعيش فيه، فتنشأ علاقة حميمة بين الخروف والمرأة، تتطور الى عداوة بين الخروف وزوج المرأة بسبب الغيرة، وتتحوّل إلى إشكالية لاحقة في عدم قدرة الخروف ذاك على التعايش مع بقية القطيع من جنسه. في قصة بعنوان "الدوقة الأخيرة" تضعنا أمام درس الشعر في مرحلة الدراسة الثانوية، من خلال انطباعاتها عن معلمتها أستاذة الأدب الأنكليزي وطريقة معالجة لقصيدة وتحليلها. فهناك التهكم الذي يجري سرأً بين الطلبة أنفسهم تجاه المعلمة، وبين الطلبة أنفسهم وما ينشأ في تلك المرحلة من علاقات غرامية مراهقة. الفتاة الموهوبة في التقاط المعنى الشعري للقصيدة، تحاول أن تترجم حبها لفتاها «ابن صفها» في حل معضلة الشعر والتأويل والمجاز، وتبذل جهدا ووقتاً لمساعدته في فك مغاليق القصيدة ومضمونها، مرة تدرس معه تحليل القصيدة في مقبرة على الطريق ومرة تزوره في البيت. لكن الشاب ذا العقل الرياضي الصرف الذي يرى في هذه القصائد مضيعة للوقت وللطاقة إذ هو يعجز عن التقاطات اشارات الشعر ويضيق صدره ويشعر بالدونية حين تحاول «الحبيبة المراهقة» أن تقشر له القصيدة كي يجتاز الامتحان النهائي بنجاح. جدير بالذكر أن الكاتبة مارجريت أتوود من مواليد 1939 وتعيش في تورنتو مع زوجها الروائي جريم جيبسون الذي أخذت عنوان مجموعتها هذه من رواية له بعد أن توقف عن الكتابة ولم يكملها. لها أكثر من أربعين عملاً أدبياً في القصة والرواية، إضافة إلى الشعر والمقالات النقدية وكتب الأطفال. وصدرت عشرات الكتب النقدية حول شعرها وكتاباتها. حازت الكاتبة على جوائز عالمية مرموقة في كندا وخارجها، وترجمت أعمالها إلى أكثر من 35 لغة.