شيخ الأزهر يقرِّر تخصيص منح دراسية للدومينيكان تقديرًا لموقفها المنصف تجاه القضية الفلسطينية    ألفاظ نابية أمام الطالبات.. القصة الكاملة لأزمة دكتور حقوق المنوفية؟    السكرتير العام للإسماعيلية يناقش مستجدات التصالح على مخالفات البناء    تقديرا لعطائهم.. البنك الأهلي يكرم "هشام عكاشة" وأعضاء مجلس الإدارة    التعاون بين مصر والسويد .. «عبدالغفار» يستعرض إنجازات الدولة في القطاع الصحي    الرقابة المالية تصدر كتابا دوريا بشأن نشر أية معلومات وبيانات عن نشاط صناديق التأمين الحكومية    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا بشأن مُناقشة تنظيم مُؤتمر استثمارى "مصرى – بريطانى"    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    «أوقاف مطروح»: توزع 2 طن لحوم و900 شنطة مواد الغذائية على الأسر الأولى بالرعاية    لأول مرة منذ 20 عامًا.. انتخاب مصر رئيسًا لمجلس إدارة منظمة العمل العربية    الخارجية الروسية: لم نبحث مع الولايات المتحدة الأزمة في الشرق الأوسط    بسبب الاعتراض على مهاجمة إسرائيل.. إيران تستدعي السفيرين الألماني والنمساوي    مصر وموريتانيا: حريصون على وحدة وسيادة ليبيا واستعادة الأمن والاستقرار بها    بث مباشر مباراة الأهلي وبرشلونة في كأس العالم لكرة للأندية لليد    الخطيب يُكلّف محمد رمضان بإخماد "ثورة" علي معلول في الأهلي    الزمالك يفوز على توباتي البرازيلي ويحتل المركز السادس بمونديال اليد    يوفنتوس يعلن إصابة بريمير بقطع في الرباط الصليبي    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    "بطلة الدوري وزوجة المدرب".. قصة آية إبراهيم أول لاعبة في فريق الزمالك النسائي    «تقلبات جوية».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غداً ودرجات الحرارة المتوقعة    أسماء مصابي حادث انقلاب سيارة ربع نقل بدائري المنيا    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    السكة الحديد: تعديل تركيب بعض القطارات على خطوط الوجه البحري    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    تعرف على إيرادت فيلم "إكس مراتي" بعد 10 أسابيع من عرضه    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    العرض العالمي الأول لفيلم تهليلة للمخرجة أماني جعفر بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    تقاضى عنه "20 الف جنيه"..لطفي لبيب يروي تأثير فيلم السفارة في العمارة في مسيرته الفنية    «الأوبرا» تقدم احتفالية فنية ضخمة في عيدها ال 36    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    باحث شرعي: يوضح 4 أمور تحصن الإنسان من الشيطان والعين السحر    محافظ المنيا: افتتاح مستشفيات حميات وصدر ملوي نهاية أكتوبر    التضامن تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    رئيس جامعة عين شمس: نضع على رأس أولوياتنا تنفيذ توجهات الدولة لتطوير القطاع الطبي    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    محافظ الفيوم يهنئ ضباط القوات المسلحة بذكرى نصر أكتوبر    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    نحاس ودهب وعُملات قديمة.. ضبط 5 متهمين في واقعة سرقة ورشة معادن بالقاهرة    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يصبح صاحب الأمر الفلسطيني مجهولا
نشر في مصر الجديدة يوم 28 - 07 - 2012

(إن تقرير لجنة التحقيق الرئاسية الفلسطينية ليس دليل فشل لها فقط، بل هو دليل فشل كذلك لمكتب الاتحاد الأوروبي لتنسيق الدعم للشرطة الفلسطينية - COPPS)


كان "الاستنتاج" الأهم في "تقرير لجنة التحقيق الرئاسية في أحداث يومي السبت 30/6/2012 والأحد 1/7/2012" التي وقعت في رام الله بالضفة الغربية، الذي تسلمه الرئيس محمود عباس يوم الثلاثاء الماضي، هو أنه "كان من الواضح أن هناك حلقة مفقودة للتسلسل الهرمي في إعطاء الأوامر". وكانت "التوصية" الأهم في التقرير هي "تحويل جميع الأفراد من منتسبي جهاز الشرطة والمباحث الجنائية ومن هم بالزي المدني الذين تثبت مشاركتهم بالفعل في عمليات الضرب والايذاء غير المبررين إلى الجهات القضائية المختصة لمساءلتهم".

ف"الاستنتاج" الأهم أعلاه يعني بأن مصدر إعطاء الأوامر مجهول ما يعني تضييع المسؤولية نتيجة الفشل في تحديد "الحلقة المفقودة" في "التسلسل الهرمي في إعطاء الأوامر"، وعدم تحديد سلطة واحدة أصدرت الأوامر بقول التقرير إن "تعليمات قد أعطيت من قبل أكثر من جهة" يعني توزيع المسؤولية على قيادات دنيا ذكر التقرير منها "قائد شرطة محافظة رام الله وقائد شرطة مركز رام الله ومدير المباحث الجنائية" الذين أوصى التقرير ب"مساءلتهم".

أما "التوصية" الأهم فتعني حصر المساءلة ب"الأفراد" والرتب الدنيا المذكورة وإعفاء قياداتهم العليا من أية مسؤولية.

وخلاصة الاستنتاج والتوصية أن "الحلقة المفقودة" تستمر مفقودة، ما يعني عمليا تبرئة قضائية وسياسية وإنسانية ل"القيادة" أو "القيادات" العليا، ويعني كذلك تحميل المسؤولية للأفراد والرتب الدنيا ومحاسبتهم على تنفيذهم لأوامر قياداتهم بدل مكافأتهم على تنفيذها، وإن كان من المشكوك فيه أن تأخذ عملية "تحويلهم" إلى "الجهات القضائية المختصة لمساءلتهم" مجراها القانوني إلى النهاية المرجوة من ضحاياهم بالرغم من شروع وزارة الداخلية "باستدعاء المعتدى عليهم لتقديم شكاوى رسمية" بناء على قرار الرئيس عباس "لكل عناصر الأمن ومن أصدر لهم الأمر بالاعتداء على المتظاهرين الذين نظموا مسيرة سلمية"، على ذمة "القدس العربي" يوم الأربعاء الماضي.

لكن فشل اللجنة الرئاسية "المستقلة" التي أعدت التقرير في تحديد "الحلقة المفقودة" التي أصدرت الأوامر، وعدم معرفتها ب"مستوى التعليمات والأوامر المتخذة"، هو فشل يدين اللجنة بالفشل في مهمتها الرئيسية. وضمت هذه اللجنة في عضويتها رئيس تجمع الشخصيات المستقلة منيب المصري والمفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان أحمد حرب وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف.

إن وصف سلوك قوى الأمن في ما سمته اللجنة "الأحداث" في اليومين المذكورين بأنه "استخدام غير مبرر للقوة"، "لا تقع عليه شروط حالة الضرورة التي تجيز ... إنفاذ القانون باستخدام القوة"، و"استخدام العنف المفرط"، "قبل استنفاد الطرق السلمية"، كما ورد في "الملخص التنفيذي" للتقرير، ثم استنتاجهم بأن "الأحداث التي وقعت يوم الأحد الموافق 1/7/2012 لم تكن لتقع لو تعامل جهاز شرطة رام الله ومن هم بالزي المدني" مع مسيرة اليوم السابق "وفق ضوابط القانون"، و"انتهاك ... قواعد وضوابط وضمانات عملية القبض والاحتجاز" في اعتقال المتظاهرين، و"التعرض للاعلاميين والصحافيين، وتعريضهم إلى جملة من الاعتداءات" واستخدام "العنف" ضدهم، مما "عزز ثقافة تجاوز القانون وإساءة استخدام السلطة"، هو وصف يمثل مقدمات لمساءلة قضائية ومحاسبة سياسية أصبحتا مستحيلتين لأن اللجنة فشلت في التوصل إلى "الحلقة المفقودة" المسؤولة عن ارتكاب كل الانتهاكات والتجاوزات الواردة في التقرير.

أما إغفال التقرير لاستنكار مشاركة "المباحث الجنائية" في "فض" مسيرة سياسية سلمية، ومشاركة "من هم بالزي المدني" في فضها، فإنه يمثل قصورا لافتا للنظر في التقرير، لكنه قصور يذكر بأن الخلط بين النشاط الوطني السياسي وبين النشاط الجنائي هو سلوك مارسته ولا تزال قوات الاحتلال، مما يذكر ايضا بوحدات "المستعربين" التابعة لهذه القوات التي تندس بين المقاومين السلميين للاحتلال لاعتقالهم، إذ ليس من المقبول فلسطينيا لا وطنيا ولا سياسيا أن تلجأ أية قوى أمن فلسطينية إلى أساليب قوات الاحتلال في التعامل مع شعبها.

وتقرير لجنة التحقيق الرئاسية الفلسطينية ليس دليل فشل لها فقط، بل هو دليل فشل كذلك لمكتب الاتحاد الأوروبي لتنسيق الدعم للشرطة الفلسطينية (COPPS) الذي أعرب المتحدث باسمه بنويت كيوسين عن "قلق" الاتحاد الأوروبي من استخدام "القوة المفرطة" لكنه "رحب" بقرار عباس البدء في "التحقيق"، دون أن يصدر عن المكتب أو عن المتحدث باسمه حتى الآن أي تعليق على تقرير اللجنة.

ويشرف هذا المكتب على تدريب الشرطة في السلطة الفلسطينية منذ عام 2006. وكان رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، أثناء زيارته في الثامن من هذا الشهر للضفة الغربية، قد وقع اتفاقية مع رئيس وزراء السلطة برام الله د. سلام فياض بعشرين مليون يورو لدعم "سيادة القانون والديموقراطية" وافتتح كلية فلسطين للعلوم الشرطية في أريحا قائلا إن دعم الاتحاد الأوروبي "يتجاوز إنشاء البنية التحتية للكلية ... إلى نوعية الناس الذين تتكون منهم الشرطة المدنية الفلسطينية". لكن بعد ثماني سنوات من التمويل الأوروبي يأتي تقرير لجنة التحقيق الرئاسية الفلسطينية ليكشف "نوعية" مختلفة في فهمها وتطبيقها لسيادة القانون والديموقراطية.

غير أن التمويل الأوروبي حقق نجاحا مختلفا، فقوى الأمن والشرطة المدربة أميركيا وأوروبيا نجحت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نهاية 2008 وأوائل 2009 في أن تجعل الضفة الغربية المكان الوحيد في العالم الذي لم يشهد أي مظاهرات تضامن مع غزة، بفضل "انتهاكات القانون الدولي" كما ورد في تقرير فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون، وقد أشاد مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي آنذاك خافيير سولانا بشرطة السلطة الفلسطينية في كتاب "الطريق إلى الدفاع الأوروبي" لأنها "أدارت" الوضع بصورة "جيدة جدا" أثناء العدوان تثبت أن تدريب الاتحاد الأوروبي لها قد أحرز "تقدما".

واللافت للنظر أن الرئيس الجديد المعين حديثا لمكتب الاتحاد الأوروبي لتنسيق الدعم للشرطة الفلسطينية (COPPS)، كنيث دين، هو ثالث متقاعد من الشرطة البريطانية التي كانت تلاحق "الجيش الجمهوري الايرلندي" في ايرلندا الشمالية، بعد سلفيه كولين سميث وبول كيرناغان، بينما يعمل ضابط شرطة بريطاني رابع هو نيل بيج ضابط اتصال بين "المدربين" الأميركيين ونظرائهم من الاتحاد الأوروبي.

ومن الواضح أن الأوروبيين يمولون قيادة بريطانية لهذا المكتب، وأي قيادة كهذه تفتقد الثقة في مخزون الذاكرة الوطنية الفلسطينية لأنها تذكر بالقيادة البريطانية للشرطة الفلسطينية خلال الانتداب البريطاني الذي سلم فلسطين للحركة الصهيونية.

ويقول ديفيد كرونين، مؤلف كتاب "تحالف أوروبا مع إسرائيل: معاونة الاحتلال"، إن "التوجيهات" لمهمة المكتب "وثيقة الشبه" بخطة ل"مكافحة التمرد" في الضفة الغربية وقطاع غزة اقترحتها بريطانيا عندما كان توني بلير رئيسا لوزراء بريطانيا قبل أن يصبح الآن ممثلا للجنة الرباعية الدولية. وقد تأسس المكتب أوائل عام 2005 ضمن مكتب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي ل"عملية السلام في الشرق الأوسط"، وتمثل مهمته التزاما رئيسيا للسلطة الفلسطينية بموجب "خريطة الطريق" التي تنص في مرحلتها الأولى على تفكيك البنى الأساسية لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي إطار هذا الهدف ولد "التنسيق الأمني" بين السلطة وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وكان المتظاهرون في المسيرة السلمية موضوع "لجنة التحقيق الرئاسية" قد هتفوا مطالبين بإنهاء "التنسيق الأمني". ومن المؤكد أن اللجنة لم تبحث عن "الحلقة المفقودة" في دهاليز هذا التنسيق، ولو فعلت لكانت وجدتها على الأرجح.

ومن المعروف أنه، بموجب الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا توجد سلطة أمنية فلسطينية كاملة، فهذه السلطة الأمنية تقتصر على المنطقة "أ" التي تمثل حوالي (18%) من مساحة الضفة الغربية وهي ليست خالصة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني بل تشاركها فيها قوات الاحتلال، وهذه السلطة الأمنية محرمة على الفلسطينيين في المنطقتين "ب" (22% من مساحة الضفة) بالرغم من وجود شرطة فلسطينية فيها للشؤون المدنية وهي محرمة عليهم كذلك في المنطقة "ج" (أكثر من 60% من مساحة الضفة).

* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.