برلمان الثورة هو برلمان الشعب الذى إنتظرناه طويلا وتخوفنا منه كثيرا وبقدر الخوف كانت سعادة الشعب غامرة بعقد أول جلسات البرلمان المنتخب في مصر بعد ثورة 25 يناير الماضي، اليوم الاثنين، لاختيار رئيس مجلس الشعب ووكيليه ورؤساء اللجان البرلمانية المختلفة، في غياب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي، فيما يتوقع حضور رئيس الحكومة "الانتقالية"، الدكتور كمال الجنزوري. وقد عُقدت الجلسة الإجرائية برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وهو الدكتور محمود السقا، عضو الهيئة العليا لحزب "الوفد"، يعاونه اثنان من أصغر الأعضاء، طبقاً للائحة المجلس، وبدأت بتلاوة قرار رئيس المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد، بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، ثم قام رئيس الجلسة، يليه الأعضاء، بأداء اليمين الدستورية. وعقب انتهاء النواب من أداء اليمين، يعلن رئيس الجلسة عن فتح باب الترشيح لرئاسة المجلس أمام الراغبين من الهيئات البرلمانية المختلفة، ثم يقرر المجلس تشكيل لجنة خاصة للإشراف على عملية الانتخاب، وفى نهاية التصويت تقوم اللجنة بفرز الأصوات، ثم تقدم النتيجة إلى رئيس الجلسة، الذي سيقوم بدوره بإعلان اسم الفائز بمنصب رئيس مجلس الشعب. وفي الجلسة الثانية، يقوم رئيس المجلس الجديد بالإعلان عن فتح باب الترشيح لمنصب الوكيلين، كما يدعو النواب لتسجيل أسمائهم في اللجان البرلمانية التي يرغبون الاشتراك فيها، وبعد ذلك يتم رفع الجلسة الأولى، ثم يعود المجلس للانعقاد لإقرار قوائم اللجان.. ثم يعقد المجلس جلسته الثالثة لعرض نتائج انتخابات تشكيل هيئات مكاتب اللجان النوعية، والتي تضم 19 لجنة، ليناقشها المجلس قبل إقرارها بصفة نهائية. إلى ذلك، نقل موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، عن أمين عام مجلس الشعب، المستشار سامي مهران، قوله إن المشير حسين طنطاوي، القائد الأعلى للقوات المسلحة لن يحضر الجلسة الافتتاحية ل"برلمان الثورة"، وأوضح، في تصريحات تلفزيونية، أنه "إذا أراد المشير الحضور، لابد أن يدعو المجلس للانعقاد في جلسة خاصة، لإلقاء بيان." وأكد مهران أن الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء، سيهنئ النواب بإفتتاح أولى جلسات مجلس الشعب. وأضاف أنه سوف يدخل الجلسة الأعضاء فقط، حتى لو لم يستخرجوا البطاقات الجديدة للمجلس، بعد التأكد من هويتهم، وأشار إلي أن 20 نائباً، من أصل 508 عضواً، لم يستخرجوا كارنيهات مجلس الشعب حتى مساء الأحد. من ناحية أخرى، أعلن حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والفائز بأغلبية مقاعد البرلمان، أن الهيئة البرلمانية للحزب انتخبت الدكتور محمد سعد الكتاتني، ليكون مرشح الحزب لرئاسة البرلمان، وحسين إبراهيم، عضو المكتب التنفيذي للحزب، رئيساً للهيئة البرلمانية للحزب. كما أعلن الحزب، أسماء الأعضاء المرشحين لرئاسة اللجان المختلفة، سواء من نواب الحزب أو الأحزاب الأخرى، والتي تم التنسيق بشأنها بين عدد من الأحزاب والكتل البرلمانية الممثلة في المجلس، وأشار إلى أن هناك لجان أخرى "مازالت محل التشاور حتى الآن." وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب إنه تم الاتفاق على ترشيح المستشار محمود الخضيرى (مستقل) رئيساً للجنة التشريعية، والدكتور عصام العريان (حرية وعدالة) رئيساً للجنة العلاقات الخارجية، والدكتور محمد السعيد إدريس (الكرامة) رئيساً للجنة الشئون العربية، والشيخ سيد عسكر (حرية وعدالة) رئيساً للجنة الشئون الدينية، والمهندس محمد عبد المنعم الصاوي (الحضارة) رئيساً للجنة الثقافة والإعلام. وأدى الاعضاء الجدد بعد ذلك اليمين الدستورية بدءا برئيس الجلسة الى معاونيه. وعند تلاوة قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعيين عشرة أعضاء ، حيا الدكتور محمود السقا رئيس الجلسة المجلس على دوره إبان وعقب الثورة المباركة. وقال متبسما ''إن هذا القرار خاص بالعشرة المبشرين بهذا المجلس العظيم'' ، وقابل الأعضاء كلام السقا بالتصفيق الحاد. أما نائب حزب (النور) ممدوح إسماعيل فقد أثار أزمة عند تلاوته لنص اليمين الدستورى حيث تجاهل كلمة (وأن أحافظ على النظام الجمهورى)..فرد عليه رئيس الجلسة مطالبا إياه بالالتزام بالنص الوارد باللائحة الداخلية بالمجلس .. فلم يستجب فى البداية فألح عليه السقا قائلا له ''أخى وصديقى أرجو تلاوة النص الصحيح''. وعاد إسماعيل معقبا ''أنا لم أخالف النص بينما أنت الذى خالفته عندما قلت عن الأعضاء المعينيين (العشرة المبشرون) وهم العشرة المعينون''. وتدخل نائب السلفيين الآخر مؤيدا إسماعيل قائلا ''إننا لا يجب أن نقول النظام الجمهورى بينما نحن لا نعرف شكل النظام الذى سنكون عليه'' ثم عاد إسماعيل وتلا النص صحيحا..وعقب نهايته قال ''فيما لا يخالف شرع الله''. ثم عقب السقا على أحد النواب الذى زاد فى النص وقال ''وأن أحافظ على أهداف ثورة 25 يناير'' .. نحن لسنا بحاجة للمزايدة علينا. وعند حلول موعد آذان الظهر ، قام عدد كبير من النواب الذين أدوا اليمين الدستورية بمغادرة قاعة المجلس لأداء الصلاة بمسجد المجلس الذى امتلأ عن آخره بالمصلين فيما انتظر باقى النواب لأداء اليمين ثم بعدها تأدية الصلاة. وخالف رئيس الجلسة الدكتور محمود السقا التوقعات برفع الجلسة أثناء الصلاة ، واستمر النواب فى أداء اليمين الدستورية. وقال النائب سامح مكرم عبيد - قبل أداء اليمين - باسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا ولم يعقب رئيس الجلسة الدكتور محمود السقا. أما النائب المعين عمر صابر عبدالجليل فقد اعترض على وصف السقا للاعضاء المعينيين بأنهم العشرة المبشرون..وقال موجها حديثه للسقا ''إذا كنت تقصد السخرية منا فأنا أرفض هذا الوصف وإذا كان غير قانونى فأنا أرفضه أيضا''. ورد السقا على النائب قائلا ''إننا كلنا مبشرون بأن نخدم الوطن''.. وطالبه بألا يأخذ الكلام على عواهله. وأضاف ''بشراك أن أصبحت عضوا فى مجلس الثورة..وطلب حذف أية زيادة قالها النواب على اليمين الدستورية''. وقد استغرق أداء النواب الجدد لليمين الدستورية نحو ثلاث ساعات. من جهته ثار المحامي ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب عن حزب الأصالة، أول أزمة في أولى جلسات مجلس الشعب ، بإضافته جزء في القسم الدستوري. وقال:'' أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على سلامة الوطن والنظام الجمهوري وأن أرعى مصالح الشعب وأن احترم الدستور والقانون'' مضيفا:'' فيما لا يخالف شرع الله''. وهنا اعترض محمود السقا رئيس الجلسة على ما قاله إسماعيل، وأصر على إعادة القسم مرة أخرى، وعلى نهج إسماعيل سار عدد من نواب السلف، فيما نحى آخرين مثل زياد العليمي منحا آخر حيث أضاف للقسم جزء يتعلق بالحفاظ على الثورة، والشهداء. من جانبها وصفت كاثرين آشتون المفوضة السامية المسئولة عن الأمن والعلاقات الخارجية بالإتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، انعقاد أولى جلسات مجلس الشعب المصري بعد ثورة 25 يناير بأنه حدث تاريخي. وقالت آشتون،"أن أنظار العالم أجمع تتجه اليوم صوب مصر وتتابع باهتمام ما سينتج عن هذا الاجتماع". نتمنى من برلمان الثورة ونوابه أن يكونوا على قدر المسئولية التىالقاها الشعب عليهم فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد لنعبر بمصر من النفق المظلم لنور وافاق أكبر وارحب وأكثر عدالة وديمقراطية .